محمد الأحمد
أوردت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، يوم الثلاثاء، أن رئيس المخابرات السعودية، خالد الحميدان، سافر إلى دمشق حيث التقى نظيره بالمخابرات التابعة للنظام السوري، وذلك في أول اجتماع يعرف من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية مطلع العام 2011.
ووضعت الصحيفة اللقاء، الذي جرى الاثنين بدمشق، في سياق مؤشر يسبق انفراجة وشيكة في العلاقات بين خصمين إقليميين، زادت الخلافات بينهما على امتداد الأزمة السورية، مضيفة أن العلاقات بين سورية والمملكة العربية السعودية عرفت قطيعة بعد حملة القمع المفرط التي مارسها النظام السوري برئاسة بشار الأسد بحق الشعب السوري منذ بدء الثورة في 2011. لكن مقال “ذا غارديان” أشار إلى أن مسؤولين في الرياض، دون أن يسميهم، قالوا إن تطبيع العلاقات يمكن أن يبدأ مباشرة بعد عطلة عيد الفطر.
وأضافت الصحيفة أن الوفد السعودي الذي زار دمشق بقيادة حميدان استقبله رئيس مخابرات النظام علي مملوك. وأوضح مسؤول سعودي، فضل عدم الكشف عن هويته، وفق ما نقلت “ذا غارديان”: “لقد تم التخطيط لذلك اللقاء منذ فترة لكن لم يتحرك شيء، لقد تغيرت الأحداث إقليمياً وكان ذلك بمثابة فرصة مواتية”.
وكانت صحيفة “الرأي اليوم” العربية قد أكدت، الإثنين، نقلاً عن مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في دمشق أن وفداً سعودياً برئاسة الحميدان زار دمشق، والتقى بشار الأسد ونائب الرئيس للشؤون الأمنية اللواء علي المملوك، ولفتت إلى أنه جرى الاتفاق على أن يعود الوفد في زيارة مطولة بعد عيد الفطر.
وأشارت مصادر الصحيفة إلى أنه هناك اتفاقاً جرى التوصل إليه بإعادة فتح السفارة السعودية في دمشق، كخطوة أولى لاستعادة العلاقات في المجالات كافّة بين البلدين. ونوهت إلى أن الوفد السعودي أبلغ مُضيفيه من النظام السوري بأن بلاده ترحّب بعودة سورية إلى الجامعة العربية، وحضور مؤتمر القمة العربية المقبل في الجزائر في حال انعقاده. ولفتت الصحيفة إلى أن مصادرها لم تكشف المزيد من التفاصيل عمّا دار في المباحثات، لكنها لمّحت إلى أنها كانت مثمرة، وكسرت الجليد الذي كان يُسيطر على العلاقات بين البلدين.
وبحسب الصحيفة فإن هذا الانفراج في العلاقات السورية السعودية، يأتي بعد لقاء سرّي سعودي إيراني في العاصمة العراقية بغداد قبل أسبوعين، وتأكيد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في مقابلة تلفزيونية حرص بلاده على إقامة علاقات قوية مع إيران، وقال إنه يتمنّى لها كدولة جارة كل الازدهار.
ومؤخراً عمدت روسيا، الحليف الرئيسي للنظام إلى إعادة تعويمه على المستوى العربي بعد فشلها في تأهيله ليكون مقبولاً على المستوى الدولي، إذ يرفض المجتمع الدولي ودولٌ غربية في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بشرعية النظام السوري بعد أزيد من عشر سنوات من الحرب ارتكب خلالها النظام مئات المجازر بحق السوريين. ويصر المجتمع الدولي على انتقال سياسي للسلطة ينهي هيمنة نظام الأسد على الحكم من خلال مسارات سياسية وتطبيق القرار الأممي 2253 للعام 2015.
وتوضحت الجهود الروسية في هذا السياق خلال زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، التي قصد خلالها ثلاث عواصم عربية في مقدمتها الرياض في فبراير/ شباط الماضي، بُغية طرح مسألة عودة النظام للحاضنة العربية. وأصر الموقف السعودي حينها على إنجاز حل سياسي للأزمة السورية تكون المعارضة جزء منه، والإجابة ذاتها تلقاها لافروف في الدوحة خلال الجولة، فيما كان التأييد مع طرح لافروف في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.
وكانت السعودية قد سحبت سفيرها من دمشق في أغسطس/ آب من العام 2011، نتيجة استخدام العنف ضد الشعب السوري من قبل النظام، كما فعلت ذلك معظم الدول، لكن ومع نهاية العام 2018 أعادت الإمارات والبحرين افتتاح سفاراتيهما في دمشق رغم الضغوط الدولية على استمرار مقاطعة النظام. كذلك رفعت سلطنة عمان تمثيلها الدبلوماسي من قائم بالأعمال إلى إعادة تعيين سفير في دمشق مطلع أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي بعد تخفيض التمثيل عقب بدء الاحتجاجات في سورية والقمع المفرط معها من قبل النظام.
المصدر: العربي الجديد