عدنان عبد الرزاق
دخلت روسيا مرحلة جديدة لتعزيز سيطرتها على الاقتصاد السوري عبر إرسال وفود تجارية واستثمارية إلى مدن سورية قامت بإبرام اتفاقات “خاصة” مع مجالس هذه المدن ومنظمات غير حكومية، كما حصل أول من أمس بين وفد محافظة ياروسلافل الروسية ومحافظة حلب.
وكشفت مصادر سورية أن رئيس الوفد الروسي دميتري سابلين بحث مع محافظ حلب حسين دياب مذكرات تفاهم عدة، في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بهدف زيادة التعاون المشترك في مختلف المجالات.
وتضيف المصادر التي رفضت ذكر اسمها، لـ”العربي الجديد”، أن الاقتصاد جاء في مقدمة اهتمام الوفد الروسي، فتم التركيز على الزراعة والعقارات، وأسفر اللقاء عن توزيع مذكرة للدراسة بين الإقليم الروسي ومحافظة حلب، تتضمن وضع البرامج والخطط المرتقبة، إلى جانب تشكيل اللجان المشتركة وفرق العمل وتقديم الدعم لأصحاب النشاطات الاقتصادية.
وبالتوازي مع وفد إقليم ياروسلافل، وصل إلى دمشق أمس وفد من إقليم كراسنودار الروسي، برئاسة ألكسندر يوريفيتش تكاتشينكو، لبحث التعاون التجاري والاستثماري مع اتحاد غرف التجارة السورية، الذي تمخض عن اتفاق لتطوير وتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين رجال الأعمال والشركات في كلا البلدين، وقعه عن الجانب السوري رئيس اتحاد غرف التجارة محمد أبو الهدى اللحام.
وبدأ الاختراق الروسي للمحافظات السورية العام الماضي، وقت أبرم وفد روسي غير حكومي عقوداً في مدينة حمص السورية لتنظيم التصدير المباشر لزيت الزيتون السوري إلى الأسواق الروسية، ليتابع، في الفترة نفسها، وفد من رابطة المستوردين والمصدرين الروسية جولاته في المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة نظام بشار الأسد، ويبرم عقودا عدة في مجالات إعادة الإعمار والنفط والكهرباء، إضافة إلى عقود تصدير المنتجات الزراعية السورية إلى روسيا.
وتبعه، في الفترة نفسها، وفد تجاري روسي ليوقع اتفاقاً مع غرفة تجارة طرطوس لتصدير حوالي 700 حاوية من الفواكه والخضار إلى الجنوب الروسي، بعد أن اتفق الجانبان على إقامة منشأة لفرز وتوضيب وتعبئة السلع الزراعية بأنواعها المختلفة في طرطوس، وفق المواصفات العالمية، باستثمار سوري – روسي.
ويرى القانوني أيمن أبو هاشم أن الاتفاقات، التي تتم بين وفود غير حكومية أو قطاعية من أطر روسية إقليمية، تؤكد الحالة المزرية لمفهوم السيادة لدى نظام بشار الأسد، لأن السياق الطبيعي والمعروف دولياً أن تتم الاتفاقات بين المؤسسات والوزارات المتخصصة مع الدول الخارجية، بما يضمن التكامل والندية وتحقيق المصالح المشتركة.
ويضف أبو هاشم لـ”العربي الجديد” أن الذي يجري بهذا الصدد، ومنذ عامين، يؤكد توغل روسيا في المؤسسات السورية وسيطرتها واقعياً على الأرض، فروسيا تنطلق من تلك الاتفاقات والزيارات من مصالحها فقط بعيداً عن أثر الاتفاقات على خلل المعروض السلعي بالسوق السورية وارتفاع الأسعار أو حتى حقوق السوريين بثرواتهم التي تتبدد، لأن تلك الاتفاقات تعدت التبادل التجاري ووصلت إلى السيطرة على أهم ثروات البلاد النفطية والفوسفات.
وحول قانونية الاتفاقات، يشير المتحدث إلى أنها مخالفة لمبدأ السيادة ونظام المعاهدات وأصول القانون الدولي التي تأخذ فائدة كلا الطرفين بالحسبان، بل هي أقرب لاتفاقات الإذعان التي تريد روسيا القول، من خلالها، إنها تسيطر على سورية وهي صاحبة القرار على الأرض.
يرى القانوني أيمن أبو هاشم أن الاتفاقات، التي تتم بين وفود غير حكومية أو قطاعية من أطر روسية إقليمية، تؤكد الحالة المزرية لمفهوم السيادة لدى نظام بشار الأسد
وتتسارع خطوات روسيا من أجل مزيد من السيطرة على الاقتصاد السوري، فبعد موافقة وتوقيع نظام بشار الأسد العام الماضي على ما سميّ بـ”حزمة الاتفاقات” التي قدمها نائب رئيس مجلس الوزراء يوري بوريسوف، تقوم حالياً بعمل شكل جديد للهيمنة يربط الأقاليم الروسية بالسورية بطريقة مباشرة، وفق الاقتصادي السوري محمود حسين لـ”العربي الجديد”.
وبعد اتفاقات النفط والغاز والفوسفات، التي هدفت منها للسيطرة واسترداد الديون، حسب حسين، تقيم روسيا اليوم رصيفاً بحرياً عائماً قرب سواحل طرطوس، بعد اتفاق الاستثمار عام 2019، ولمدة 49 سنة، والهدف منه تأكيد السيطرة والتعامل مع سورية كدولة تابعة لروسيا.
ويرى الاقتصادي السوري أن الاتفاقات القطاعية التي نراها تختلف حتى عن اتفاقات الحمضيات وزيت الزيتون العام الماضي، لأنها تأتي من وفود إقليمية وليست فقط غير حكومية.
المصدر: العربي الجديد