بعد جلسة تاريخية ساخنة، منح الكنيست الإسرائيلي الثقة لحكومة ائتلاف التغيير الجديدة في إسرائيل، بمشاركة عربية لأول مرة.
فبفارق صوت واحد، ذهب رئيس الوزراء المنتهية ولايته، بنيامين نتانياهو (71 عاما)، زعيم حزب الليكود اليميني، إلى صفوف المعارضة، بعد 12 عاما من توليه السلطة.
ووافق 60 نائبا على منح الثقة للحكومة، التي سيرأسها نفتالي بينيت، ويائير لابيد بالتناوب لمدة عامين لكل منهما، بينما أبدى 59 عضوا رفضهم وامتنع نائب واحد عن التصويت.
ولم تنجح الكثير من المناورات التي أجراها نتانياهو حتى اليوم الأخير، بحسب خبير استطلاعات رأي ومستشار سياسي، ميتشيل باراك، في لقاء له مع قناة “الحرة”، مضيفا أنه “كان يحاول أن يقنع بعض الأعضاء الذين كانوا سيصوتون لحكومة بينيت بما فيهم جبهة منصور عباس، للضغط عليهم للتصويت ضد هذه الحكومة، لكن انهارت كل هذه المحاولات والضغوط”.
ووصف باراك حكومة بينيت الجديدة بأنها “تاريخية لأنها بعد 12 عاما من حكم نتانياهو، ولأنها هي المرة الأولى التي يوجد فيها حزب عربي يمثل مليون ونصف عربي في إسرائيل وفي حزب يرأسه منصور عباس”، معتبرا أن “هذا أمر حيوي وذو مغزى”.
وأوضح أن “بينيت نجح في تحقيق أهدافه بمهارة سياسية كبيرة، وبالطبع لبيد هو العقل المفكر الذي يقود هذا الائتلاف من الخلف وهو من وضع بينيت في الأمام ليكون رئيس وزراء أولا، وتخلى عن الكثير من الأمور التي كان من الممكن أن يصر عليها”.
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي، موردخاي كيدار، في حديثه مع قناة “الحرة” فشل نتانياهو في إنجاح ضغوطه لأنه “نجح في تأليب الكثير من السياسيين في اليمين ضده لصراعات شخصية، ما جعل الأحزاب اليمينية التي من بينها حزب رئيس الوزراء الجديد تنفك بهذه الصراعات الشخصية”.
والحكومة الجديدة هي ائتلاف من ثمانية أحزاب من اليمين واليسار والوسط، مع مشاركة حزب عربي، هو “القائمة الموحدة”، للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل.
“أشرس معارض”
وقال موردخاي، إن نتانياهو سيكون أشرس معارض في العالم، “لأن هذا السلوك لتلك الأحزاب اليمينية التي انشقت عن اليمين غير مقبولة في إسرائيل وبينيت فقد المصوتين له وهذه هي نهايته”، مضيفا أن “الحكومة الجديدة لا تعبر إلا عن الأقلية لأن أغلبية الإسرائيليين يميلون لليمين”.
وتوعد نتانياهو بالعمل من خلال صفوف المعارضة على إسقاط الحكومة التي اعتبرها “خطيرة وفاشلة”.
وأضاف موردخاي أن “بينيت انتهز فرصة للانشقاق السياسي في اليمين الإسرائيلي لتشكيل هذه الحكومة التي تشابه سيارة لها أربع عجلات كل منها لها اتجاه مختلف ومحرك مختلف وقائد مختلف”.
ورأى أن ما فعله بينيت “مناورة سياسية فقط تمكن بها اليسار مع العرب في الاستيلاء على الحكومة بسبب حزبين يمينيين انشقا على نتانياهو لأسباب شخصية”.
