هبة محمد
وسط تصعيد كبير في إدلب شمال غربي سوريا حيث تجري مواجهات طاحنة بين النظام السوري والمعارضة وبينما أسقط الجيش التركي، أمس، الطائرة الحربية الثالثة، للنظام السوري، بعدما اعترضت مقاتلات حربية تركية من نوع «إف 16» بصواريخ (جو – جو) طائرتين للنظام من نوع «إل 39» ما تسبب بإسقاط الأولى وإعطاب الأخرى، وجهت واشنطن رسائل سياسية وإنسانية لافتة داعمة للنازحين السوريين والموقف التركي في سوريا.
أولى رسائل الولايات المتحدة، كانت زيارة وفد أمريكي يضم المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى سوريا جيمس جيفري، ومندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت، برفقة ممثل تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فريدون سينرلي أوغلو الثلاثاء، معبر باب الهوى في إدلب السورية، والتقى وفداً من الدفاع المدني السوري، وذلك في أعقاب زيارة قام بها الوفد الأمريكي للمركز اللوجستي التابع للأمم المتحدة في قضاء ريحانلي في ولاية هطاي جنوبي تركيا، واطلع على معلومات حول عمل المركز من قبل مارك لوكوك، نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
الرسالة الثانية كانت دعم تركيا عسكرياً حيث قال المبعوث الأمريكي الخاص بسوريا جيمس جيفري أمس إن الولايات المتحدة مستعدة لتزويد تركيا بالذخيرة والمساعدات الإنسانية في منطقة إدلب السورية. وأضاف جيفري للصحافيين «تركيا شريك بحلف شمال الأطلسي. معظم الجيش يستخدم عتاداً أمريكياً. سنعمل على التأكد من أن العتاد جاهز ويمكن استخدامه». وعلى نحو منفصل، قال السفير الأمريكي لدى تركيا ديفيد ساترفيلد في المؤتمر الصحافي إن واشنطن تبحث طلب أنقرة للحصول على دفاعات جوية. وكانت السلطات التركية قد طلبت من واشنطن تزويدها بصواريخ باتريوت للدفاع عن أجوائها وتأمين غطاء لطائراتها لكن المسؤولين الأمريكيين ردوا «أن كل أنظمة صواريخ الباتريوت محجوزة بسبب التطورات في الشرق الأوسط وهناك بطارية باتريوت في قاعدة إنجرليك».
وجاءت زيارة الوفد الأمريكي إلى ولاية هطاي ومعبر باب الهوى، كزيارة رسمية من أشخاص يمثلون الإدارة الامريكية، وذلك تزامناً مع العملية العسكرية التركية في سوريا، واللقاء المرتقب بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلادمير بوتين، غداً الخميس، ما جعلها تحمل إشارات سياسية بحسب مراقبين لـ«القدس العربي».
والرسالة الثالثة إنسانية جاءت على لسان الممثلة الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة كيلي كرافت، التي قالت في بيان رسمي إنها «نيابة عن الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو جئت إلى الحدود التركية السورية لإظهار التضامن الأمريكي مع الشعب السوري»، وأعلنت عبر الصفحة الرسمية للسفارة الأمريكية في دمشق عن التبرع بـ»108 ملايين دولار كمساعدات إنسانية إضافية لشعب سوريا استجابة للأزمة المستمرة التي تسبب بها نظام الأسد والقوات الروسية والإيرانية. ويشمل هذا ما يقرب من 56 مليون دولار من مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية وأكثر من 52 مليون دولار من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية». وأضافت «يسر إدارة ترامب أن تعلن اليوم عن تقديم 108 ملايين دولار إضافية من المساعدات الأمريكية لشعب سوريا. قادت الولايات المتحدة الطريق، حيث تبرعت بأكثر من 10 مليارات دولار منذ بداية الأزمة. ندعو الدول المسؤولة الأخرى للانضمام إلى هذا الجهد».
أكثر من 15 مليارات
وحسب البيان فإن المبلغ المقدم «يجلب إجمالي الاستجابة الانسانية الامريكية لأكثر من 10.6 مليار دولار منذ بدء أزمة سوريا» وأضافت «لا تزال الولايات المتحدة أكبر مانحة للمساعدة الانسانية – سواء في سوريا وفي جميع انحاء العالم. هذه المساعدة هي عنصر من استراتيجيتنا للامن القومي لتحديد أولويات الحد من المعاناة الإنسانية. ونحن نقدر جميع المانحين الذين كثفوا وما زالوا يشجعون على السواء المانحين التقليديين والجدد على زيادة جهودهم للمساعدة».
