عمر يوسف
يعيش أبناء مخيم اليرموك بدمشق أوضاعا إنسانية كارثية وأزمات اقتصادية غير مسبوقة؛ تضاعفت بسبب إيجارات المنازل والمصاريف المعيشية العالية ناهيك عن انتشار البطالة.
حيث لا يزال مشهد الدمار طاغيا على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق جنوبي سوريا رغم مرور أكثر من 3 أعوام على سيطرة النظام السوري عليه، فمنظر الأنقاض والأبنية المتهالكة بفعل القصف والاشتباكات يوحي كأن هذه المعارك حدثت منذ وقت قريب.
على امتداد أحياء المخيم الواقع جنوبي العاصمة السورية دمشق، يشي الدمار وأكوام الحجارة والأتربة بحجم المعارك والأسلحة التي استخدمت فيها، وفي كل زاوية هناك فتحات في الجدران ويلاحظ الزائرون آثار ثقوب المئات -وربما الآلاف- من الرصاص في الأبنية.
وتقدر نسبة دمار أبنية المخيم والبنى التحتية بأكثر من 60%، وصنف سابع أكبر منطقة دمار في سوريا، بحسب مسح أجرته “وكالة الأمم المتحدة للتدريب والبحث” (UNITAR).
عودة وشروط
في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أعلنت سلطات النظام السوري السماح لسكان المخيم بالعودة إلى منازلهم، لكن القرار لم ينفذ وبقي حبرا على ورق، وتعرض المخيم حينها لعمليات نهب وسرقة منظمة من قوات النظام السوري والشبيحة، حيث نشر ناشطون وأهالٍ عشرات الصور لعناصر النظام وهم ينقلون الأدوات المنزلية والأثاث المسروق خارج المخيم.
وبعد عامين، أصدر النظام السوري قرارا جديدا للعودة في أكتوبر/تشرين الأول 2020 يقضي بتسلم محافظة دمشق طلبات العودة من الأهالي وفق 3 شروط وهي: السلامة العامة للبناء، وإثبات ملكية العقار، والحصول على الموافقة الأمنية.
وقال عضو المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق سمير جزائرلي -في تصريحات إعلامية- إن المياه والصرف الصحي متوفران في معظم مناطق المخيم، في حين أن التيار الكهربائي حاليا غير متوفر، ومع بداية العام الحالي ترصد الاعتمادات لتوفيره للمخيم.
وتستمر طلبات العودة، بحسب جزائرلي، حيث وصل أكثر من 1200 طلب إلى محافظة دمشق منذ فتح باب تسجيل الطلبات في أكتوبر/تشرين الأول 2020، مضيفا أن 500 طلب فقط حققت الشروط التي وضعتها الحكومة لأجل تأمين عملية العودة.
ورغم ذلك فإن عدد العائلات الفلسطينية التي عادت إلى مخيم اليرموك أقل من 500 عائلة، في حين كان يقطنه أكثر من 150 ألف شخص عام 2011، وفق “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” المعنية بشأن اللاجئين الفلسطينيين.
دمار ممنهج
ويتهم ناشطون وأهال من المخيم النظام السوري بعرقلة عودتهم، ووضع شروط قاسية ومجحفة بحقهم لأجل تأمين عودتهم، في الوقت الذي يؤكدون فيه أن عملية إعادة الإعمار في المخيم ليست في حسبان النظام وباقي المنظمات المعنية بالشأن الفلسطيني.
المنسق العام لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، طارق حمود، تساءل عن سبب تدمير البنى التحتية في مخيم اليرموك تدميرا منهجيا من قبل قوات النظام السوري بعد دخولها إليه، إن كان النظام يتحدث عن نية إعادة سكان المخيم إليه.
وقال حمود -في حديث للجزيرة نت- إن النظام السوري عبر محافظة دمشق أقرّ إعادة المخطط التنظيمي الجديد للمخيم رغم الاعتراضات، بما يتوافق مع الاحتياجات الأمنية في العاصمة دمشق حسب منظوره، والهدف منه هو تعزيز إستراتيجية فلسطينيين أقل في العاصمة وأكثر في الأطراف.
وأضاف حمود أنه لا يوجد وضع معيشي من الأساس في المخيم، إذ إن العائلات التي تعود يتم انتقاؤها من النظام بعناية شديدة وفق ارتباطات بالفصائل الفلسطينية، في حين لا يوجد صحة أو تعليم أو خدمات وكل ما تبقى عبارة عن جدران وأبنية مدمرة منهوبة بالكامل تحتاج إلى سنوات حتى تتم إعادة إعمارها.
نهب وسرقات
لم تكن عمليات النهب المنظمة لمنازل مخيم اليرموك محط شك أو اتهامات بحاجة إلى أدلة؛ فالصور التي تداولها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي لقوات النظام السوري والمليشيات الموالية وهم يحملون الغسالات والثلاجات كانت كافية لإدانة مطلقة على هذه السرقات، في الوقت الذي أثبتت فيه تقارير حقوقية حجم تلك العمليات.
وحسب تقرير استبياني لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، فإن 93.2% من المشاركين في الاستبيان تعرضت منازلهم لعمليات السرقة من نهب الأثاث والأبواب والشبابيك والأسلاك الكهربائية وغيرها.
ويؤكد التقرير أن عناصر النظام السوري قاموا بسرقة منازل المدنيين في مخيم اليرموك والأحياء المجاورة له التي سيطر عليها النظام في 21 مايو/أيار 2018، في ظاهرة بات يطلق عليها اسم “التعفيش”.
المصدر: الجزيرة. نت