تواجه الميليشيات الموالية لإيران في ريف دير الزور الشرقي، حالة من عدم الاستقرار وتحديات عدة، وذلك على خلفية الضربات الجوية المتكررة التي تتعرض لها مواقعها العسكرية، وتعكس الانشقاقات التي بدأت تضرب الميليشيات الموالية لإيران، وفقاً لمصادر محلية وإعلامية، هذه التحديات على الأرض.
وحسب المصادر، فقد أسهمت الضربات الجوية التي تنفذها طائرات تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، على مواقع عسكرية قريبة من الحدود العراقية، في حدوث حالات انشقاق العشرات من العناصر السوريين عن الميليشيات. وأوضحت أن ميليشيا «الدفاع الوطني» المدعومة والممولة إيرانياً، سجلت انشقاق العشرات من العناصر السوريين، في محيط مدينة البوكمال، مشيرة إلى توجههم من بعد ذلك إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، على الضفة المقابلة لنهر الفرات.
وفي هذا الصدد، أكد الصحافي فراس علاوي، من دير الزور، هذه الأنباء، مشيراً لـ «القدس العربي»، إلى أسباب عدة تقف وراء عمليات الانشقاقات هذه، ومن أهمها أجواء التوتر والحذر التي تسود ريف دير الزور الشرقي، نتيجة الخوف من استمرار الضربات التي ينفذها التحالف الدولي على مواقع عسكرية تابعة للميليشيات الموالية لإيران. وأوضح أن حالة التوتر الإيراني – الأمريكي على خلفية مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، والرد الإيراني على ذلك، زادت من احتمالية تعرض مواقع الميليشيات في سوريا، وهو ما دفع بالعناصر السوريين إلى محاولة الفرار، تجنباً لموت محتم في حال ازدياد وتيرة الضربات الجوية، وفق تأكيده.
وبموازاة ذلك، أشار علاوي إلى الهجمات التي يشنها تنظيم «الدولة» من حين لآخر على مواقع الميليشيات المدعومة إيرانياً، انطلاقاً من البادية السورية، وقال «لا يتوقف التنظيم عن شن الهجمات من أطراف مدينة تدمر غرباً، حتى الحدود العراقية شرقاً، حيث تشكل هذه الهجمات استنزافاً للمليشيات».
ومعدداً الأسباب الأخرى التي تدفع بعدد من عناصر هذه المليشيات إلى الانشقاق، لفت الصحافي إلى عدم وجود قناعة لدى غالبية العناصر السوريين بالقتال إلى جانب الميليشيات المدعومة إيرانياً، موضحاً بقوله: «حاول صانع القرار الإيراني، وعبر استخدام طرق عدة تتراوح بين الترغيب من خلال الوعود بمكافآت مالية أو مناصب في ميليشياتها، والترهيب بمنع عودة أي عائلة أو اعتقال شبابها، تجنيد عدد من شباب المنطقة في ميليشياتها سواء الرسمية أو الميليشيات المحلية، وقد نجحت تحت ضغط الفقر والحاجة والخوف من ضم عدد من أبناء المنطقة من خلفيات عشائرية مختلفة، إلا أن أغلب هؤلاء لم يلتحقوا بكامل قناعتهم بتلك الميليشيات، وها هم الآن يستثمرون أي فرصة لتركها، والهرب نحو مناطق قسد». من جانبه، لم يؤكد الناشط الإعلامي وسام محمد، من دير الزور، خلال حديثه لـ»القدس العربي» الأنباء عن انشقاق العشرات من مقاتلي الميليشيات المدعومة إيرانياً في ريف دير الزور الشرقي.
وقال، إن الأنباء المؤكدة تشير إلى حالات رفض شبه جماعي من قبل المقاتلين السوريين، للأوامر بالتوجه إلى بادية الميادين، خشية من تعرضهم لهجمات مباغتة من قبل خلايا تنظيم الدولة، التي لا تتوقف عن شن الهجمات المباغتة. وحسب محمد، فإن قيادات المليشيات المدعومة إيرانياً، تضع العناصر السوريين في مواجهة خلايا التنظيم، كخط دفاعي أول عن المقرات والمعسكرات التي تسجل وجوداً كثيفاً لعناصر من إيران، وخصوصاً المعسكرات التي تسجل حضوراً لضباط من إيران.
في السياق، لا تزال الأنباء تتواتر عن استقدام الميليشيات المدعومة إيرانياً تعزيزات عسكرية إلى منطقتي البوكمال والميادين في ريف دير الزور الشرقي، بالتزامن مع إجراء تغييرات في القيادات العسكرية للميليشيات، إلى جانب حالة من الاستنفار الأمني المترافق مع فرض إجراءات أمنية مشددة على مواقع الميليشيات العسكرية.
وفي هذا الإطار، ذكرت شبكة «فرات بوست» أن ميليشيا «لواء فاطميون» الأفغاني الموالي لإيران، عيّنت محمد أصيف حيدر، قيادياً عسكرياً ومسؤولاً عن عملياتها في محور ضفة الفرات المقابلة للمنطقة المسيطر عليها من قوات «قسد».
وتابعت، المراقبة عن كثب للتطورات في دير الزور وريفها، أنه كذلك تم تعيين القيادي المدعو «سلطان فاطميون»، كمسؤول عسكري في محاور الميادين وباديتها، وذلك عقب مقتل القيادي رحمت موسوي أبو رحمة بغارة من طيران مجهول، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وهو في طريقه إلى بلدة السخنة شرقي حمص.
المصدر: القدس العربي