استبعد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو انهيار وقف إطلاق النار الذي أعلن في إدلب الأحد الماضي بموجب اتفاق تركي روسي. وقال إن هناك انتهاكات لوقف إطلاق النار لكن لا يمكننا القول إنه انهار.
وأضاف أنه إذا استطعنا وقف هذه الانتهاكات في الفترة المقبلة يمكننا القول إننا حققنا وقف إطلاق النار من جديد، لكن إذا استمرت الانتهاكات والهجمات فلا يمكننا وقتها الحديث عن وقف لإطلاق النار.
وأكد جاويش أوغلو، في تصريحات أمس تطرق خلالها إلى التطورات في إدلب، أهمية وقف إطلاق النار في العملية السياسية في سوريا. ولفت إلى أنه يجب على المعارضة حماية نفسها من هجمات النظام.
وأشار وزير الخارجية التركي إلى أن النظام السوري قتل الكثير من المدنيين خلال قصفه الوحشي للمستشفيات والمدارس وإجباره الكثير على ترك منازلهم. وقال إنه يمكن للجنة الدستورية السورية إحراز تقدم في حال تحققت التهدئة في إدلب.
وذكر جاويش أوغلو أن النظام السوري يؤمن بالحل العسكري في إدلب، وفي حال تحول الصراع لحرب شوارع فإن الحرب لن تنتهي… وصل الناس في المناطق التي يسيطر عليها النظام إلى نقطة التمرد، لأن النظام لا يستطيع تقديم أي شيء لهم، وهذا ما تقوله تقارير استخبارات مختلف الدول.
وأكد الوزير التركي على ضرورة السعي للحل السياسي لإنهاء الحرب في سوريا، مشيرا لجهود تركيا في تحقيق ذلك وتتواصل الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة في محافظة إدلب شمال غربي سوريا بعد عمليات قصف وقعت، أول من أمس، أدت إلى مقتل وإصابة العشرات.
وأحصى مصدر مطلع، أمس، مقتل 39 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمعارضة في المعارك رغم سريان وقف لإطلاق النار بموجب الاتفاق الروسي التركي.
وقال المصدر إن اشتباكات اندلعت قرابة منتصف ليل الأربعاء – الخميس جنوب مدينة معرة النعمان، تزامنت مع غارات كثيفة على رغم سريان الهدنة الروسية التركية.
وأضاف أن المعارك والقصف تسببت في مقتل 22 عنصراً من الفصائل، غالبيتهم من هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) مقابل 17 عنصراً من قوات النظام والمجموعات الموالية له.
وجاءت حصيلة المعارك غداة مقتل 18 مدنيا على الأقل، بينهم طفلان وعنصر من الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل)، جراء غارات شنتها قوات النظام استهدفت المنطقة الصناعية وسوق الهال فيها خلال وقت الذروة، بحسب المصدر.
كانت قوات النظام صعدت بدعم من روسيا منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي عملياتها مجددا في ريف إدلب الجنوبي، تحديدا في محيط مدينة معرة النعمان. وأحصت الأمم المتحدة منذ مطلع الشهر الماضي نزوح نحو 350 ألف شخص غالبيتهم من الريف الجنوبي باتجاه مناطق شمالا أكثر أمنا.
وبعد أسابيع من القصف العنيف، أعلنت كل من روسيا وتركيا التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، قالت موسكو إن تطبيقه بدأ الخميس فيما أوردت تركيا أنه دخل حيز التنفيذ الأحد الماضي.
وتراجعت، وتيرة القصف منذ الأحد قبل أن تستأنف الطائرات قصفها ليل الثلاثاء – الأربعاء على المحافظة التي تضم ومحيطها ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم تقريبا من النازحين.
وكشف وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أول من أمس، عن أن تركيا وروسيا تبحثان إنشاء منطقة آمنة داخل محافظة، حيث يمكن للسوريين النازحين بسبب القتال قضاء فصل الشتاء.
وقال أكار، إن هجمات الجيش الحكومي السوري في المنطقة مستمرة على الرغم من وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأحد الماضي، وإن تركيا تعمل على تعزيز إحدى نقاط المراقبة التي تحاصرها القوات السورية.
ولوّحت واشنطن بفرض إجراءات «اقتصادية ودبلوماسية» على دمشق جراء التصعيد العسكري في شمال غربي سوريا، في وقت طالب تكتل سياسي معارض، المجتمع الدولي بـ«حماية المدنيين بكل الوسائل اللازمة ومنع استهدافهم وتهجيرهم بأي شكل».
وقالت السفارة الأميركية على صفحتها في «فيسبوك»، أمس: «يتوالى صب الضربات الجوية ووابل نيران المدفعية التي تطلقها روسيا وقوات نظام الأسد على المنازل، والمدارس، والمستشفيات، وغيرها من المنشآت المدنية في إدلب».
وتابعت: «حدوث ذلك، وما يشكّله من خرق لوقف آخر لإطلاق النار، بعد أسبوع واحد فقط من زيارة بوتين إلى دمشق، يعد أمراً مخجلاً يدينه المجتمع الدولي. وبينما يظهر (الرئيسان بشار) الأسد و(فلاديمير) بوتين إحساساً زائفاً بعودة الأمور إلى طبيعتها في سوريا، فإن قواتهما العسكرية تطلق هجمات مميتة على الرجال والنساء والأطفال».
وقالت السفارة: «هذه الحملة المنسقة من العنف تسببت في قتل مئات المدنيين ونزوح مئات الآلاف غيرهم. وما دامت استمرت هذه الهجمات الوحشية، فإن الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ أشد الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية ضد نظام الأسد وأي دولة أو فرد يدعم أجندته الهمجية».
من جهته، أفاد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في بيان بأن «إدلب تُذبح، ليس بإجرام روسيا وإيران ونظام الأسد فحسب؛ لكن بتعاجز العالم الحر عن التحرك الإيجابي، والقيام بحماية أهلها وأطفالها، أو السماح لأهلها بسلاح نوعي يردع المجرم ويوقف مجازره». وتابع: «تصعيد الاحتلال الروسي والنظام والميليشيات الإيرانية ليست مجرد خروقات متفرقة، بل سياسة إجرامية ممنهجة، وقد باتت هذه الهدن أداة من أدوات الحرب يستخدمونها من أجل الحشد للهجمات التالية والتحضر للمعركة».
المصدر: الشرق الاوسط