في المقابل، قال باراك: “قد تكون بالفعل هناك أمور شخصية، لكن نتانياهو يحاكم بسبب الاحتيال والرشوة وهي أمور ليست شخصية، بل مهنية ويمكن أن تضعه في السجن وكل من عمل معه لا يثقون فيه، كما أن عملية صنع القرار في السنتين الأخيرتين والذهاب إلى الانتخابات بدون حكومة، عرض البلاد للخطر، فضلا عن أنه لم يستطع تمرير موازنة ولم يستطع الحفاظ على وعوده مع شركائه”.
حكومة مختلفة التوجهات
ويرى باراك أن الاختلاف الموجود في الحكومة الجديدة هو أمر جيد “ويبدو أن هذه مجموعة من الناس يعلمون كيف يعملون معا وكيف يصلون إلى حل وسط وهذا سيكون وضعا فريدا للغاية، لأنه لا يوجد زعيم واضح في الحكومة”.
فيما يرى موردخاي أن “من هنا أيضا تكمن المشكلة لهذه الحكومة، فالقاسم المشترك الأوحد لها هو التخلص من نتانياهو”.
ويتوقع موردخاي أن تنتهي حياة الحكومة الجديد في غضون “أسابيع قليلة” مشيرا إلى أن “الحكومة الجديدة مكونة من ثلاثة أجزاء، اليمين واليسار والعرب، وهذه المجموعات الثلاث ليس لها أي قاسم مشترك، ولهذا فإن الخلافات بينها ستنشأ في صباح اليوم التالي من التخلص من نتانياهو”.
لكن باراك يرى أن “السياسة قد تقارب الناس من بعض حتى لو كانوا غرباء وهذا ما نراه الآن، انظروا للخطاب الذي ألقاه بينيت في الكنيست، وقاطعه أعضاء الليكود والمتشددين، لقد قال إنني سأمثل المصوتين من كتلكم رغم أنهم لم يصوتوا لي، ستكون هناك حكومة تمثل كل الإسرائيليين”.
وقال باراك “هذا خطاب جيد وجديد نستمع إليه، إنه يمثل الجميع ولن يكون انقسامياً أو انتقامياً، كون أن نتانياهو لم يستطع أن يقول كلمة واحدة جيدة عنه في خطابه اليوم، ولم يصافحه ورفض أن يجتمع معه لنقل السلطات، كل هذا يوضح طبيعة نتانياهو والانقسامية التي استمرت في البلاد منذ توليه المسؤولية”.
نفس الأجندة
الملف الإيراني كان في صلب خطاب زعيم المعارضة، بنيامين نتنياهو، أيضا الذي اعتبر أن الحكومة الحالية واهنة ولا يمكنها مواجهة رغبة الولايات المتحدة بالعودة إلى اتفاق مع طهران أو الإيعاز بالقيام بعمليات ضدها.
وقال بينيت في خطابه إنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي سيعمل على توسيع اتفاقات السلام مع الدول العربية ومواجهة حركة حماس بقوة، وهو ما أثار التساؤل عما إذا كان يحمل نفس أجندة نتانياهو.
ويجيب باراك بقوله: “نعم، لكن نتانياهو في 12 عاما لم ينجح في إيقاف الإيرانيين، هل هو أوقفهم عن إنتاج أسلحة نووية وتخصيب اليورانيوم، إنه قال الكثير، لكن ما الذي فعله؟”.
وأضاف أنه “بعد 11 يوما من وقف الصواريخ من غزة، قام بتدمير الكثير من النفوذ الإسرائيلي في المجتمع العالمي، بينيت أمامه الكثير ليحققه، وإدارة بايدن أعلنت وقوفها معه”.
وهنأ الرئيس الأميركي، جو بايدن، بينيت بعد أن منح البرلمان الإسرائيلي ثقته للائتلاف الحكومي الجديد.
وقال بايدن إنه يتطلع إلى العمل مع بينيت لتعزيز العلاقة الوثيقة والدائمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مشيرا إلى أن واشنطن ستواصل دعمها لأمن إسرائيل.
وأضاف أن إدارته ملتزمة بالعمل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة لتعزيز الأمن والاستقرار والسلام للإسرائيليين والفلسطينيين وكل سكان المنطقة.
المصدر: الحرة. نت