عدنان عبد الرزاق وجلال بكور
تواجه سورية عجزا متوقعا في إنتاج القمح خلال العام الجاري بنحو 1.2 مليون طن مقابل استهلاك سنوي يصل إلى 2.5 مليون طن، لتستمر مسيرة التراجع الحاد في الإنتاج وسط شكاوى المزارعين المحليين من الخسائر التي تعرضوا لها، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الحبوب عالميا على خلفية تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقدر مدير مؤسسة الحبوب في حكومة المعارضة السورية حسان محمد إنتاج الموسم الحالي بنحو 1.2 مليون طن من القمح “القاسي والطري” في عموم الأراضي السورية، بينما يتوقع المهندس الزراعي يحيى تناري أن يبلغ العجز بين الإنتاج والاستهلاك أكثر من مليون طن.
وأضاف محمد، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، أن حصة المعارضة في المناطق المحررة بنحو 200 ألف طن، في حين المتوقع أن يكون أعلى إنتاج في المناطق التي تسيطر عليها “قوات سورية الديمقراطية”، شمال شرقي سورية، بنحو 600 ألف طن، ولن يزيد الإنتاج في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد عن 400 ألف طن.
وحول أسباب تراجع الإنتاج لهذا الموسم عن المتوقع، يبيّن المهندس محمد أن المساحات المزروعة بالقمح تراجعت هذا العام، إضافة إلى ظروف جفاف مرت على البلاد خلال شهر إبريل/ نيسان، أثرت كثيراً على إنتاجية الدونم، وبالتالي على الإنتاج الكلي في سورية. بينما يشير تناري إلى أن سعر القمح “الزهيد”، الذي حدده النظام لهذا الموسم، قد يزيد من تهريب القمح إلى دول الجوار، خاصة بعد تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار إلى نحو 4 آلاف ليرة.
وأشار تناري إلى أن الحرب الروسية على أوكرانيا أفقدت النظام أهم مصادر استيراد القمح وبدّلت من خيارات وعرض القمح عالمياً، كما أن توقف الدول المنتجة عن التصدير، كالهند، سيزيد من صعوبة تأمين القمح للعام المقبل، مرجحاً ارتفاع الأسعار عالمياً، وبالتالي استمرار نظام الأسد سحب الدعم ورفع أسعار الخبز ومنتجات القمح واللجوء للقمح الأوروبي عن طريق رجال الأعمال.
وكانت حكومة بشار الأسد قد حددت، خلال مؤتمر الحبوب أخيراً، سعر شراء كيلوغرام القمح من الفلاحين للموسم الحالي بـ1700 ليرة، إضافة لمنح مكافأة بنحو 300 ليرة سورية، ليصبح السعر النهائي 2000 ليرة سورية للقمح ضمن مناطق سيطرة النظام السوري ومكافأة بنحو 400 ليرة لمن يسلم القمح لمؤسسات النظام بالمناطق الخارجة عن سيطرته، ليصبح سعر الكيلو 2100 ليرة سورية.
ويذكر أن إنتاج سورية من القمح كان قبل عام 2011 بين 3.5 و4 ملايين طن، في حين الاستهلاك السوري لا يزيد عن 2.5 مليون طن، ولكن، منذ نحو عشرة سنوات، تراجع إنتاج القمح إلى نحو 1.2 مليون طن، يتوزع على مناطق المعارضة “شمال غرب” ومناطق الإدارة الذاتية “شمال شرق” ومناطق سيطرة الأسد.
خسائر المزارعين
ويعاني مزارعو القمح في سورية من غلاء المحروقات والأجور المتعلقة بعمليات الحصاد، إضافة للحرائق التي زادت من خسائر بعضهم بعد موجة الجفاف والصقيع التي ضربت مئات الدونمات المزروعة بالقمح والشعير خلال الموسم الحالي.
كما يواجه المزارعون ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم وجود قدرة شرائية في السوق المحلية، وتسلط النظام على المحاصيل الاستراتيجية، إضافة إلى صعوبة التصدير للخارج.
يقول محمد، من مزارعي منطقة كمام في ريف حمص الجنوبي الغربي، إن مساحة الدونم في حالة الإنتاج الجيد هذا العام أنتجت في المتوسط 300 كلغ، يذهب منها أكثر من 250 كلغ لتغطية كلفة الزراعة، أي أن الربح في الدونم الواحد هو 50 كلغ، وبضرب هذه النتيجة بسعر القمح الذي حددته حكومة النظام يكون الناتج 85 ألفا أي ما يعادل 18 دولارا في الدونم.
ويؤكد محمد لـ”العربي الجديد” أنه لم يربح شيئاً، وكان كل عمله هذا العام من أجل تفادي الخسارة الكبيرة بعد موجة الصقيع، التي سبقها انحسار في سقوط الأمطار، وذلك أثر سلبا على كمية الإنتاج ووزن حبوب القمح أيضا.
وأضاف أنه ليس الخاسر الوحيد في المنطقة بل هناك مزارعون التهمت النيران مجهولة المصدر قرابة 200 دونم من محصولهم، ولليوم ينتظرون نتائج التحقيق ولا يدرون من سيقوم بتعويضهم عن هذه الخسارة، مشيرا إلى أن هناك مساحات واسعة في المنطقة تزرعها مليشيات النظام.
وأشار المزارع “محمد” إلى إن حصاد الدونم الواحد تكلفته يمكن أن تصل إلى 16 ألفا، تحسم من الربح الكلي الذي قدره سابقا بـ85 ألفا، وبالتالي يكون ربحه من الدونم الواحد 12 دولارا و1200 دولار للمائة دونم.
وأضاف أن المزارع السوري تعب موسما كاملا لقرابة 7 أشهر كاملة من أجل أن يحظى بهذا المبلغ، إن لم تكن لديه أي خسارة أخرى على مستوى الأمراض والحشرات والتلوث والحرائق.
المصدر: العربي الجديد