ووفقاً لوكالة الأناضول التركية، فإن الوفد الأمريكي زار المركز اللوجستي التابع للأمم المتحدة في قضاء «ريحانلي» للاطلاع على سير عمليات توزيع المساعدات الإنسانية للنازحين السوريين الفارين من محافظة إدلب شمال غربي سوريا
وتحدثت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت، في تصريح لها، عن أهمية تسليم المساعدات الإنسانية في هذا الوضع للنازحين السوريين، وضرورة العمل على تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وأضافت أن بلادها خصصت 108 ملايين دولار كمساعدات إضافية للسوريين، داعية الدول الأخرى لزيادة مساعداتها، كما حمّلت كرافت، نظام الأسد مسؤولية تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا، مشددة على ضرورة إيقاف روسيا والنظام هجماتهما الوحشية، معربة عن امتنانها لتركيا لتحملها العبء الأكبر في تلبية احتياجات السوريين. وكان الوفد الأمريكي قد وصل إلى العاصمة التركية أنقرة، لبحث تطورات الأوضاع في محافظة إدلب السورية.
مطالب الدفاع المدني
مدير الدفاع المدني في سوريا، رائد الصالح، قال لـ»القدس العربي» إن عضو مجلس الإدارة في الدفاع المدني، عمار سلمو وفريقه، التقى الوفد الأمريكي الرفيع المستوى على الأراضي السورية، عند البوابة الحدودية، حيث دار الحديث حول حماية المدنيين وتأمين عودتهم الى منازلهم بشكل آمن، إضافة إلى الضغط من أجل ايقاف العمليات العسكرية واستهداف المنشآت الطبية وزيادة التدخل في ملف الاستجابة الطارئة من قبل الولايات المتحدة. وتحدث الصالح حول مطالبهم التي وجهت للوفد الأمريكي، وعلى رأسها دعم جهود الإغاثة في الشمال السوري، من أجل تخفيف معاناة المدنيين مؤكداً على أهمية دور الدفاع المدني الذي يواصل الليل والنهار للاستجابة للازمة الكارثية في إدلب ومحطيها والحد منها.
كما كانت المقاتلات التركية ضربت بصواريخ (جو – جو) الأحد مطلع شهر آذار الجاري، مقاتلتين حربيتين من نوع سوخوي 24، وأسقطتهما ضمن مناطق سيطرة النظام، وذلك في أعقاب استهداف مروحيتين للنظام، بصواريخ أرض جو في 11 و14 شباط من العام الجاري في ريفي حلب الغربي وإدلب الشرقي، ليصبح العدد الإجمالي 5 طائرات منذ بدء العملية العسكرية التركية شمالاً.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية إسقاط مقاتلة للنظام السوري من طراز «ال 39» في إطار عملية درع الربيع بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا، جاء ذلك في بيان صادر عن الوزارة، الثلاثاء، قالت فيه: «تم إسقاط مقاتلة حربية تابعة للنظام في إطار عملية درع الربيع المتواصلة بنجاح».
خسائر النظام
وكشفت وزارة الدفاع التركية على تويتر؛ عن حصيلة خسائر النظام السوري، وبينت ان القوات التركية «دمرت اليوم طائرة واحدة لنظام الأسد، وطائرة بدون طيار و6 دبابات و5 مدافع هاوتزر ومنظومتي دفاع جوي و3 مركبات قتالية و5 شاحنات صغيرة و6 مركبات عسكرية ومستودع للذخيرة وحيدت 327 عنصراً للنظام».
من جهته، أعلن رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير، الثلاثاء، عن عزم تركيا على نشر منظومتي «حصار آ» و «حصار او» للدفاع الجوي في إدلب، واستخدامها في عملية «درع الربيع» العسكرية الأسبوع المقبل، قائلاً «سنراهما في ميدان المعركة خلال الأسبوع المقبل».
في غضون ذلك، تتواصل الاشتباكات بوتيرة عنيفة على محور آفس شمال غربي مدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي، بين قوات النظام والميليشيات المحلية والأجنبية الداعمة لها من جهة، والفصائل ومجموعات جهادية مدعمة بالمدفعية التركية من جهة أخرى.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان قوات النظام تحاول استعادة السيطرة على القرية بغطاء جوي من قبل الطائرات الروسية، وذلك تزامناً مع مواصلة القصف التركي المكثف على مواقع قوات النظام في مدينة سراقب وقرى بريفها.
كما استهدفت طائرات مسيرة تركية رتلاً عسكرياً لقوات النظام في منطقة معرة النعمان، وسط معلومات أولية عن قتلى وجرحى جدد، لافتاً الى أن الضربات التركية الجوية والبرية تسببت بمقتل 119 عنصراً من قوات النظام والميليشيات المحلية، بالإضافة لمقتل 20 من القوات الحليفة للنظام السوري من جنسيات أجنبية بينهم 10 من حزب الله و4 إيرانيين.
المصدر: القدس العربي