خاص – مصير
أقام (تجمع مصير) بالتعاون مع رابطة المهجرين الفلسطينيين في الشمال السوري، حفلًا تكريمًا للمعتقلات الناجيات من زنازين وأقبية النظام السوري، وذلك يوم السبت الموافق 22/10/ 2021 في مدينة إعزاز، بحضور ناشطات ونشطاء، وممثلين عن العديد من الكيانات الثورية والمؤسسات المدنية والهيئات الإعلامية في الشمال السوري.
بدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، ثم رحب عريف الحفل الأخ ثائر أبو شرخ بالمعتقلات الناجيات المكرمات وبالحضور الأفاضل.
ألقت السيدة هدى أمهان كلمة الناجيات السوريات من معتقلات النظام، استحضرت فيها تضحيات ومعاناة المغيبات والمغيبين قسرياً في غياهب السجون الأسدية، وما يلاقونه من ضروب التعذيب الوحشي، بهدف تجريدهم من إنسانيتهم واستباحة حقوقهم، وهي السياسية التي دأب النظام على استخدامها حيال مئات ألوف المعتقلات والمعتقلين، ضارباً عرض الحائط بكل المواثيق الدولية التي تنص على تجريم الاعتقالات التعسفية والتغييب القسري والتعذيب تحت الموت. وأضافت الناجية أمهان مؤكدة على دور المرأة السورية الريادي خلال محطات الثورة السورية، ومحاولة أجهزة النظام الأمنية معاقبتهنّ بكل صنوف التعذيب والإذلال والقهر على مشاركتهنّ في الحراك السلمي للثورة السورية منذ بداياته، منبهة إلى أولوية الإفراج والكشف عن مصير المعتقلات والمعتقلين، كقضية إنسانية ينبغي العمل عليها في مختلف المجالات الحقوقية والمدنية والسياسية بلا كلل أو تراخي. واختتمت كلمتها بتوجيه الشكر لتجمع مصير ورابطة المهجرين على هذه المبادرة الطيبة، وأهميتها المعنوية والرمزية الكبيرة بالنسبة للناجيات.
كما ألقت السيدة الناجية ثناء علي حسين كلمة الناجيات الفلسطينيات من معتقلات النظام، أكدت فيها على وحدة معاناة المعتقلين والمعتقلات الفلسطينيات والسوريات، وبأن النظام المجرم لا يفرق بين كل حرة وكل حر يعارض سياساته القمعية والاستبدادية. ونوهت في كلمتها إلى المعاناة الكبيرة لمن عايش واختبر تجربة الإعتقال، وصعوبة وصف ما تتركه من آثار نفسية شديدة، تلازم من نجوا منها طيلة حياتهم. ورأت أن سلوك النظام مع المعتقلات عموماً سواء كانوا فلسطينيات أو سوريات، يكشف عن طبيعته المتوحشة، وسياسات النفاق التي يستخدمها تحت شعار دعم القضية الفلسطينية، فيما لا يتوانى عن قتل وتعذيب الفلسطينيين، بنفس الوسائل والأساليب التي لجأ إليها لقمع الأصوات الحرة في الثورة السورية.
واستعرضت الناجية ثناء ما تعرضت له خلال تجربة اعتقالها، من تنكيل وتعذيب واغتصاب على يد جلاوزة النظام، وأن نجاتها من الإعتقال مع زميلاتها المفرج عنهنّ، يجعلهن أكثر تمسكاً بالدفاع عن قضية المعتقلين وعن بذل كل الجهود للإفراج عنهم/ نّ والكشف عن مصيرهم/نّ.
بدورها ألقت الطفلة أبرار علي القادري، التي اعتقلت مع والدتها وأشقائها أربع سنوات في معتقلات النظام، قصيدة شعرية عبرت خلالها عن مشاعرها ومعاناتها وعائلتها خلال الاعتقال، وكانت كلماتها مضمخة بالعنفوان والتحدي والإصرار على الحياة. ومن وحي مناسبة التكريم قدم الفنان أبو خالد الحمصي، عددًا من الأناشيد الثورية التي تعبر عن إصرار كل حرائر وأحرار سورية على اقتلاع نظام الإجرام الأسدي ونيل الحرية والكرامة. ثم ألقت الطالبة الجامعية شيماء وليد زيدان قصيدة شعرية فاضت بمشاعر الأخوة والمحبة بين الشعبين الفلسطيني والسوري، ومواصلة الكفاح بين شركاء المصير مهما كانت الصعوبات والتحديات.
