رائد جبر
بدا أمس، أن فصائل المعارضة السورية استأنفت هجماتها على قاعدة «حميميم» الروسية قرب اللاذقية بعد أسابيع من التوقف، وأعلنت القيادة العسكرية للقاعدة أن دفاعاتها تصدت لهجوم استخدمت فيه راجمات صواريخ بعيدة المدى، في وقت استبعدت موسكو أن تشهد المرحلة المقبلة تغييرات واسعة على سياسة واشنطن في سوريا، بالتوازي مع بروز تقارير إعلامية روسية تحدثت عن مواصلة القوات الأميركية تعزيز وجودها في قواعد عسكرية جديدة في شرق البلاد.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن قواتها تصدت لهجوم على قاعدة حميميم العسكرية مساء الأربعاء. ويعد هذا أول هجوم تتعرض له القاعدة في العام الجديد، وجاء بعد فترة توقف عن استهداف القاعدة استمرت أكثر من شهرين. وقال نائب مدير مركز «حميميم» للمصالحة بين الأطراف المتناحرة فياتشيسلاف سيتنيك، إن قوات الدفاع الجوي الروسية تصدت لهجوم استخدمت فيه راجمات صواريخ بعيدة المدى.
وكانت القاعدة استهدفت سابقا بطائرات مفخخة من دون طيار، وفي حالات محدودة تم استخدام راجمات صواريخ لقصفها من بعد. لكن هذه المرة الأولى التي تعلن فيها موسكو عن استخدام راجمات بعيدة المدى، ما أوحى بحصول الفصائل السورية على طرازات جديدة من الأسلحة. وكانت صحف روسية أشارت قبل أيام، إلى معطيات عن تلقي الفصائل المسلحة في إدلب طرازات جديدة من الأسلحة.
وأشار سيتنيك إلى أن وسائل المراقبة حددت أن القصف نفذ من داخل أراضي منطقة إدلب. وزاد أن الهجوم لم يسفر عن سقوط إصابات أو وقوع أضرار مادية، لافتا إلى أن القاعدة تعمل بنظام اعتيادي.
في غضون ذلك، كشف السفير الروسي في دمشق ألكسندر يفيموف، عن توقعات موسكو حيال سياسة الإدارة الأميركية الجديدة في سوريا. وقال إن واشنطن سوف «تواصل الضغط على الحكومة السورية، وبشكل عام لن تتغير الاستراتيجية الأميركية تجاه سوريا، في عهد الرئيس جو بايدن».
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية عن السفير الذي يشغل في نفس الوقت منصب مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين لشؤون العلاقة مع سوريا أنه «من السابق لأوانه الحديث عن خطط الإدارة الأميركية فيما يتعلق بسوريا. لكن من الصعب، من حيث المبدأ، توقع حدوث إعادة نظر بالنهج الأميركي، وعلى الأرجح، سوف يستمر الضغط المباشر على دمشق».
وأشار السفير، إلى أن «الأميركيين نوهوا بأنفسهم مرات عديدة، بأن وجود الجيش الأميركي على الأراضي السورية، يعتبر من الأدوات الرئيسية لواشنطن في هذا المجال».
وشدد يفيموف، على أن وجود الولايات المتحدة في سوريا «سواء كان ذلك في شرق الفرات أو التنف، غير قانوني ويجب أن ينتهي، لأنه يمنع الحكومة السورية من استغلال الموارد الطبيعية العائدة لها، وهو يعيق كذلك فرض سيادة السلطات الشرعية على كل أرضي سوريا ويعزز التطلعات الانفصالية في شمال شرقي البلاد».
ووفقا للدبلوماسي الروسي فإن وجود القوات الأميركية «يمنع حكومة سوريا من حل المهام الأمنية، لا سيما في المناطق الصحراوية بشرق البلاد. كما أن الدعم الأميركي للعصابات المسلحة العاملة في مخيم الركبان في التنف ما زال يثير تساؤلات». كما أشار السفير إلى «استمرار الوضع المؤسف في السجون ومعسكرات الاعتقال الواقعة تحت إشراف أميركي، فيما وراء الفرات بشمال شرقي سوريا، حيث تتفاقم مشكلات إنسانية جدية».
جاء حديث يفيموف بعد بروز تقارير إعلامية في روسيا أخيرا، لفتت إلى «تنشيط الولايات المتحدة خططا في سوريا، لها أهمية خاصة الناحية الاستراتيجية، وتشكل تهديدا خطيرا لموسكو ودمشق»، وفقا لتقرير نشرته قبل يومين صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا».
ولفت التقرير إلى أنه «من خلال إنشاء وتحديث قواعد جوية ومنصات طيران جديدة على نهر الفرات، تعتزم الإدارة الأميركية زيادة دعم الجماعات المسلحة الكردية. وفي الوقت نفسه، فإن هذا يزيد تفاقم الوضع السياسي والاقتصادي الداخلي في سوريا ويفاقم احتمال تفككها إلى دول منفصلة».
ولفتت إلى ظهور صور حديثة على منصات التواصل الاجتماعي عكست مضي القوات الأميركية في إنشاء بنى تحتية جوية عسكرية جديدة، تنشط فيها وحدات الدفاع الذاتي الكردية من قوات سوريا الديمقراطية (قسد). وزادت أنه بعد نشر قاعدة عسكرية، في المنطقة التي تسمى «القرية الخضراء» فقد أظهرت الصور نشاطا مكثفا لتوسيعها وزيادة طول مدرجاتها.
ولفتت إلى صور أخرى تظهر تعديلات تقوم بها واشنطن في مدرج قاعدة عسكرية أميركية في منطقة الشدادي الواقعة في محافظة الحسكة. ووفقا للصحيفة فقد تم خلال يناير (كانون الثاني) الانتهاء من بناء مدرج بطول 1200 متر، و«بفضل هذا المدرج، أصبحت الشدادي «أكبر قاعدة أميركية متعددة الوظائف في سوريا. «
ولاحظت مصادر الصحيفة الروسية أنه «استناداً إلى متوسط حجم المدارج في القرية الخضراء والشدادي، فإن هذه القواعد مخصصة أساساً لاستقبال مروحيات النقل القتالية والعسكرية والنقل العسكري الخفيف والطائرات الهجومية التكتيكية. ويبلغ طول المدارج في القاعدتين 2.5 مرة أقل من طول المدارج في قاعدة حميميم الجوية الروسية» (حوالي 3 كم).
وفسرت ذلك، بالإشارة إلى أن «الأميركيين في سوريا وخصوصا في منطقة شرق الفرات لا يحتاجون إلى منشآت طيران واسعة النطاق. والبنية التحتية التي تمتلكها الولايات المتحدة هناك والتي يتم تحديثها وتوسيعها حاليا، تجعل بناءً على تجربة السنوات الماضية، من الممكن حل جميع المهام الدفاعية والمحافظة على الوضع في الأراضي التي يحتلها الجيش الأميركي، وهي المناطق الغنية بحقول النفط».
المصدر: الشرق الأوسط