أمين العاصي
يؤكد الحضور الدبلوماسي الأميركي في افتتاح الجولة الثانية من حوار كردي داخلي في سورية؛ حرص واشنطن على تشكيل مرجعية سياسية واحدة للكرد السوريين، تمثلهم في مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، ما يعكس الاهتمام الأميركي المتزايد بالشمال الشرقي من سورية، الغني بالثروات، والذي يقع أغلبه تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية، التي يشكل الكرد قوامها الرئيسي.
وبدأت الأحد أعمال الجولة الثانية من الحوار بين أكبر كيانين سياسيين كرديين في سورية، وهما المجلس الوطني الكردي وأحزاب “الإدارة الذاتية” الكردية والتي أُطلق عليها مؤخراً تسمية “أحزاب الوحدة الوطنية الكردية” بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يتخذ من الوحدات الكردية، التي تشكل الثقل الرئيسي في “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، ذراعاً عسكرية له في منطقة شرق نهر الفرات. وذكرت مصادر كردية لـ”العربي الجديد” أن زهرة بيلي، وهي ممثلة عن الخارجية الأميركية، حضرت ومظلوم عبدي، القائد العام لقوات “قسد”، الاجتماع الأول من هذه الجولة، في خطوة تؤكّد اهتمام الإدارة الأميركية بإنجاح هذا الحوار، من أجل تشكيل مرجعية سياسية واحدة للكرد السوريين تمثلهم في الاستحقاقات القادمة.
وكانت الجولة الأولى من هذا الحوار قد بدأت في إبريل/نيسان الماضي وانتهت في 17 يونيو/حزيران، ووُصفت بـ”الناجحة”، على الرغم من أن المتحاورين لم ينخرطوا خلالها في مناقشة الملفات الخلافية والأكثر أهمية. وأوضح عضو الهيئة الرئاسية لـ”المجلس الوطني الكردي”، المنسق العام في حركة “الإصلاح الكردي”، فيصل يوسف، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن أبرز الملفات على طاولة الحوار الكردي الكردي في جولته الثانية كانت “مناقشة تشكيل هيئة قيادية تكون صاحبة الصلاحية في القضايا الكردية، وفق اتفاق دهوك”.
واعتمد الطرفان المتحاوران في ختام الجولة الأولى اتفاق دهوك، الذي تمّ برعاية من قيادة إقليم كردستان العراق وأبرم في أكتوبر/تشرين الأول 2014، أساساً للمفاوضات. ونصّ الاتفاق على تشكيل مرجعية سياسية كردية، على أن تكون نسبة تمثيل “حركة المجتمع الديمقراطي” (لاحقاً أحزاب الوحدة الوطنية الكردية هي 25 حزباً) فيها 40 في المئة، و”المجلس الوطني الكردي” 40 في المئة، و20 في المئة للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين. كما نصّ الاتفاق على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 32 شخصاً، ممثلين وفق الآتي: 12 من “حركة المجتمع الديمقراطي”، و12 من “المجلس الوطني”، وثمانية من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين. ومهمة هذه المرجعية هي “رسم الاستراتيجيات العامة وتجسيد الموقف الموحد، وتشكيل شراكة فعلية في هيئات الإدارة الذاتية، والتوجّه نحو الوحدة السياسية والإدارية، ومشاركة كل المكونات الأخرى”.
وعن دلالات الحضور الدبلوماسي الأميركي في افتتاح الجولة الثانية، أشار يوسف إلى أن “وزارة الخارجية الأميركية تسعى جدياً لوحدة المعارضة السورية وإحياء مسار جنيف التفاوضي مع النظام”.
وحول انعكاس تشكيل هيئة قيادية كردية على التمثيل الكردي في مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة؛ أشار فيصل إلى أن المجلس الوطني الكردي “لطالما أكد باستمرار على توسيع التمثيل الكردي في العملية السياسية الجارية في البلاد”، مضيفاً: “إن توفّقنا بتشكيل هيئة قيادية كردية فلا شك أنها ستسعى كي تمثل الشعب الكردي في سورية، والالتزام بالقرارات الدولية ذات الشأن ولا سيما القرار 2254”.
وقبيل الجولة الثانية من هذا الحوار، انخرط المجلس الوطني الكردي، المنضوي في صفوف المعارضة السورية، في تشكيل سياسي جديد حمل اسم “جبهة السلام والحرية”، ضمّه مع المنظمة الآثورية الديمقراطية، وهي أيضاً منضوية في المعارضة السورية، وتيار “الغد السوري” الذي يرأسه أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني السوري الأسبق. واعتبرت هذه الجبهة خطوة متقدمة من المعارضة السورية ليكون لها دور سياسي فاعل في منطقة شرق نهر الفرات التي تسيطر عليها قوات “قسد”، المُستبعَدة من المعادلة السياسية المعارضة. وحول هذه الخطوة، أشار فيصل إلى أن رؤية الجبهة الجديدة “تؤكد على ضرورة وحدة المعارضة على أرضية الالتزام بالعملية السياسية الجارية برعاية دولية”، مضيفاً: يُكمل بعضنا بعضاً في كل شيء، ونعمل على تطوير سورية الديمقراطية المتعددة وازدهارها.
المصدر: العربي الجديد