جلال بكور و سلام حسن
نفت “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، الإثنين، أنباء موافقتها على تسليم مدينة عين عيسى في ريف الرقة شمالي سورية، لقوات النظام برعاية روسية، فيما جدد الجيشان التركي و”الوطني السوري” القصف على مواقع للمليشيات في المنطقة.
ونفت مصادر عسكرية من “قسد”، لـ”العربي الجديد”، الأنباء التي نقلتها وسائل إعلام روسية عن التوصل إلى اتفاق حول تسليم “قسد” لمدينة عين عيسى. وأكدت أن الأوضاع في المدينة ما زالت على حالها من دون أي تغيير.
ووفق مصادر عدّة، فإن “قوات سورية الديمقراطية لم تنسحب من مدينة عين عيسى ولن تنسحب منها، وليس هناك أي تغيير في خارطة السيطرة في المدينة ومحيطها”.
وقالت المصادر إن ما نقلته وسائل إعلام روسية عن وجود اتفاق على انسحاب “قسد” من عين عيسى “غير صحيح وعار عن الصحة”، مشيرة إلى وجود ضغوط روسية على “قسد” من أجل تسليم المدينة للنظام.
وكانت وكالة “سبوتنيك” الروسية قد نقلت، في وقت سابق، عن عضو هيئة “المصالحة الوطنية”، عمر رحمون التابع للنظام السوري قوله، إنّ “اجتماعاً عقد أمس الأحد، وتم التوصل فيه إلى اتفاق على تسليم مدينة عين عيسى لقوات النظام والجانب الروسي”.
ونقلت الوكالة عن رحمون قوله: “لا توجد حتى الآن معلومات دقيقة حول بنود الاتفاق الكاملة، ولكن الأكراد أخبروا الجانب الروسي أنهم على استعداد للانسحاب من عين عيسى بشكل كامل، وأن الخطوات العملية على الأرض سوف تبدأ خلال الساعات القليلة المقبلة”.
ونقل موقع “روسيا”، مساء أمس الأحد، عن نائب مدير “مركز حميميم لمصالحة الأطراف المتناحرة في سورية”، والتابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء البحري فياتشيسلاف سيتنيك، قوله في بيان: “بهدف تعزيز الجهود لإرساء الاستقرار في منطقة عين عيسى، وصلت اليوم إلى هناك وحدات إضافية للشرطة العسكرية الروسية”.
وأشار سيتنيك إلى تسجيل أوضاع غير مستقرة في منطقة عين عيسى، مضيفاً أنه “تم سابقاً خلال مفاوضات مع الطرف التركي التوصل إلى اتفاقات حول إقامة نقاط روسية سورية مشتركة”، لكنه لم يشر إلى التوصل إلى اتفاق يقضي بتسليم كامل المدينة للنظام السوري.
ولم تسجل على الأرض أي عملية انسحاب من قبل “قسد” من محاور المدينة.
وقالت مصادر مقربة من “قسد”، لـ”العربي الجديد”، إن اجتماعاً حصل أمس الأحد، لكن لم يصدر عنه أي جديد وفق المعلومات المتوفرة، مشيرة إلى أن الجيش التركي و”الجيش الوطني السوري” أعادا الهجوم على محور قرية معلك، فجر اليوم الإثنين، بالمدفعية الثقيلة والرشاشات.
وأضافت المصادر أن المدفعية التركية قصفت وبشكل مكثف مواقع لـ”قسد” في محاور قريتي المشيرفة وجهبل قرب الطريق الدولي شرق عين عيسى، كما قصفت منطقة الصوامع ومناطق أخرى.
ومن غير الواضح ما إذا كان تجدد القصف التركي عملية ضغط مستمرة على “قسد” من أجل الموافقة على الانسحاب من المدينة وتسليمها للنظام السوري، وذلك بعد رفض “قسد” تسليم المدينة في العديد من الاجتماعات التي جرت مع روسيا في هذا الصدد، كما رفض الجانب التركي فكرة بقاء أي قوات من “قسد” في المدينة.
وتشهد المحاور المحيطة بالمدينة منذ أشهر تصعيداً مستمراً من قبل الجيشين التركي و”الوطني السوري”، فيما دأبت “قسد” على تعزيز دفاعاتها وشن هجمات عكسية في محاور التماس في محيط المدينة.
