قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة، ميشيل باشيليت، إن “السعي لتحديد مكان ومصير المفقودين في سوريا، بمن فيهم المختفون قسرياً والمختطفون والمعتقلون تعسفياً، يدل على الألم والخوف والمعاناة المستمرة التي سببها الصراع الطويل والرهيب في البلاد”.
وفي جلسة للدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، رحّبت السيدة باشيليت بطلب المنظمة الأممية في القرار 228/76 للحصول على تقرير لدراسة “كيفية تعزيز الجهود الرامية لتوضيع مصير الأشخاص المفقودين في سوريا وأماكن وجودهم، وتحديد هوية الجثث وتقديم الدعم لعائلاتها”.
وذكرت أن مشاورات تجري حالياً مع العديد من الهيئات ذات الصلة، مثل لجنة التحقيق بشأن سوريا، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، واللجنة الدولية المعنية بالمفقودين، مضيفة أن “الحكومات يمكن أن تسهم بقوة في اتخاذ إجراءات بشأن هذه المسألة”.
وأكدت المسؤولة الأممية على أن “حجم المأساة مروّع، حيث يختفي الأشخاص في سياقات مختلفة، ولا سيما في أثناء الأعمال العدائية أو النزوح أو الاحتجاز”، مقتبسة عن إحدى المدافعات السوريات عن حقوق الإنسان قولها إن “كل يوم تأخير يعرض المزيد من الضحايا للخطر، وكل يمر دون أي فعل نخسر المزيد من المعتقلين الذين يموتون في الحجز”.
مصير عشرات الآلاف ما زال مجهولاً
وأوضحت المفوضة السامية لحقوق الإنسان أنه “على الرغم من العمل الدؤوب للضحايا والناجين السوريين، وجمعيات الأسرة ومجموعات المجتمع المدني الأخرى، وجهود العديد من الهيئات الدولية، لا يزال الوضع الحالي لعشرات آلاف الأشخاص وأماكن وجودهم ومصيرهم مجهولاً”.
وأضافت أن “الآلاف من عائلات المفقودين لا تزال تجهل مصير أبنائها وأحبائها”، مؤكدة على أنه “من الضروري إبلاغهم بمصير ومكان وجود أحبائهم والسماح لهم بزيارتهم أو التواصل معهم”.
ودعت السيدة باشيليت إلى السماح لوكالات حقوق الإنسان والوكالات الإنسانية بالوصول إلى جميع الأماكن التي يُحتجز فيها المعتقلون والمختطفون، مشيرة إلى أنه “في كثير من الأحيان، يرتبط هذا الاختفاء بمجموعة من انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان”.
العائلات في سوق سوداء لتقارير مزورة
وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن “التأثير على الأقارب من النساء والأطفال شديد بشكل خاص، إذ إنهم يواجهون عقبات قانونية وعملية متعددة في جوانب أساسية من حياتهم اليومية”، موضحة أنهم “مجبرون على أن يصبحوا العائل الوحيد في حين يقومون بالبحث المرعب والمحبط في كثير من الأحيان عن أحبائهم”.
ولفتت إلى أن “الكثيرين لا يستطيعون المحافظة على سبل العيش الأساسية، أو الوصول إلى ممتلكاتهم، أو الوثائق المدنية، أو الحسابات المصرفية، أو الوصول إلى الميراث، ويرجع ذلك جزئياً إلى استمرار القوانين والممارسات التمييزية التي سبقت الصراع”.
ووفق السيدة باشيليت فإن العديد من عائلات المعتقلين “يتعين عليهم الكفاح من أجل الوصاية على أطفالهم، غالباً من دون دعم اجتماعي وفي مواجهة وصم المجتمع الأوسع”، مشيرة إلى أن ذلك “يؤثر على أطفالهم بطرق مختلفة، مثل الوصول المحدود إلى التعليم، بسبب الأثر المالي لفقدان المعيل الأساسي لأسرهم”.
وأوضحت المفوضة السامية أن “العقبات والانتهاكات التي تواجهها العائلات في البحث عن إجابات لأقاربهم تزيد من صدمة جهلهم بمصير المفقودين، وتشمل هذه المخاوف الانتقام عند الإبلاغ عن الحالات، أو الابتزاز والرشا من قبل أولئك الذين يفترسون يأس العائلات”.
وذكرت أن “المروع بشكل خاص هو السوق السوداء لتقارير مزورة ومزيفة عن الاحتجاز والاستجواب، مما أدى إلى تفاقم معاناة العائلات”، مشددة على أن “العائلات ضحية أيضاً، ولها الحق في معرفة الحقيقة، وإعمال هذا الحق هو خطوة أساسية نحو المساءلة والمصالحة”.
وختمت السيدة باشيليت كلمتها بالتأكيد على أنه “من الضروري أن يستجيب المجتمع الدولي لحجم ورعب الانتهاكات والجرائم المرتكبة في سوريا بإجراءات ملموسة لتعزيز حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية والعدالة”.
يشار إلى أن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وثّقت اعتقال نظام الأسد أكثر من 131 ألف شخص لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو مختفين قسراً منذ آذار من العام 2011 وإلى آذار من العام الفائت.
كما قال رئيس لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق بشأن سوريا، باولو بينيرو، إن أكثر من 100 ألف سوري لا يزالون في عداد المفقودين أو المختفين قسرياً.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا