حول سياستها الإقليمية والصاروخية
في وقت دخلت فيه مفاوضات فيينا النووية غير المباشرة بين طهران وواشنطن بواسطة أطراف الاتفاق النووي حال تعثر وغموض مستمرة منذ شهرين تقريباً، وليس واضحاً بعد موعد استئنافها بعد أن طالبت طهران بوقفها بحجة انتقال السلطة التنفيذية فيها من الرئيس حسن روحاني إلى الرئيس المحافظ الجديد إبراهيم رئيسي، اعتباراً من الثلاثاء المقبل؛ أخذت الأطراف الأميركية والأوروبية تطلق تحذيرات لإيران لحثها على العودة إلى طاولة التفاوض، مع حديثها عن أن موعد التفاوض ليس مفتوحاً إلى ما لا نهاية، لكن على الجانب الإيراني، بدأت تكشف السلطات عن السبب أو الأسباب الحقيقية لمطالبتها بوقف المفاوضات.
وفي هذا السياق، رمى الرئيس الإيراني حسن روحاني، المنتهية ولايته يوم الثالث من الشهر المقبل، الكرة في ملعب البرلمان الإيراني، من خلال اتهامه بمنع رفع العقوبات عبر سنّ قانون “الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات” خلال ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قائلاً إنه حرمه من إحياء الاتفاق ومغادرته السلطة بعد رفع العقوبات الأميركية، لكن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وفي رد غير مباشر على روحاني، حمّل الإدارة الأميركية مسؤولية انسداد مفاوضات فيينا، متهماً إياها بربط الاتفاق بموافقة إيران على التفاوض حول سياساتها الإقليمية وبرنامجها الصاروخي، مع معاتبته روحاني وحكومته في آخر اجتماع معهم الأربعاء الماضي بالقول إنّ “رهانهم على الغرب والتفاوض مع واشنطن قد فشل”، داعياً الأجيال المقبلة إلى استخلاص العبر من ذلك.
واليوم السبت، وتأكيداً على ما جاء على لسان خامنئي، كشف عضو فريق إيران المفاوض في فيينا، ومندوبها الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كاظم غريب أبادي، عن المزيد من التفاصيل بشأن هذه المفاوضات، في مقابلة مع الموقع الإلكتروني التابع لمكتب المرشد الإيراني، قائلاً إنّ “أميركا والأطراف الغربية أصرّت على إدراج بند في بيان (الاتفاق) لوزراء الخارجية (للدول المشاركة في المفاوضات) لإجراء المزيد من المباحثات مستقبلاً حول ثلاثة قضايا”.
وعن هذه المطالب أو الشروط، قال إنّ الأول يتمثل في “اتخاذ المزيد من الإجراءات لتعزيز مؤثر للعلاقات الاقتصادية والتجارة الدولية لإيران، بما يشمل تغييراً في سياسة الحظر الأميركية”، مشيراً إلى أن المطلب الثاني هو “ضمان منافع عدم الانتشار (الأسلحة النووية) بالاتفاق النووي على المدى البعيد”، والقضية الثالثة “هي خفض التوترات واتخاذ إجراءات بناء الثقة من خلال الحوار في المنطقة”.
وأكد غريب أبادي أنّ المطلب الثاني “من شأنه أن يؤسس لطرح تعهدات وجداول زمنية جديدة، لأن جداول الاتفاق النووي محددة”، قائلاً إنّ المطلب الثالث أيضاً “يتعارض بشكل سافر مع أهداف وأجندة مباحثات فيينا”، ليصرّح بأن الوفد الإيراني المفاوض أعلن سريعاً معارضة طهران لهذه الشروط.
واتهم المسؤول الإيراني الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية بـ”متابعة أهدافها الخاصة، وهذا ما أظهر أنها ما زالت تسعى إلى جعل الاتفاق (في فيينا) جسراً للخوض في بقية القضايا غير المرتبطة، مثل القضايا الإقليمية والبرنامج الصاروخي”، مضيفاً أنّ هذه الأطراف “ذهبت أبعد من ذلك خلال الجولة الأخيرة (السادسة) بإصرارها على إدراج هذه المطالب في الاتفاق”.
وأضاف غريب أبادي: “إنهم يهدفون من خلال ذلك إلى طرح هذه القضايا سريعاً بعد الاتفاق باعتبار أنها جزء لا يتجزأ من الاتفاق، ليوفر الأرضية للتدخلات في هذه المجالات، لكن حيث يخفقون في تحقيق أهدافهم يتهمون إيران ويبررون ذلك لممارسة الضغط عليها بذرائع أخرى”.
وأكد مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا أنّ المفاوضات “لم تصل إلى نتيجة نهائية”، لافتاً إلى أنه “لن يكون هناك اتفاق، ما دام لم يتم الاتفاق على كل شيء”.
وعلى عكس روحاني الذي اتهم البرلمان الإيراني بعرقلة رفع العقوبات وإفشال المفاوضات؛ يرى غريب أبادي أنّ “القانون الذي أقرّه البرلمان ومواقف المؤسسات الإيرانية العليا والإنجازات النووية، عززت موقع الجمهورية الإسلامية بشكل مناسب في أي تفاوض”.
وخاضت إيران والولايات المتحدة ستّ جولات من مباحثات فيينا بشكل غير مباشر، بواسطة أطراف الاتفاق (روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا)، والجولة السابعة تواجه حالة غموض ولم يتم تحديد موعدها بعد، غير أن طهران أكدت أخيراً وبشكل رسمي أن على أطراف المفاوضات الانتظار حتى تشكيل الحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة إبراهيم رئيسي.
وتهدف المفاوضات إلى إحياء الاتفاق النووي عبر عودة واشنطن إليه من خلال رفع العقوبات المفروضة على إيران، مقابل عودة الأخيرة إلى التزاماتها النووية.
المصدر: العربي الجديد