في الوقت الذي تتوالى فيه الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية على مواقع عسكرية في سورية دون أي رد من طرف قوات النظام العسكرية سوى عد الصواريخ وإصدار بيان إعلامي يحصي الإصابات وتحديد هدف العدوان ومكانه؛ تتوارد الأنباء عن اتصالات علنية واجتماعات أمنية مشتركة بين مسؤولين أمنيين في أجهزة النظام ومسؤولين إسرائيليين برعاية روسية مباشرة. بدأت باجتماع أمني في قاعدة حميميم العسكرية الروسية قبل حوالي شهر وصولاً إلى ما ذكرته صحافة العدو الصهيوني قبل أيام عن كمية من لقاحات كورونا قدمتها دولة ” الإسرائيلي ” إلى النظام السوري هدية؛ نظير تعاونه التام فيما يخص البحث عن رفاة جنديين إسرائيليين في سورية والإفراج عن فتاة قطعت الحدود بالخطأ – كما قيل – وليس لها أية صفة أمنية أو عسكرية…ظاهر الأمور وحسبما أعلن من أخبار إعلامية يبين خروج الاتصال بين الطرفين إلى العلن وكأنه تطور جديد في العلاقة بينهما وكأنها اتصالات تتم للمرة الأولى ومن هنا كان الاهتمام الإعلامي بها. والحقيقة أنها تتوسل إخفاء علاقة تاريخية قديمة بين النظام الحالي والعدو الإسرائيلي تعود إلى حرب ٦٧ وحكاية البيان رقم ٦٦ الذي أذاعه وزير الدفاع آنذاك وأعلن فيه سقوط مرتفعات الجولان بأيدي الجيش ” الإسرائيلي ” دون وقوع أية مواجهة عسكرية حيث كانت صدرت أوامر وزير الدفاع للجيش السوري بالانسحاب من الجولان قبل دخول أي عسكري عدو إليها. وهو ما كان قد أدى الى إزاحة قيادات سورية وقتها وتفرد وزير دفاعها بالسلطة لثلاثة عقود إلى أن ورثها لابنه تحت الرعاية الأميركية المباشرة.
بحيث لم تخرج السياسة العامة للنظام والى يومنا هذا من إطار مطلوب لتحقيق جملة أهداف تتعلق بسورية والمنطقة ولبنان وفلسطين. وقد تجلت الرعاية الأميركية للنظام الحالي بتفويضه دخول لبنان سنة ٧٦ وإخراج القوات الفلسطينية منه، وسكوته التام عن مجازر حماه ومجزرة سجن تدمر وكل سلوكيات النظام الإجرامية بحق شعب سورية العربي. ومشاركة قوات عسكرية سورية في الحرب على العراق تحت الإمرة الأميركية. وما الموقف الأميركي المخادع من مطالب الشعب السوري إلا تأكيدًا لتلك الرعاية…كل ذلك لم يكن إلا تأمينًا ل ” إسرائيل ” من أي خطر يأتيها من سورية أو المشرق العربي.. وهذا ما يتم بضمان وحسن رعاية النظام السوري. وما هذه الأخبار المذاعة مؤخرًا سوى توكيد على علاقة قديمة وكم تسربت أخبار لقاءات سابقًا لتنسيق العمل الميداني. ولهذا يوظف الصهيوني ما له من نفوذ ومال وإعلام وامتدادات للتغطية على كل جرائم النظام وتمريرها دوليًا دونما أية ردود فعل تضامنية مع مآسي شعب بأكمله فيما يجري الاهتمام المتواصل وتحريك الرأي العام الدولي وإعلامه السافر بحثًا عن معتقل هنا أو معتقلة هناك.
الأمر الآخر الواضح من مجمل هذه الأخبار أن روسيا هي المهيمن على القرار في سورية في مناطق وجود النظام الذي لا يملك من أمر السيادة شيئًا.. سوى القمع والتعذيب والقتل والتجويع… ليس هذا بجديد أيضًا لكنه توكيد المؤكد لمن يريد أن يرى الواقع على حقيقته. فروسيا التي أنقذت نظام الأسد بتدخلها العسكري المباشر بناء على طلب نتنياهو الصهيوني وبالتنسيق معه؛ سرعان ما أصبحت صاحبة السيادة على الأرض متحولة إلى قوة احتلال فرضت مصالحها ومطالبها بشكل عقود ومعاهدات وصفقات.. ووصل استخفافها بالنظام وكامل سلطته أن تمنعت عن تزويده بلقاحات الكورونا إلا عبر الجانب الإسرائيلي ومن ضمن صفقة تبادل مشينة. كل ذلك إمعان بالاستخفاف بسورية الدولة والوطن والشعب؛ فيما النظام ينفذ ما ترسمه روسيا نيابة عن إسرائيل أو بالتنسيق الكامل معها…وما لجوء روسيا إلى نبش مقابر السوريين والفلسطينيين بحثًا عن رفاة جنديين إسرائيليين دون اعتبار لحرمة أو موت أو رأي سوري رسمي؛ إلا ترسيخ لواقع الهيمنة الاحتلالية الروسية بالتكامل والتنسيق مع القوى الأجنبية الأخرى التي تتقاسم الأرض والنفوذ والموارد في سورية.
في هذا السياق ذاته فإن سكوت النظام حيال الاعتداءات المتكررة على سورية تبين مجددًا طبيعة النظام وحقيقة دوره المشبوه.. فهو ليس معنيًا بالدفاع عن الأرض والوطن حيال أي عدوان. فالسيادة الوطنية عنده ليست إلا استمراره في السلطة وفي التسلط على أبناء شعب سورية. حتى لو أدى هذا الى قتل مئات الآلاف وتهجير الملايين فلا بأس عليه ولا يعنيه من الأمر شيئا. فسورية المفيدة هي كل ما يضمن بقاءه وتسلطه وامتيازات رؤوسه، ليس إلا..
ولعل رفض الأسيرين السوريين العودة إلى سورية في إطار صفقة التبادل مع العدو الإسرائيلي فيدل على حالة الرفض الشعبي المتعاظم للنظام وللعيش تحت سلطته؛ وما تصريح الممثل السوري – الموالي – مؤخرًا وتأسف فيه على البقاء في سورية إلا بيان لتلك الحالة المنهكة التي أوصل النظام المجرم إليها؛ ما تبقى من شعب سورية تحت سيطرته وسلطته.
كل هذا يجعلنا في موقف الإصرار على تخليص سورية من تسلط هذا النظام ومحاكمة رموزه الإجرامية وإطلاق كل المعتقلين؛ كمدخل لتحرير سورية وتحقيق مطالب الشعب العربي السوري في حريته وسيادته على أرضه وموارده.
المصدر: موقع ملتقى العروبيين