وتتمتع مدينة عين عيسى بموقع استراتيجي قرب الطريق الدولية حلب الحسكة، والتي تصل شرق سورية بغربها وبالعاصمة دمشق أيضاً، وتعد العاصمة الإدارية لمليشيات “قسد” منذ السيطرة عليها بدعم التحالف الدولي ضد “داعش” عام 2015.
مقتل مسؤول لـ”قسد” في دير الزور
على صعيد منفصل، قتل مسؤول سابق في مليشيات “قوات سورية الديمقراطية” في ريف دير الزور، الليلة الماضية، بهجوم من مجهولين، فيما تجددت التظاهرات ضد “قسد” التي شنت أيضاً حملة اعتقالات جديدة في ريف المحافظة التي تشهد توتراً مستمراً على خلفية الاعتراض المستمر على سياسات “قسد” في المناطق الخاضعة لها.
وقال الناشط أبو محمد الجزراوي، لـ”العربي الجديد”، إنّ مجهولين هاجموا، الليلة الماضية، عزيز خلف العكلة، مسؤول “كانتون” قرية الحصين في ريف دير الزور التابع لـ”قسد”، ما أدى إلى مقتله على الفور، مضيفاً أن الهجوم وقع بالسلاح الناري من شخصين ملثمين يستقلان دراجة نارية، حيث هاجما المسؤول أمام منزله في القرية.
وبحسب معلومات نقلها المصدر، كان العكلة قد استقال من منصبه قبل أيام، موضحاً أن “مسؤول الكانتون” في إدارة “قسد” هو بمثابة المختار في الرتبة الوظيفية لدى النظام السوري.
وتشهد مناطق “قسد” في ريف دير الزور، في الآونة الأخيرة، ارتفاعاً في وتيرة الهجمات التي تستهدف الموظفين المدنيين في “قسد”، خاصة بعد إصدار قرارات تتعلق بتجنيد الموظفين والمعلمين إجبارياً للقتال في صفوفها.
إلى ذلك، قالت مصادر لـ”العربي الجديد”، إن وفدًا من وجهاء القبائل والعشائر العربية في مدينة الشحيل شرقي دير الزور، عقد اجتماعاً مع مسؤولين في “قسد”، يوم أمس الأحد، على خلفية الاحتجاجات ضد “قسد” في المنطقة، حيث طالب الوفد “قسد” أولاً بالإفراج عن المعتقلين.
وذكرت المصادر أنّ الاجتماع حضره مسؤولون أمنيون في “قسد” بالإضافة إلى رئيس المجلس المدني التابع لـ”قسد” في دير الزور. وطالب الوفد “قسد” بوقف حملات المداهمة والاعتقالات في المدينة، والعمل على تحسين الواقع الأمني فيها والواقع الخدمي أيضاً.
وأكدت مصادر، لـ”العربي الجديد”، أن قوات الأمن التابعة لـ”قسد” شنت، أمس الأحد، عقب الاجتماع، حملة اعتقالات في بلدة الشحيل بريف دير الزور الشرقي، طاولت عشرة شبان على الأقل، وذلك بهدف التجنيد الإجباري.
وقالت المصادر إن “قسد” تلفق تهماً أيضاً للمعتقلين حال إصرارهم على عدم الذهاب إلى معسكر التدريب، منها الانتماء لـ”داعش” أو العمل لصالح الجيش التركي.
وأوضحت المصادر ذاتها أن “قسد” كانت قد أفرجت عن سبعة أشخاص من بلدة الشحيل، يوم السبت الماضي، قبيل يوم من الاجتماع، وذلك بعد اعتقالهم في سجونها بتهم مختلفة لمدة طويلة. وكانت “قسد” قد شنت، الجمعة الماضي، حملة اعتقالات أيضاً في قرية أبو النيتل و قرية النملية ومحيطها في ريف دير الزور.
خرق الهدنة مجدداً
من جهة ثانية، جددت قوات النظام السوري والطيران الروسي، اليوم، قصف مناطق خاضعة لاتفاق وقف إطلاق النار في شمال غرب سورية، موقعين أضراراً مادية في ممتلكات المدنيين. في حين شهدت ناحية سلمية الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري ثلاثة انفجارات عنيفة مجهولة المصدر.
