نائلة الامام
ماذا يجدي بكاؤك على البزورية وهي تحترق أمام ناظريك فتتحرق أسى وأنت تتمنى على الله لو كنت بقربها لتطفئ لهيبها وتنحني لتلملم بكفيك وناظريك ما تناثر من خيراتها مكسراتها وتوابلها وبرغلها ورزها وعدسها وملبسها وسكاكرها ؟!!!
قد زرت كثيرا من أسواق العالم الشعبية بعربها وعجمها وأحلفك بالله هل وقعت عينك على ما يماثل محلاتها ترتيبا وذوقا وجمالا …أسواق دمشق قصائد تكتب بسكاكرها وفواكهها ومخللاتها …تغيظ أعداءها الهمج فيحرقونها بنار غلهم وأحقادهم.
بالأمس بكيت العصرونية …
ولن أبكي البزورية فلن يلملم جراحها إلا شهم كحسن الخراط وكما تصدى لغورو بمقاومة شعبية تنكل بمن جلبهم من السنغال والأفارقة فيتساقطون خوفا وهلعا.
يفتك بهؤلاء الأوباش المغيبين عن الوعي يظنون أن بإمكانهم أن يعيدوا شعبا من أعرق شعوب الأرض إلى بدائيتهم وجهلهم وخرافاتهم مع عصابة على شاكلتهم شاء لها أعداء هذه الأمة أن تتحكم بأغلبيتها.
مقاطع من رثاء العصرونية لمن يشاء أن يتذكرها :
خِزانةَ الشامِ الأثيرةْ …أسفاً على أسفِ…تهوي على أنقاضِها
قلبي على الخَزَفِ…ألملمُ الاشلاءَ من أطباقِها …من ماسِ إبريقٍ
ومن كاساتِها.. من شهقة الصينيِّ من (جاطاتها) من حرقة الصَدفِ
مَنْ أضرمَ النيرانَ في أطيافِها والذكرياتْ ؟؟؟
أينَ الدُّنى ؟!!!!!! اينَ الهوى والأمنياتْ ؟!!!!!!…أينَ الشآمياتُ
من حسانِها..يخْطُرنَ في أسواقِها …يبْتعنَ من آياتِها …من كفِّ
فنانٍ صَناعْ …قد طّبَّقَ الافاقَ من روعاتِها ؟!!!!!!!
مِنْ رَكْبِ زُّوارٍ يتوهُ بسحرِها …يهوى أوابدَها …يهيمُ في جنَّاتِها
من رمَّدَ الالوانَ في هذي المحاجرْ ؟؟؟ من استباها واستباحَ ديارَها ؟؟؟
من هجَّرَ الاطيارَ من أوكارِها …غريبةَ الكفَّين تُغضي والملامحِ واللسانْ
مَن اسكتَ الأذانَ مَنْ؟؟؟ باللطمِ في محرابِها …
من كسَّرَ الاضلاعَ من أقلامِها؟؟؟..
وأراقَ من نزفِ المحابرْ ؟؟؟…من زوَّرَ الآياتِ في أسفارِها ؟؟؟
أنا هنا وابن عصرونٍ على أسوارِها …يحدِّثُ الأكوانَ عن اسرارِها
كم أُضْرِمتْ حممٌ على آثارِها …كم دكَّها غورو؟؟؟ مستهدفا حصونها
ومغيبا تذكارها …كم زفَّها للموتِ طاغيةٌ ؟؟؟ متشفِّياً بدمارِها …
إنَّي أرى رؤوسَهم قد أينعتْ … قد حانَ حينُ قطافِها …إنِّي أرى غزاتهم
مزقاً على أعوادِها .. …إني أراها في غدٍ … أيَّانَ تُبعثُ من رمادِ رفاتِها
ياويلَ نيرونٍ غداً من ثارها ..في قبضةِ الاحرارِ من ثوَّارِها