محمد الحلبي
إن لم تتحّول الثورة السوريّة إلى ثورة مسلحة، هل كنا سنصل إلى ما نحن عليه اليوم؟!
في عام ٢٠١١ انتفض أغلب الشعب السوري في ثورة سلميّة تدعو إلى إسقاط نظام الأسد الاستبدادي، وتدعو إلى إقامة نظام ديمقراطي مدني، وعُبّر عن ذلك بمظاهرات سلميّة حتى عام ٢٠١٢، وبعدها تحّولت الثورة تدريجيّاً إلى حمل السلاح، وربما ذهبت الثورة وبقي السلاح. لو لم يكن هناك سلاح هل كان سيستمر الطاغوت الأسدي في مجازره حتى الآن؟ هل كان سيستطيع تنفيذ مشروع وضع يد إيران وروسيا على ثروات البلاد وعلى الأرض؟ هل كان سيصل عدد الضحايا اليوم لأكثر من مليون ضحيّة؟ وأكثر من سبعة ملايين نازح؟ وأكثر من خمسة ملايين مهجر؟ هل كان يستطيع اعتقال أكثر من 400 ألف معتقل؟ هل كان سيتحول أكثر من ٧٠٪ من سورية إلى رماد؟ ومختصرًا لهذا، هل كان سيبقى الأسد أساساً؟
بات السلاح اليوم أمراً واقعاً، ولم يعد خيار حمله لنا، لكن ربما يجب علينا الآن قبل إسقاط ومحاسبة نظام الأسد، إسقاط ومحاسبة بعض قادة الفصائل العسكريّة التي تقاتل تحت لواء الثورة، فقبل بضع سنوات قامت حرب بين فصائل الثورة في الغوطة، من أجل السيطرة على قرية واحدة، وراح ضحيتها أكثر من ألف قتيل، ونذكر أيضًا حادثة معبر كراج الحجز في حلب حيث راح ضحية الاشتباكات التي حصلت آن ذاك بين الفصائل المسلحة العشرات من المدنيين، وللأسف فهذا ما زال حتى الآن موجودًا في محافظة إدلب، فإذا ذهبنا إلى أرض الواقع هناك، لن نرى جيوشاً مستعدة لحكم المحافظة ومحاربة نظام الأسد، ربما الذين سنراهم هناك نستطيع وصف البعض منهم بالمافيات التي لا تجيد سوى بسط السيطرة، ومحاربة الفصائل الأخرى، وقمع من يقف في وجههم، فهؤلاء فعلوا وما زالوا يفعلون كل هذا ولم يسقط الطاغوت بعد.
ماذا لو سقط نظام الأسد اليوم؟ من سيتكفل بنزع السلاح من أيديهم؟ بل نستطيع القول ما الفرق بينهم وبين نظام الأسد غير أن النظام عنده إمكانيات أكبر للقتل والتدمير؟ إذا نظرنا إلى أهم أسباب سقوط الغوطة وحلب وبقية المدن والقرى السوريّة التي كانت تحت سيطرة الفصائل، سيكون السبب تخاذل بعض تلك الفصائل، واليوم فإن إدلب آخر ملجأ للثورة، وربما تسقط قريبًا ولذات السبب، كل هذا حصل ويحصل وهم أصحاب قضية واحدة حتى الآن والتي هي إسقاط نظام الأسد. فماذا لو سقط الأسد وبدأ كلاً منهم البحث عن مصالحه بشكل أكبر؟! ماذا سيحل بالشعب السوري المتبقّي في تلك المناطق؟ وتجدر الإشارة هنا إلى أنني لا أشمل بتوصيفي هذا كافة القيادات أو الفصائل وإنّما البعض منهم.