وقال الناشط مصطفى المحمد، في حديث مع “العربي الجديد”، إن قوات النظام جددت، اليوم، القصف المدفعي والصاروخي على مناطق في قرى الفطيرة والبارة وفليفل بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، كما طاول قصف مماثل قرية سان بريف إدلب الشرقي.
وتزامن ذلك مع قصف جوي من الطيران الحربي الروسي على محاور تلال الكبانة في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، مسفرة عن أضرار مادية في ممتلكات المدنيين.
إلى ذلك، قالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، إن الجيش التركي بدأ اليوم بإنشاء نقطة جديدة له في قرية كدورة بمنطقة جبل الأربعين في ريف إدلب الجنوبي الشرقي لتشرف على قرى تطل على الطريق الدولي حلب دمشق.
وذكرت المصادر أن هدف النقطة هو السيطرة على جبل الأربعين والإشراف على القرى القريبة من الطريق الدولي حلب دمشق في جنوب شرق إدلب. في حين، شهدت منطقة سلمية في ريف حماة الشمالي الشرقي الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري اليوم ثلاثة انفجارات عنيفة لم يتبين السبب من ورائها بشكل واضح.
وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” إن أهالي المدينة استفاقوا على أصوات عنيفة لثلاثة انفجارات مصدرها مواقع قوات النظام السوري في المدينة، ولم يتبين فيما إذا كانت ناجمة عن قصف لمواقع النظام، أم أنها صادرة عن عمليات تفجير تقوم بها قوات النظام والمليشيات التابعة لها.
ضحايا بتفجيرين منفصلين
في غضون ذلك، قتل خمسة مدنيين بينهم ثلاثة أطفال وعائلة كاملة، الإثنين، جراء انفجارين وقعا في ريف حلب شمال غربي سورية، وفي ريف دير الزور شرقي البلاد، فيما لم تتبين الأسباب الكامنة وراء الانفجارين، اللذين وقعا في منزل وفي محل لبيع المحروقات.
وقال مصدر من الدفاع المدني السوري في حلب، لـ”العربي الجديد”، إن انفجاراً وقع، فجر اليوم، في منزل بقرية قبة التركمان في ريف حلب الشمالي الشرقي، ما أدى إلى انهيار المنزل بشكل كامل فوق ساكنيه، وبعد عمليات البحث من فرق الدفاع المدني جرى انتشال رجل وزوجته وطفلتهما وكانوا قد فارقوا الحياة.
وبحسب المصدر، لم يتبين سبب الانفجار الذي وقع في المنزل وسط القرية، مشيراً إلى أن الانفجار كان عنيفاً وتسبب في تهدم البناء، ولم يتبين فيما إذا كان ناجماً عن عبوة ناسفة أو متفجرات كانت موضوعة في المنزل، مضيفاً أن فرق الدفاع عملت لوقت طويل حتى تمكنت من انتشال الضحايا.
يذكر أن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في ريف حلب الشمالي تشهد فلتاناً أمنياً وهجمات من قبل مجهولين عبر المفخخات والعبوات الناسفة والتي أوقعت مئات القتلى والجرحى من المدنيين.
إلى ذلك، قتل طفلان أيضاً جراء انفجار وقع في متجر لبيع المحروقات في قرية الطيبة في ناحية الميادين بريف دير الزور الشرقي الخاضع لسيطرة مليشيات النظام السوري. وقالت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، إن الانفجار وقع بشكل مجهول ولم يتبين فيما إذا كان ناتجا عن خطأ حدث في المتجر أم أنه ناجم عن هجوم من مجهولين بعبوة ناسفة.
وذكرت مصادر أخرى، لـ”العربي الجديد”، أن الانفجار لم يكن مصدر المتجر، بل وقع في شاحنة وقود توقفت عند المتجر، ويرجح أنها مفخخة بعبوة ناسفة وانفجرت في المكان قبل وصولها إلى نقاط تابعة لمليشيات النظام التي تسيطر على تلك المنطقة.
وكانت قوات النظام السوري قد تعرضت سابقاً لعدة هجمات بعبوات ناسفة وهجمات من مجهولين وكبدتها خسائر بشرية، وأعلنت حسابات على الإنترنت تنسب نفسها لتنظيم “داعش” عن وقوف التنظيم وراء بعض تلك العمليات.
المصدر: العربي الجديد