محمد الأحمد
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تمسك موسكو بضمان “أمن إسرائيل”، محذراً من تحويل أراضي سورية إلى “ساحة لتصفية الحسابات بين دول أخرى”.
وقال لافروف، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده الخميس، مع نظيره الإسرائيلي يئير لبيد في العاصمة الروسية موسكو، وفق ما نقل موقع “روسيا اليوم”: “بخصوص الغارات الإسرائيلية على سورية، نحن نعارض تحويل سورية إلى حلبة لصراع بين دول أخرى، وفي هذا الصدد لا نريد أن تستخدم الأراضي السورية لمهاجمة إسرائيل أو أي بلد آخر”، مُشيراً إلى أن “العسكريين الروس والإسرائيليين يبحثون على أساس يومي المسائل الفنية المتعلقة بهذا الموضوع”.
وأردف لافروف: “هناك مصالح مشروعة، مثل مصالح أمن إسرائيل، ونحن نؤكد دائما أنها من أهم الأولويات بالنسبة لنا في القضية السورية وغيرها من النزاعات، لكن هناك أيضا مصالح غير شرعية بشكل كامل، وأقصد بذلك قبل كل شيء احتلال الولايات المتحدة غير القانوني لأجزاء ملموسة من الأراضي السورية واستغلالها للموارد الطبيعية والزراعية والمائية والبتروكيماويات التابعة للشعب السوري، ناهيك عن الأنشطة الأميركية الرامية إلى تأجيج الانفصالية الكردية، وهذا يؤدي إلى مشاكل مع تركيا كما هو معروف، ولذلك تتقاطع هناك العديد من المصالح”.
وناقش الوزير الروسي مع نظيره الإسرائيلي لبيد الوجود الإيراني في سورية، مُشيراً إلى أن “طهران هي عضو في صيغة (أستانا) التي تستهدف المضي قدماً، مع مراعاة كافة الحقائق على الأرض، في تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
وحول تصريحات وزير الخارجية الروسي، اعتبر يحيى العريضي، المتحدث الرسمي باسم “هيئة التفاوض السورية”، أن “أحد الهواجس الروسية من وجودها في سورية واهتماماتها الكبرى هو تطوير وتمتين العلاقة بينها وبين إسرائيل”، مؤكداً، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أن روسيا “تسعى الآن لتجديد تقديم أوراق اعتمادها ثانية لإسرائيل بحكم أن هذه الطغمة الروسية تعتقد أن إسرائيل هي البوابة التي من خلالها تستطيع أن تقدم أوراقها الأساسية للغرب وتكون مقبولة غربياً، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية، بسبب معرفة روسيا العميقة بالعلاقة الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة”.
وأضاف: “لافروف يعلم بأن منطقة الجنوب السوري هي منطقة حساسة بالنسبة لإسرائيل بحكم الجغرافيا، هذا من جانب، ومن جانب آخر إيران التي تتاجر بالمقاومة والممانعة بشكل أساسي على مر عقود من الزمن، يهمها جداً أن تكون موجودة في الجنوب السوري لإحياء ذلك الصراع التمثيلي بينها وبين إسرائيل حتى تزاود على العرب بشكل عام وتسلب منهم قضيتهم بشكل أساسي، وفي الوقت ذاته تكون إيران إما بصراع أو توافق من تحت الطاولة مع إسرائيل على كل ما يحدث”.
من جهة أخرى، أكد لافروف، خلال المؤتمر الصحافي، اليوم الخميس، أنه “يتوجب على تركيا استكمال تنفيذ الاتفاقات بين أردوغان وبوتين بشأن إدلب في ما يتعلق بفصل الإرهابين”، معبراً عن أسفه بقوله إن “ذلك لم يتم بعد، للأسف”.
