يضطر كثير من الأطفال في سن التعليم الأساسي للانقطاع عن المراكز التعليمية، نتيجة لسوء الأوضاع المعيشية في مخيمات الداخل السوري، وعدم تخديمها بالمدارس. ومن هذه المخيمات، تجمع مخيمات قاح، الذي يضم نازحين من ريفي حماة وحمص.
فريق “ملهم” التطوعي افتتح، في 29 من شباط الماضي، بشكل رسمي مدرسة تحت إشرافه في مخيم قاح شمالي إدلب، وكان بدأ الدوام فيها في تشرين الأول 2019، ضمن ظروف تعليمية غير مكتملة خدميًا وماديًا.
كانت المدرسة تقتصر قبل أشهر على ثلاث خيام صفية، وهي عبارة عن “كرفانات” مسبقة الصنع، وفيما بعد تم الإبقاء على تلك الخيام، وبناء غرف صفية تتيح للطالب بيئة تعليمية مناسبة.
كما ضمت المدرسة في شباط الماضي، جناحًا خاصًا للهيئة الإدارية، وأماكن مخصصة لدورات المياه، الأمر الذي يشكل جزءًا أساسيًا في أي عملية تعليمية متكاملة، بحسب المسؤول عن المشاريع التعليمية في فريق “ملهم” التطوعي، نعمان بدران.
ويضيف بدران لعنب بلدي أن الحاجة كانت كبيرة كون المنطقة تفتقر إلى المراكز التعليمية لمختلف المراحل التعليمية، إذ لم تتكفل أي جهة في توفير خدمة تدريسية هناك، بالتزامن مع نية الأهالي الذين نزحوا من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي مؤخرًا، الاستقرار في منطقة قاح، بمخيم كفر نبودة.
ويبلغ عدد العائلات التي اتخذت المخيم سكنًا لها ما يقارب 400 عائلة، واستقبلت المدرسة في البداية 235 طالبًا، من أبناء المخيم، إلى أن وصل بعد شهر واحد من بدء الدوام إلى 250 طالبًا، أما في الوقت الحاضر، فيصل عدد الطلاب الملتزمين بالدوام إلى 264 طالبًا في بداية الفصل الدراسي الثاني.
وتوفر المدرسة التعليم الأساسي للطلاب والطالبات من الصف الأول حتى السادس، بهدف إنقاذهم من الجهل والأمية في ظل أكثر الأوضاع مأساوية، بحسب وصف المشروع التعليمي عبر موقع فريق “ملهم”.
أما بالنسبة للمناهج التي يدرسها الطالب في أثناء تعليمه، فاعتمد القائمون على هذا المشروع المناهج المرخصة والمعتمدة من قبل مديرية التربية والتعليم في إدلب.
كما تعمل الهيئة التدريسية في المشروع، على توفير أساليب جديدة لتوصيل المعلومة للطالب دون الاعتماد على التلقين، من خلال عروض توضيحية أو أنشطة عملية تزيد، بحسب بدران، الوعي والنمو الفكري، وتنمي مهارات الطلاب بعد فترة الخوف التي عاشوها بسبب القصف والتهجير.
ويتم تسجيل الطلاب عبر إدخالهم اختبار تحديد مستواهم في الفهم والاستيعاب وأماكن الضعف لديهم، ليتم بعد ذلك وضعهم بالصف التعليمي المناسب، مع التركيز على تعويض الضعف الموجود لديهم، من خلال الأنشطة التعليمية التي تقيّمها إدارة المدرسة.
وفي الوقت الذي بدأت مدرسة “ملهم” فيه العمل، لجأ سكان العديد من المخيمات الأخرى في إدلب لإقامة مدارسهم في العراء، دون أعمدة أو جدران، ليقاوموا نقص الدعم والفقر، الذي بات لصيقًا بخيامهم في إدلب.
ولا تملك “مديرية التربية في إدلب” إحصائية دقيقة عن أعداد المدارس التي انتشرت في المخيمات العشوائية والتجمعات السكانية في إدلب، جراء نقص الدعم المالي الذي يواجهه التعليم منذ بداية العام الدراسي، إلا أنها قدّرتها بأكثر من 60 مدرسة.
أشرفت المديرية، قبل بدء الحملة العسكرية التي شنها النظام السوري وحليفته روسيا على مناطق ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي منذ شباط عام 2019، على 1194 مدرسة في جميع أنحاء المحافظة، ولكن بعد استهداف المدارس، ووقوع بعض المناطق تحت سيطرة قوات النظام، ونزوح نحو مليون شخص نحو الشمال، توقفت 350 مدرسة عن العمل.
المصدر: عنب بلدي