أمين العاصي
شنّت السعودية هجوماً جديداً على النظام السوري ورئيسه بشار الأسد الذي يقف “فوق جماجم الأبرياء”، ما يوجّه ضربة قوية لمحاولات أطراف عربية فكّ العزلة التي يعيشها هذا النظام منذ مطلع عام 2012، ويصعّب مساعي دول عربية لإعادة نظام الأسد إلى حضن الجامعة العربية في العام المقبل.
السعودية تهاجم النظام: الحرب لم تنته
وشنّ سفير المملكة في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، الخميس، هجوماً حاداً ومباشراً على النظام السوري، مشيراً إلى أن رئيس النظام بشار الأسد، أعلن انتصاره في الحرب الدائرة في سورية “فوق هرم من جماجم الأبرياء”.
وقال المعلمي، في كلمة خلال جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة خُصصت لمناقشة قضايا حقوق الإنسان في بعض دول العالم، ومن بينها سورية: “لا تصدقوهم إن قالوا إن الحرب انتهت، ولا حاجة لقرارات الأمم المتحدة… لا تصدقوهم، فالحرب لم تنته بالنسبة لألفي شهيد أضيفوا هذا العام إلى قائمة الشهداء الذين يزيد عددهم على 350 ألف شهيد”.
وأضاف المعلمي: “لا تصدقوهم إن وقف زعيمهم فوق هرم من جماجم الأبرياء مدعياً النصر العظيم، فكيف يمكن لنصر أن يُعلن بين أشلاء الأبرياء وأنقاض المساكن؟ وأي نصر هذا الذي يكون لقائد على رفات شعبه ومواطنيه؟”.
وأكد السفير السعودي أن النظام السوري هو “أول من فتح للإرهاب أوسع الأبواب، عندما أدخل إلى بلاده حزب الله الإرهابي والمنظمات الطائفية القادمة من الشرق”. ونبّه المجتمع الدولي إلى أن النظام غير مهتم بإعادة إعمار سورية، فـ”إعادة إعمار المباني لا يمكن أن تتقدم على إعادة إعمار النفوس والقلوب التي في الصدور”، وفق قوله.
المعارضة السورية ترحب بكلمة المعلمي
ووجدت الكلمة السعودية ترحيباً كبيراً من قوى الثورة والمعارضة السورية، كونها تضع حداً لتكهنات راجت في الآونة الأخيرة عن قرب تطبيع المملكة مع النظام، على غرار ما فعل كل من الأردن والإمارات.
وأثنى الائتلاف الوطني السوري المعارض على كلمة المندوب السعودي، معتبراً أنها “تعبّر عمّا في قلوب أبناء سورية، وتنقل حقيقة ما يجري على الأرض”، وفق بيان للائتلاف.
كما أشاد الائتلاف بـ”المواقف الثابتة لقيادة المملكة العربية السعودية ودورها في وأد مؤامرات التطبيع مع النظام، ودعمها الإيجابي لكل القرارات الدولية بشأن الملف السوري”.
وجدّد التأكيد “على أهمية الدور السعودي السياسي والدبلوماسي القادر على تحريك ملف الحل في سورية والمساهمة في دفع المجتمع الدولي نحو تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي، وعلى رأسها القراران 2118 و2254”.
وتشكل كلمة المندوب السعودي في الأمم المتحدة رسالة واضحة إلى كل البلدان العربية التي خطت باتجاه التطبيع مع نظام الأسد، برفض الانفتاح على هذا النظام قبل تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية، والتي يرفض النظام التعامل معها بجدية منذ منتصف عام 2012.
ويطرح الكلام السعودي تساؤلات عما إذا كان سيضع حداً لمساعٍ تبذلها دول عربية لدعوة النظام إلى القمة العربية المزمع عقدها في الربع الأول من عام 2022 في العاصمة الجزائرية.
وتؤكد كلمة المندوب السعودي أن النظام السوري صمّ آذانه مجدداً أمام دعوات عربية لفك ارتباطه مع الإيرانيين، والانخراط الجدي في العملية السياسية، لإيجاد حلول دائمة للقضية السورية، إذ لم يتغيّر موقف النظام المتعنت تجاه محاولات الأمم المتحدة كتابة دستور جديد للبلاد يكون مدخلاً واسعاً للتوصل إلى حل سياسي.
وتعليقاً على كلمة المعلمي، رأى عضو هيئة المفاوضات التابعة للمعارضة، إبراهيم جباوي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن كلام المندوب السعودي “يؤكد صدق الرياض في موقفها الداعم للسوريين وثورتهم، كما تؤكد أن موقفها الرافض لعودة النظام إلى الجامعة العربية لم يتغير”.
وشدّد جباوي على أن “للمملكة ثقلا كبيرا وتأثيرا في الجامعة، وتصريحات المعلمي أعادت الطمأنينة للسوريين بعد تخلي الكثير من الدول عنهم”.
من جهته، رأى الباحث السياسي في مركز “الحوار السوري”، ياسين جمول، أن كلمة المعلمي “جاءت موجعة ومفاجئة للنظام وأبواقه الإعلامية”، موضحاً في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “السياق السياسي الحالي هو سياق تطبيع وانفتاح نحو نظام الأسد، لذا فإن الكلمة جاءت لتعدّل الكفة قليلاً”.
وأعرب جمول عن اعتقاده بأن الموقف السعودي “سيضع حداً لمحاولات التطبيع العربي مع نظام الأسد، لاسيما أن هذا الموقف جاء في منصة دولية، ومن متحدث باسم المملكة، ولم يكن تصريحاً صحافياً لأي مسؤول يمكن أن يُقال عنه إنه رأي شخصي له. كلمة المعلمي تُقرأ على أنها موقف السعودية الرسمية من موضوع التطبيع مع نظام بشار الأسد”.
ومنذ بدء الثورة السورية في ربيع عام 2011، حاولت السعودية الضغط على بشار الأسد من أجل إجراء إصلاحات سياسية والكف عن قمع السوريين المطالبين بالتغيير والتنكيل بهم.
وأوفد الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز مسؤولين سعوديين لإقناع الأسد بالتوقف عن القتل، إلا أنه لم يستمع لنصائح الرياض.
وفي عام 2012، قادت المملكة الحملة لتجميد عضوية سورية في الجامعة العربية بعد رفض النظام لكل مبادرات الحل العربية والإقليمية. وخلال سنوات الثورة، قدمت الرياض المساعدات المادية والسياسية للمعارضة السورية.
واستضافت الرياض اجتماعاً لتيارات المعارضة أواخر عام 2015 عُرف لاحقاً باسم “الرياض 1″، والذي انبثقت عنه الهيئة العليا للمفاوضات التي قادت المفاوضات مع النظام تحت مظلة الأمم المتحدة.
وفي 2017، استضافت الرياض اجتماعات جديدة للمعارضة (الرياض 2)، عزّزت فيها هيئة المفاوضات، بإدخال منصات سياسية معارضة إليها لتشكيل مرجعية سياسية واحدة وجامعة لكل منصات قوى المعارضة.
المصدر: العربي الجديد