د- يحيى العريضي
أثارت المقترحات المقدمة من قبل بعض أعضاء «اللجنة الدستورية» السورية، حول استبعاد أي مادة دستورية تنص على مرجعية الدين الإسلامي كدين لرئيس الدولة، ومصدر رئيسي للتشريع في سورية، خلافات وانتقادات حادة. واتهم عضو «هيئة القانونين السوريين»، القاضي خالد شهاب الدين، بعض أعضاء اللجنة الدستورية، بمجاراة روسيا، التي تحدثت في وقت سابق عن رغبتها بوضع دستور عَلماني لسوريا. وقال في تصريح خاص لـ «القدس العربي»، إن عدداً من أعضاء اللجنة الدستورية المصغرة (15 عضواً)، «لا يرون تعارضاً في الرؤية الروسية لشكل سوريا المستقبلي، البعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي». وأضاف شهاب الدين، بأن «هؤلاء الأعضاء يستندون إلى رغباتهم الشخصية في تلك الطروحات، وهذا ناجم عن عدم اختيار اللجنة من قبل القواعد الشعبية السورية».
وأكد في هذا السياق أن مسودة الدستور التي وضعتها روسيا في وقت سابق، هي التي تناقش حالياً في اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف بسويسرا، وتحديداً من أعضاء «منصة موسكو»، ومن بعض المستقلين، علماً بأن ذلك سيؤدي إلى زيادة الشرخ الطائفي بين أبناء سوريا بأكثريتهم المسلمة.
وبسؤاله عن الشخصيات صاحبة المقترحات هذه، ذكر شهاب الدين أسماء عدة، منها عضو «هيئة التفاوض السورية» عن المستقلين بسمة القضماني، ورئيس اللجنة الدستورية المشترك عن المعارضة، هادي البحرة، وعضو «منصة موسكو» مهند دليقان. ورأى أنه «لا يمكن لشخصيات تم وضعها في لجنة صياغة الدستور أن تفرض رؤيتها الشخصية على الشعب السوري، وخصوصاً أن هذه الشخصيات لا تعرف من سوريا إلا الاسم»، كما قال.
وقال شهاب الدين، إن ما يجري بعد مخالفة للقوانين الدولية التي تنص على اختيار الشعوب لدساتيرها، وتحديداً فرض القانون المدني في الأحوال الشخصية، داعياً الشعب السوري إلى قطع الطريق على هذه الدعوات، من خلال التعبير عن الرفض للجنة الدستورية، وكل ما ينتج عنها.
وكانت «هيئة القانونيين السوريين» قد عبرت عن رفضها بعض المقترحات المقدمة من قبل بعض أعضاء «اللجنة الدستورية» السورية، حول استبعاد أي مادة دستورية تنص على مرجعية الدين الإسلامي كدين لرئيس الدولة، ومصدر رئيسي للتشريع في سوريا.
وقالت في بيان، أمس الأحد، ووصل لـ»القدس العربي» نسخة عنه: «تطالعنا بعض أطياف المعارضة السورية، كل يوم بمشاريع دستورية وقانونية لا تمت إلى قيم المجتمع السوري وشرائعه وأخلاقياته وأدبياته بداعي الحداثة والمعاصرة، ومنها مشاريع علمانية الدستور انطلاقاً من دعوات فصل الدين عن الدولة، أو حيادية الدولة بالنسبة للأديان والعقائد».
وأكدت «الهيئة»، أن مواد الدستور الخاصة بمصادر التشريع، والأحوال الشخصية للسوريين، لم تكن يوماً مكاناً للخلاف منذ كتابة أول دستور لسوريا، بل كانت محط إجماع الشعب السوري، الذي يدين غالبيته بالدين الإسلامي.
وفي المقابل عدّت الدعوات هذه، بأنها استهداف لأغلبية الشعب السوري، واستهدافها بأقدس مقدساتها، معتبرة أن الاستمرار في هذا النهج يعمق الشرخ المجتمعي، ويزيد الوضع تمزيقاً، ويغذي نزعات الاقتتال والصراع الطائفي والديني. ووصفت «الهيئة» الأصوات المطالبة باستبعاد أي مادة دستورية لها علاقة بالإسلام، بـ»النشاز»، وتحديداً التي تدعو لإلغاء قوانين الأحوال الشخصية الخاصة بكل من المسلمين والمسيحيين والدروز، وإخضاعهم للعقد المدني. وختمت بيانها بقولها: إن «كل ما ذكر يؤكد أن ما يسمى باللجنة الدستورية لا تمثل السوريين، حيث لم يخترها الشعب السورية، ولم يقبل بها، ولذلك من الطبيعي أن نسمع ونرى هكذا مشاريع لا تمت للوطنية بصلة».
وفي رده على ذلك، قال عضو اللجنة الدستورية، الدكتور يحيى العريضي: «للآن لم يتم الخوض في مضامين دستورية، ولم يتم طرح أي مادة، وما يثير الاستغراب هذا الهجوم الاستباقي من قبل هيئة القانونيين، علماً بأنه لم يتم البت في شيء». وأضاف لـ»القدس العربي»، لا زلنا كوفد معارض نخوض صراعاً مع وفد مقابل مؤلف من شخصيات مخابراتية لا علاقة لها بكتابة الدستور، وذلك في إشارة إلى عدم جدية النظام.
والخميس الماضي، اختتمت اللجنة الدستورية الجولة الأولى للاجتماعات في جنيف، وذلك بعد عشرة أيام على انطلاقها، على أن تجتمع مجدداً في الـ25 من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. ووفق مصادر، فقد ناقشت الجولة الأولى عدداً من القضايا، منها سيادة القانون وعلاقته بحرية المواطنين، وقانونية التوقيف وعدالة المحاكم، وحيادية الدولة، إلى جانب إجراء مقارنة ومراجعة لكل التجربة الدستورية السورية».
المصدر: القدس العربي