مصعب عيسى
لو كنت أعلم أين تسير خطاي
لما مشيت على الاسفلت ساعة يا رفيقي
رصيف تعثر بالحلم البعيد
فأوقفني حاجز الصمت الرهيب
وسؤال الهوية
الذي طالما لاحقني مثل ظلي القديم
هل خيالا يدرك تعريف الوطن ؟
هل تدلني العصافير على شجر اللوز
وزهر الاقحوان
لو كنت احترف البغاء
لصرت سيدا في حضرة القوم
لكنني لاجئ متعدد الجنسيات
تحملني الريح من منفى لآخر
وتسعفني الابجدية كي اكتب
رواية الوطن المصاب بالاحتمالات
لو كنت شاعرها الجميل
لطوبت لي نهدها مدى الحياة
انا اتجذر في الأرض كل ثانية
واغوص في عمق الجغرافية البعيدة
حتى اسودت وجنتاي
وتقعرت عيني من فرط الهواجس
لم تعد انثاي لي
منذ وهبت نفسي لوطن لم اراه
هل كنت ساراه يوما
هل اراه
هل لي وطن حقا على
هذه الأرض ….
لو كنت املك تعريفا للحب
لأصبحت مفكرا
تطارده المجلات وأجهزة الاعلام
الصوتية والمرئية
لكنني قرات غابرييل غارسيا ماركيز:
لا تعريف للحب
فكيف أفسر ظاهرة لا تفسير لها
في الحب كما في الوطن
مفردتان خفيفتان على اللسان
ثقيلتان في ميزان البشر
عصيتان على الادراك
أيها الوطن المحبب لي
أيها الحب الوطني
ايتها المفردات
تعب الكلام من قراءة ما بين السطور
تعب الحلم من مشواره السرمدي
تعب الصمت
تعب الذهول
تعبت كل الأسئلة
والاجوبة
وكل الاحتمالات
يا حبر
يا موسيقى القصيدة
أوضح لنا الوجد
وتجليات الروح …وتضاريس الأرض البعيدة
أفصح لنا عن استعارات البنفسج والحبق
ازح ستار الغم عن تلك الكنايات
وانت ايتها المسافات بين الشفاه وبين الشفاه
اقتربي قليلا
ليختمر النبيذ على فم العاشقين
وتطير الحمامات
أيها الحب …
يا إله النشوة.. والبقاء
كن تكوينا في ليل غربتنا المهاجر
كن ليلكا في السماء
كن صخرة المعراج
وسورة الاسراء
وقيامة العشق الجديد
كن طائر الفينيق من قلب الرماد
واحرقنا بنارك …
ادفئنا قليلا
دثرنا باللهاث المستعر
بأزيز القبل الحارقة
بالأغنيات
بقصائد الحب والبارود
احملنا سحابا فوق كل الطائرات
ارنا سماءنا الأولى.. وذاكرة الكون الممتد
من البعيد الى البعيد
كن نبينا المعاصر
واحمل عنا ذنوبنا.. وخطايا المنافي
والرحيل
لو كنا نعلم …اننا سنتوه
لما خرجنا من نص القصيدة
ولا وطئت اقدامنا …ارضا يباس
يا وطنا …بهيئة عاشقة
يا عشقا على هيئة وطن
اجمع ضحاياك …على شاطئ النكبات
وأشعل في ثنايا اكوام التراب
نارا …
وانثر رماد الجسد
فوق نص القصيدة
واكتب بفاتحة الكتاب:
هنا يرقد العاشقون والحالمون بوطن
واترك الخاتمة …لمن سياتي