لم يكن بوسع النظام الأسدي التمادي؛ باستخدام كافة وسائل الإبادة والقتل الجماعي بحق الشعب السوري، لولا تواطئ المجتمع الدولي، ودوره المكشوف بالتغطية على المجازر المتواصلة التي ارتكبها نظام الأسد منذ بداية الثورة؛ ولا يزال يقوم بارتكابها بكل قسوة ووحشية بحق المدنيين الأبرياء، وفي حين كانت الدول الكبرى تضع الخطوط الحمراء، وتتوعد النظام بالرد الحاسم في حال تجاوزها، ودون أن تفعل شيئاً سوى التصريحات اللفظية الفارغة. وفي يوم السبت الموافق 7/4/ 2018، قامت طائرات تابعة لنظام الأسد بإلقاء صواريخ محملة بغاز السارين، على ملاجئ تحتمي فيها آلاف العائلات من أهالي دوما بالغوطة الشرقية، وكان قد سبقها وترافق معها وأعقبها غارات مُحملة بغاز الكلور، للتمويه على مدى خطورة غاز السارين الأكثر فتكاً وخطورةً، رغم أن كلا الغازين المستخدمين – وغيرهما غير المعروف بعد – من الأسلحة المحرمة دولياً، وقد أسفر الهجوم بغاراته المتتالية عن سقوط أكثر من 180 شهيداً قضوا اختناقا، وأغلبهم من النساء والأطفال والمسنين، وأصيب أكثر من 1000 شخص جراء تلك الغازات السامة، وقد جاءت هذه المجزرة في نفس اليوم الذي أمطرت فيه طائرات النظام مئات البراميل المتفجرة على رؤوس المدنيين.
إنها ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها النظام الغازات السامة ضد أهالي الغوطة، فمنذ مجزرة الكيماوي التي نفذها في آب/ أغسطس 2013، وحتى مجزرة غاز السارين والكلور يوم أمس، فقد ارتكبت قوات الأسد أكثر من (12) هجوماً بالأسلحة الكيماوية ضد المدنيين العزل في الغوطة وحدها، ورغم صدور عدة قرارات دولية من مجلس الأمن، ومن أهمها القرار (2118 عام 2013) الذي ألزمه بمنع استخدام وتشغيل ترسانته من السلاح الكيماوي وتفكيكها نهائياً، فقد بقيت كل تلك القرارات الدولية حبراً على ورق، بل وشجعه صمت المجتمع الدولي ونفاق تصريحاته وخواء تهديداته، بارتكاب المزيد من مجازره، وتصعيده حروب الإبادة والتهجير ضد السوريين الأبرياء.
أمام هول وفظاعة تلك الجرائم المصنفة: كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي الإنساني، وفي ظل استمرار تنكّر مؤسسات المجتمع الدولي وفي مقدمتها الأمم المتحدة لصرخات ألوف الضحايا من المدنيين الأبرياء، فإننا ندعو في تجمع مصير كافة قوى الثورة السورية، وكل الأحرار في العالم، إلى التحرك العاجل والجدي على كافة الصعد السياسية والإعلامية والقانونية، لفضح نظام الأسد الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء، والقوانين الدولية، والقيم الإنسانية. وتصعيد المطالبة أمام كافة المحافل والهيئات السياسية والحقوقية والإنسانية، بملاحقة ومحاسبة كل المتورطين من نظام الأسد، عن ارتكابهم جرائم دولية بحق الشعب السوري، ومن أشدّها فداحةً استخدام الأسلحة الكيماوية، واستهداف المدنيين بصورة عشوائية، وجرائم حصار وتجويع السكان، وقتل وتعذيب وإخفاء المعتقلين، وجرائم التهجير القسري، باعتبارها انتهاكات جسيمة وعلى درجة كبيرة من الخطورة وفق القوانين والأعراف والدولية.
وندعو إلى تفعيل التحركات الشعبية في كل مدن وعواصم العالم ( مظاهرات- اعتصامات – وقفات احتجاجية – معارض عن المجازر وضحاياها – بث رسائل مباشرة وحيّة بكل وسائل الإعلام والتواصل- ندوات ولقاءات ومحاضرات- عروض فنيّة تنقل الحقائق الدامية في سوريا- وغيرها من أشكال التأثير بعقول ووجدان كافة الشعوب وبكل اللغات العالمية) لإيصال صوت ملايين الضحايا الذين سقطوا على يد السفاح الأسدي وحلفائه الإيرانيين والروس، ولا يجوز أن ننتظر خطوات من دول ومؤسسات دولية أثبتت أن مصالحها أهمّ وأولّى من دماء شعبنا، فلنتحمل مسؤولياتنا الوطنية والأخلاقية بالدفاع عن حقوق أهلنا، ولنأخذ زمام المبادرة بأيدينا، حتى يسمع العالم أجمع صرخات شعبنا المظلوم، ويشعر بالأنفاس الأخيرة لمن قضوا اختناقاً بسبب الأسد وممارساتها الفاشية، وعلينا من خلال تلك التحركات أن نكثف الضغوط على أصحاب القرار الدولي وإحراجهم أمام شعوبهم، كي تتغير المعادلة وتنهض إمكانية ردع المجرمين والقتلة، ومنع إفلاتهم من العقاب، بما ينصف الضحايا ويحقق العدالة .
الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والحريّة للأسرى والمعتقلين