نقلت “رويترز” عن مسؤولين عراقيين وأتراك أن خطة وليدة لإقليم كردستان العراق لتزويد تركيا وأوروبا بالغاز بمساعدة إسرائيل تعد جزءا مما أغضب إيران ودفعها لقصف العاصمة الكردية أربيل بصواريخ باليستية هذا الشهر.
وكان الحرس الثوري الإيراني قد تبنّى رسمياً قصف أربيل فجر 13 الحالي، مؤكداً في بيان، أنه استهدف “المركز الاستراتيجي للمؤامرة والشر للصهاينة بصواريخ قوية ودقيقة”، معتبراً أن القصف جاء رداً على “الجرائم الأخيرة للكيان الصهيوني”.
وقال مسؤولون عراقيون وأتراك، تحدثوا شرط عدم الكشف عن هويتهم، هذا الأسبوع، إنهم يعتقدون أن الهجوم كان بمثابة رسالة متعددة الجوانب لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، غير أن الدافع الرئيسي كان خطة لضخ الغاز الكردي إلى تركيا وأوروبا بمشاركة إسرائيل.
وقال مسؤول أمني عراقي “كان هناك اجتماعان في الآونة الأخيرة بين مسؤولي الطاقة والمتخصصين الإسرائيليين والأميركيين في الفيلا لمناقشة شحن غاز كردستان إلى تركيا عبر خط أنابيب جديد”.
ولم ترد بعد وزارة الخارجية الإيرانية ولا الحرس الثوري الإيراني على طلبات للتعليق.
وأبلغ مسؤول أمني إيراني كبير “رويترز” بأن الهجوم كان “رسالة متعددة الأغراض لكثير من الناس والجماعات. والأمر يعود إليهم في كيفية تفسيره. وأيا كان ما تخطط له (إسرائيل)، من قطاع الطاقة إلى الزراعة، فهو لن يتحقق”.
وأكد مسؤولان تركيان وجود محادثات شارك فيها مسؤولون أميركيون وإسرائيليون جرت في الآونة الأخيرة لبحث إمداد تركيا وأوروبا بالغاز الطبيعي من العراق، لكنهما لم يكشفا عن مكانها.
وقال المسؤول الأمني العراقي ومسؤول أميركي سابق مطلع على الخطط إن رجل الأعمال الكردي الذي أصيب منزله بالصواريخ الإيرانية، وهو باز كريم البرزنجي، كان يعمل على تطوير خط أنابيب لتصدير الغاز.
ونفى مكتب رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان برزاني عقد أي اجتماعات مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين لمناقشة خط أنابيب في فيلا البرزنجي. وينفي الأكراد أي وجود إسرائيلي عسكري أو رسمي على أراضيهم.
وقالت المصادر إن الخطوة تأتي في وقت حساس سياسيا بالنسبة لإيران وللمنطقة، إذ إن خطة تصدير الغاز قد تهدد مكانة إيران كمورد رئيسي للغاز للعراق وتركيا في حين ما زال اقتصادها يرزح تحت وطأة عقوبات دولية.
ولم يعط المسؤولون العراقيون والأتراك تفاصيل محددة عن خطة ضخ الغاز من كردستان العراق إلى تركيا ولم يحددوا إلى أي مرحلة وصلت أو ما هو دور إسرائيل في المشروع.
وقال أحد المسؤولين الأتراك “توقيت الهجوم في أربيل مثير للاهتمام. يبدو أنه كان موجها بالدرجة الأكبر لصادرات الطاقة من شمال العراق وللتعاون المحتمل الذي قد يشمل إسرائيل. أُجريت بعض المحادثات بشأن صادرات الغاز الطبيعي من شمال العراق ونحن نعلم أن العراق والولايات المتحدة وإسرائيل تتشارك في هذه العملية. تركيا تؤيد ذلك أيضا”.
وقال المسؤول الأمني العراقي إن اجتماعين على الأقل لبحث هذا الأمر مع خبراء الطاقة من الولايات المتحدة وإسرائيل عقدا في الفيلا التي يسكنها البرزنجي وهو ما يفسر اختيار هدف الضربة الصاروخية الإيرانية. ولم يتعرض أحد لإصابات خطيرة في الهجوم لكن الفيلا لحقت بها أضرار جسيمة.
وقال مسؤول حكومي عراقي ودبلوماسي غربي في العراق إن البرزنجي معروف بأنه يستضيف المسؤولين ورجال الأعمال الأجانب في منزله، ومن بينهم إسرائيليون.
وقال المسؤول الأمني العراقي والمسؤول الأميركي السابق إن مجموعة “كار” النفطية المملوكة للبرزنجي تعمل على تسريع خط أنابيب الغاز. وفي نهاية المطاف، قال المسؤول الأميركي السابق إن خط الأنابيب الجديد سيربط بخط استُكمل بالفعل على الجانب التركي من الحدود.
وحتى الآن لم يتخذ العراق خطوة تدويل الهجوم الإيراني، إذ لم تقدم وزارة الخارجية أي مذكرة للأمم المتحدة ومجلس الأمن على خلاف ما حثت عليه قوى سياسية نافذة في البلاد.
وكانت مصادر في هيئة رئاسة البرلمان العراقي قد أكدت لـ”العربي الجديد”، أن التقرير الميداني الخاص بلجنة تقصي الحقائق، والمشفوع بتسجيلات مصورة وإفادات خبراء عسكريين وأمنيين مستقلين ونواب في البرلمان، خلص إلى أن المواقع المستهدفة مدنية ولا وجود لأي منشآت تحت الأرض أو أماكن سرية أو أنشطة غير مدنية.
وأشار التقرير إلى أن المواقع التي سقطت فيها الصواريخ كانت فيلا سكنية داخل مزرعة خاصة لرجل الأعمال الكردي باز البرزنجي، الرئيس التنفيذي لشركة “كار كروب”، إضافة إلى مجمّع سكني قيد الإنشاء. كما سقطت صواريخ أخرى في ساحات مفتوحة قريبة من قناة “كردستان 24″، وكلها ضمن محيط لا يبعد أكثر من 6 كيلومترات عن القنصلية الأميركية الجديدة شمال شرقي أربيل ضمن منطقة ملا عمر.
وفي وقت سابق من اليوم، قال رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان العراق مسرور البارزاني، على هامش منتدى الطاقة العالمي في دبي، إنه على ثقة من أن الإقليم الذي يتمتع بإدارة شبه مستقلة عن بغداد منذ عام 2003، سيصبح قريباً مصدراً مهماً للطاقة وسيصدر إلى تركيا.
وأضاف، وفقا لتلفزيون “تي آر تي TRT” التركي، أنه “يمكننا أن نساعد البلدان في المنطقة وغيرها على تلبية احتياجات الطاقة وسنفعل ذلك، ولدينا القدرة الإنتاجية على تعويض بعض النقص في أوروبا على الأقل”.
المصدر: العربي الجديد