وحول هذا التصريح، أشار المتحدث باسم “هيئة التفاوض السورية” إلى أن “منظومة الاستبداد الأسدية تعيش على التوتر والحرب، وهذا يتطابق تماماً مع هذه الطغمة الحاكمة أيضاً في موسكو”، مُشيراً إلى أن لافروف “يقول إن أنقرة لم تلتزم بهذا الأمر، هل روسيا التزمت بأي أمر تجاه سورية؟ يعني أن الهدف من هذا التصريح هو فقط توتير الأمور بشكلٍ مستمر من أجل إعطاء تبرير لوجودهم هناك بُغية إعادة شرعنة وتكرار النظام، لأن هناك إرهابا وراء تلك الحجة”.
تركيا تعزز نقاطها
ميدانيا، عزز الجيش التركي خلال الأيام القليلة الماضية نقاطه وقواعده العسكرية المنتشرة جنوبي غرب محافظة إدلب، وشرق محافظة اللاذقية الواقعة ضمن ما يُعرف بمنطقة “خفض التصعيد الرابعة” (إدلب وما حولها)، وذلك عقب تزايد وتيرة الهجمات والتصعيد من قبل روسيا وقوات النظام واستهداف منطقة جبل الزاوية بشكلٍ مكثف، بالإضافة لاستهداف مدينتي إدلب وأريحا المأهولتين بالسكان.
وقالت مصادر عاملة في وحدات الرصد والمتابعة التابعة للمعارضة السورية، لـ”العربي الجديد”، إن “القوات التركية أرسلت خلال الأيام الأربعة الماضية أكثر من ستة أرتال عسكرية عبر معبر كفلوسين العسكري الحدودي مع تركيا، شمال محافظة إدلب؛ ضمت تلك التعزيزات مدافع ميدانية وعربات مصفحة (ناقلات جنود)، مرسلة من داخل الأراضي التركية إلى خمس قواعد عسكرية تابعة للجيش التركي، ثلاث منها في منطقة جبل الزاوية، جنوب إدلب، واثنتان شرق محافظة اللاذقية”.
وأكدت المصادر أن “بعض تلك الأرتال كانت لتبديل بعض القوات، ولكن 30% منها توزعت على خمس نقاط بُغية تعزيزها بعد التصعيد الأخير في المنطقة”، لافتةً إلى أن “ثمانية مدافع توزعت على تلك النقاط، بالإضافة لتعزيزها بما يقارب الـ100 جندي من القوات التركية”.
وحول تلك التعزيزات، قال العقيد مصطفى البكور، المتحدث الرسمي باسم فصيل “جيش العزة”، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “النقاط التركية تقوم بشكل دائم بتبديل الآليات وتحسين التحصين ومكان الإقامة، وهذا أمر طبيعي في المواقع العسكرية”.
وأوضح البكور أن “التصعيد الروسي أخيراً طاول مناطق جديدة، ومنها مدينة إدلب، وهو يهدف إلى إيصال رسائل إلى الحاضنة الشعبية في الشمال بأن تركيا أضعف من أن تُؤمن لكم الحماية عندما تريد روسيا استهدافكم”. وأضاف القيادي في المعارضة السورية: “لا أتوقع أن يقوم الروس بشن عملية عسكرية برية خلال هذا العام”.
وأشار إلى أن “القصف الروسي منذ فترة يطاول محيط النقاط التركية وبالقرب منها، وهذا الأمر يأتي كما أعتقد في إطار تبادل الرسائل بين روسيا وتركيا قبل جولة (أستانة) القادمة، وكذلك لإضعاف موقف الأتراك لدى السكان في الشمال بحيث يظهرهم غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم”.
وكان “الدفاع المدني السوري” قد أوضح في تقرير له، أمس الأربعاء، أن فرقه “استجابت منذ بداية الحملة العسكرية في بداية شهر يونيو/ حزيران من العام الجاري، وحتى يوم الثلاثاء الفائت، لأكثر من 470 هجوماً من قبل قوات النظام وروسيا على منازل المدنيين في شمال غربي سورية”، مؤكداً أن “تلك الهجمات تسببت بمقتل أكثر من 120 شخصاً، من بينهم 45 طفلاً و20 امرأة”.
المصدر: العربي الجديد