ثم ألقى الكلمة الختامية في حفل التكريم الأستاذ أيمن أبو هاشم المنسق العام لتجمع مصير، وجه فيها تحية الإكبار والتقدير للمعتقلات الناجيات من سجون النظام الأسدي، وإلى كل المغيبات والمغيبين قسرياً في معتقلاته وسجونه، ونقل للناجيات والحضور الكريم، أسمى تحيات الثورة من أهلهم في تجمع مصير.
حيث أشاد بتضحيات ومعاناة المعتقلات الناجيات، وكل من مازلن في غياهب السجون الأسدية، وكافة المعتقلين المغيبين ومجهولي المصير من السوريين والفلسطينيين. معرباً بنفس الوقت عن إحساسه بالخجل للتقصير إزاء من قدموا أغلى ما يملكون من أجل حريتنا وخلاصنا. ومؤكداً في كلمته إن كل محاولات إعادة تأهيل النظام دولياً وفتح قنوات التطبيع معه، يجب أن تدفعنا أكثر للدفاع عن ضحايا المقتلة الأسدية وفي مقدمتهم مئات ألوف المعتقلات والمعتقلين، الذين يتعرضون في كل لحظة إلى جحيم يفوق قدرة البشر على الاحتمال. فالثورة هي نتاج تضحيات الشهداء والمعتقلين والجرحى والمهجرين وكل من دفعوا أثماناً باهظة خلال محطاتها. وعين الوفاء لهم أن لا ننسى تضحياتهم وأن ندافع عن حقوقهم، ولذلك يتوجب على القوى والهيئات والمؤسسات الناشطة، استدراك حالة التشتت والفوضى في التعامل مع قضايا إنسانية تتعلق بحياة وكرامة الإنسان، ولا يمكن لأي عمل سياسي أن يكون ذا قيمة أو جدوى، إذا تجاهل الأصحاب الحقيقيين لتلك القضايا التي تخصنا جميعاً.
أضاف أبو هاشم، علينا أن نكف عن انتظار الفرج والخلاص من الخارج، فمسؤوليتنا الذاتية عن استنهاض مشروع التغيير والتحرر الذي حملته الثورة، يبدأ بمعالجة مشكلاتنا وأمراضنا الفكرية والسياسية والاجتماعية، ومواجهة أشكال التشويه والإفساد التي أساءت للثورة وتضحياتها العظيمة. واستعرض أبو هاشم خطورة مسار اللجنة الدستورية الذي يستفيد منه النظام للتلاعب والمماطلة، على حساب طمس المطلب الأساسي وهو تحقيق انتقال سياسي حقيقي ضمنته القرارات الدولية، وواهم من يعتقد أن هذا المسار سيؤدي إلى أية نتيجة تصب في خلاص الشعب السوري، وطالب قوى المعارضة السورية المشاركة في هذا المسار، أن تعود إلى التجربة الفلسطينية، وكيف استغل الإحتلال الصهيوني اتفاق أوسلو عام 1993 لشطب الحقوق الفلسطينية والإلتفاف عليها.
اختتم أبو هاشم كلمته بالتأكيد على ضرورة الإستفادة من أدوار الناجيات ومن تجاربهنّ في مقارعة النظام، وإفساح المجال لمشاركتهنّ الحقيقية في الشأن السوري العام، وأولوية العمل على بناء استراتيجية وطنية للدفاع عن قضية المعتقلات والمعتقلين في السجون السورية، ضمن سياق مؤسساتي موحد وفاعل، كما وجّه تحية تقدير وإكبار إلى صمود الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الإحتلال الصهيوني.
بعد ذلك قام المنسق العام للتجمع مع قيادة رابطة المهجرين الفلسطينيين في الشمال السوري وعدد من الأخوة الضيوف بتكريم المعتقلات الناجيات، وتقديم هدايا نقدية وعينية بعد أن قمنّ بقطع قالب كاتو مكتوب عليه ” لا بد للقيد أن ينكسر”. وكانت الفقرة الأخيرة تكريم عائلتين من ذوي الشهداء هما السيد أحمد معتوق/ أبو محمد والد شهيد، والسيد يوسف محمد غازي شقيق لشهداء.