محمد ناجي صحافي
كشفت مصادر أمنية في بغداد عن أن عدداً من قادة قوات الحشد الشعبي غادروا العراق إلى إيران، بعد ساعات من مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني والرجل الثاني في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، في غارة أميركية استهدفت الآلية التي كانا يستقلانها في العاصمة العراقية فجر الجمعة.
الخزعلي والولائي
المصادر كشفت لـ “اندبندنت عربية” عن أن استخبارات الحرس الثوري الإيراني وفّرت معلومات تؤكد وجود شخصيتين عراقيتين على الأقل، على لائحة اغتيالات أميركية جديدة بعد مقتل سليماني والمهندس، مشيرةً إلى أن الشخصيتين هما زعيم حركة عصائب “أهل الحق” قيس الخزعلي وزعيم كتائب “سيد الشهداء” أبو آلاء الولائي.
ولم يثبت حتى الساعة ما إذا كان الخزعلي أو الولائي هما من بين قادة الحشد الشعبي الذين تركوا العراق نحو إيران خشية التصفية الأميركية بعد مقتل سليماني والمهندس، لكن المصادر أكدت أن من بين المغادرين شخصيات من الصف الأول.
رسالة الخزعلي
وقال مراسل “اندبندنت عربية” إنه اطلع على صورة لرسالة خطها الخزعلي بيده، موجهة إلى “المجاهدين المقاومين”، يدعوهم فيها إلى “التأهب والجهوزية”.
من وجهة نظر زعيم ميليشيا عصائب “أهل الحق”، فإن ثمن مقتل المهندس هو زوال الوجود العسكري الأميركي في العراق، وثمن مقتل سليماني هو زوال إسرائيل، مقابل دماء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.
ولم يكن مضمون رسالة الخزعلي لافتاً، لأنه ليس جديداً، بل المثير هو شكلها، فقد خُطت على ورقة مستخدمة من جانبها الآخر، ما يدلّل على لحظة الارتباك التي جسدتها، وعزلة صاحبها عن العالم بسبب ورود اسمه في لائحة الاغتيال الأميركية.
واعتبر مراقبون أن الظروف التي أحاطت بإخراج رسالة من هذا النوع، تؤكد أن الخزعلي نُقل إلى موقع محصن يفتقر لسبل التواصل التكنولوجية مع العالم الخارجي، وعندما اضطُّر إلى الحديث مع أتباعه، اختار وسيلة انقرضت، وهي الكتابة بخط اليد، بعدما كان يستخدم فيسبوك وتويتر للإفصاح عن مواقفه.
السيستاني يحبط إيران
وأبدى المرجع الشيعي الأعلى في مدينة النجف العراقية علي السيستاني، مخاوف عميقة، على حد وصف مراقبين، على إثر مقتل سليماني والمهندس، وذلك بدعوته جميع الأطراف إلى ضبط النفس.
وقال عبد المهدي الكربلائي، ممثل المرجع الشيعي الأعلى في النجف نقلاً عن السيستاني، “تتسارع الأحداث وتتفاقم الأزمات ويمر البلد بأخطر المنعطفات، فمن الاعتداء الآثم الذي تعرضت له مواقع القوات العراقية في مدينة القائم وأدى إلى استشهاد وجرح العشرات من أبنائنا المقاتلين، إلى الحوادث المؤسفة التي شهدتها بغداد خلال الأيام الماضية، إلى الاعتداء الغاشم بالقرب من مطارها الدولي في الليلة الماضية بما مثّله من خرق سافر للسيادة العراقية وانتهاك للمواثيق الدولية، وقد أدى إلى استشهاد عدد من أبطال معارك الانتصار على الإرهابيين الدواعش”، مضيفاً “هذه الوقائع وغيرها تنذر بأن البلد مقبل على أوضاع صعبة جداً”.
ومن وجهة نظر المراقبين، فإن السيستاني يطالب إيران ومن خلفها قوى الحشد الشعبي بضبط النفس، وهو موقف قد يمثّل حرجاً بالغاً لطهران وحلفائها.
طهران كانت تنتظر موقفاً قوياً من السيستاني يساند حملة الوعيد التي أطلقتها ضد الولايات المتحدة، لكنها بدلاً من ذلك، تلقت دعوة إلى ضبط النفس، ستحرجها كثيراً وهي تفكر في الرد على الهجوم الأميركي الذي تسبب في قتل اثنين من أبرز منفذي سياستها الخارجية التوسّعية في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
هل يمكن تعويض القادة
في غضون ذلك، رأى مراقبون أنّ مؤسسة عريقة مثل الحرس الثوري الإيراني يمكنها تعويض مقتل سليماني، وإن كانت الجودة لن تبقى بالمستوى ذاته، إذ يعتمد الأمر على تراكم الخبرة واتساع مدى العلاقات وتطور الكاريزما الشخصية، وهي العوامل التي ساعدت قائد فيلق القدس في النجاح في الكثير من مهامه الخارجية.
لكن المصاعب تبدو أكبر بالنسبة إلى تعويض المهندس، الذي يوصف بأنه “قاعدة بيانات فصائل المقاومة الإسلامية وعقدة اتصالاتها” في العراق مع الحكومة التنفيذية والأجهزة الأمنية.
وقال هشام الهاشمي، وهو محلل أمني يقدم استشارات للحكومة العراقية، إن “اغتيال المهندس سيعقّد الأمور كثيراً في العراق على المدى القريب لأنه كان نقطة التواصل والتهدئة بين جماعات اللادولة والدولة”، معتبراً أن “اغتيال سليماني إعلان حرب محدودة من أميركا ضد إيران وعلى جميع الجبهات، الخليج واليمن وسوريا ولبنان والعراق وإيران وأفغانستان”.
المصدر: اندبندنت عربية