آلاء العابد
شهدنا في الأيام الأخيرة تصريحات جديدة من عدة دول بخصوص الموضوع السوري ورحيل الأسد وأهم التصريحات كانت الروسية. فكانت البداية من تصريح الإعلامي الإسرائيلي ايدي كوهين وتحديد موعد رحيل الأسد وتسليم الحكم لشخص يدعى فهد المصري.
أثارت هذه التصريحات ضجة كبيرة واعتبرها البعض بداية التوافق الدولي ولا سيما الإسرائيلي على رحيل بشار الأسد.
تلاها نشر الوكالة الفيدرالية الروسية المقربة من الرئيس الروسي تقارير وصفت بشار الأسد ب الرئيس الضعيف والعميل وصرحت بضعف فرص نجاحه في الانتخابات المقبلة فهي ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها الإعلام الروسي رأس النظام السوري بشار الأسد.
تلا هذه التصريحات إصدار المجلس الروسي للشئون الدولية خطة عن مستقبل سورية وتهدف إلى رحيل بشار الأسد عن الحكم ووقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد وتشكيل حكومة انتقالية تشمل كل من النظام والمعارضة.
شهدنا في التصريحات الروسية الأخيرة موقف روسيا الأكثر جدية في إحداث تغيير على الساحة السورية يعد فشلها في محاولة تلميع النظام السوري عبر مؤتمر سوتشي وأصبح واضحاً فقدان أمل القيادة الروسية في بشار الأسد وهذا ما أكده الرئيس فلاديمير بوتين عبر لقائه الأخير على القناة الروسية وصرح بأن روسيا ليست محامية دفاع عن الحكومة السورية ولا عن بشار الأسد واصفاً الرئيس السوري بأنه ليس بالملائكة.
وأوضح خبراء بأن روسيا لن تساند بشار الأسد في انتخاباته المقبلة عام 2021 وأنها فقدت الأمل به خاصةً بعد انتشار الفيديوهات الأخيرة لابن خال الرئيس رامي مخلوف والتي تؤكد حجم الفساد المتفشي في سورية لا سيما تردي الأوضاع الاقتصادية أيضاً وهبوط كبير في سعر صرف الليرة السورية حيث وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى أكثر من 1900 ليرة سورية وهو السعر الأعلى في تاريخ سورية.
من وجهة نظر خبراء أيضاً فإن روسيا ستكون مغلقة على نفسها أمام العالم في حال استمرت في دعم الأسد لاسيما أنها أيضاً تعاني من تردي في أوضاعها الاقتصادية وتراجع أسعار سوق النفط وانتشار فايروس كورونا على أراضيها أيضاً لكن ما تخشاه روسيا أكثر هو قانون قيصر الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب فهي تعلم مدى جدية الولايات المتحدة في تشديد فرض عقوبات على كل من يساند النظام السوري ومع شعور الروس بأن التغيير قادم لا مجال بنظرهم فإلى متى ستستمر في معاداة العالم من أجل بشار الأسد؟؟
وتعلم روسيا بشكل كبير أنه لا وجود لحل جدي وإصلاحات حقيقية ما دامت عائلة الأسد على رأس الحكم وتعلم أيضاً بأن النظام السوري لا يريد حلاً لمشكلته بل تمييع الوقت والفرص ولن يقبل في يوم من الأيام بحكومة مشتركة وبأشخاص تمثل المعارضة السورية في البلاد وهذا ما أكدته اللجنة الدستورية الأخيرة وانسحاب وفد النظام من المباحثات.
من وجهة نظر روسيا أيضاً فإنها لن تستطيع النجاح والبداية في مرحلة إعادة الإعمار والمشاركة فيها لتحقيق مكاسب مادية لها ما دام الأسد على رأس الحكم.
كل هذه التصريحات أزعجت مؤيدي النظام السوري وأثارت غضبهم مما جعل خالد عبود عضو مجلس الشعب يكتب مقالًا ترجم إلى اللغة الروسية بعنوان ماذا لو غضب الأسد من بوتين؟؟
مما أثار موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي واعتبر الجميع أن العبود تناسى الدور الروسي الذي قدمته للرئيس الأسد فلولا الروس ما بقي بشار الأسد الى الآن في الحكم.
على صعيد المجتمع الدولي فإن الدول الغربية متأكدة من أنه لا وجود لحل ما دام الأسد على رأس السلطة والقرارات الدولية كانت واضحة منذ البداية فالدول الأوربية حملت الأسد منذ اللحظة الأولى مسئولية الأحداث التي جرت على الساحة السورية من تهجير وقتل واعتقال للسوريين، ولم نشهد إلى يومنا هذا إعادة العلاقات أو فتح السفارات في العاصمة السورية دمشق بل أعلن الاتحاد الأوربي مؤخراً إلى عقد مؤتمر في 13 حزيران / يونيو لمناقشة مستقبل الحل السياسي في سورية برعاية الأمم المتحدة.
وعلى الصعيد التركي فقد كتب البروفيسور جينكيز طومار مقالًا بعنوان من يخلف عائلة الأسد في حكم سورية وأوضح فيه مدى ضعف الأسد الحالي وعدم سيطرته على حكم كامل البلاد وبأنه لن يستطيع العودة إلى ما قبل 2011 وتوافق دولي على رحيله.
الولايات المتحدة الأميركية فقد صرح المبعوث الأميركي الخاص في سورية بأنه طالما بقي بشار الأسد في السلطة لن يكون هناك أي دعم دولي في سورية.
وتأتي كل هذه التصريحات إلى جانب التحركات الدولية ضد إيران وحزب الله أيضاً فمؤخراً صنفت بريطانيا وألمانيا حزب الله اللبناني على أنه منظمة ارهابية وحظرت أنشطته وشنت حملة أمنية على أعضائه مما يعني الضغط أيضاً على إيران واتباعها لإجبارها على الانسحاب من الأراضي السورية.
كل هذه التحولات والتغييرات في المواقف والتصريحات هل ستشهد في الآخر إجبار الرئيس السوري بشار الأسد للتخلي عن الحكم والخروج من السلطة إلى بلاروسيا؟؟ أم هي ضغوطات روسية على العالم من أجل تحقيق مزيد من المكاسب والأطماع لا سيما في أوكرانيا؟
ربما الأيام القدامة ستحمل مزيداً من التصعيد في التصريحات والضغوطات على النظام السوري لا سيما مع اقتراب تفعيل قانون قيصر، لكن ما نتمناه هو الخلاص للشعب السوري من هذا النظام الذي قتل أكثر من نصف مليون إنسان واعتقل الآلاف وهجر الملايين لأكثر من 9 سنوات واغتصب السلطة لأكثر من 50 عامًا وأعاد سورية إلى نقطة البداية بعد تخريبها وتهجير سكانها. نتمنى أن يحمل هذا العام أخباراً مفرحة للسوريين تنسيهم آلامهم وأوجاعهم وتكون بداية طريق الحرية لهذا الشعب الذي ضحى بالكثير وما زال يضحي إلى يومنا هذا من أجل نيل حريته وكرامته للعيش في سلام.
المصدر: اشراق