يتعامل النظام السوري مع الأزمات الاقتصادية المتزامنة التي تشهدها مناطق سيطرته بالأعذار الجاهزة والمبررات مسبقة الصنع، التي يقابلها عجز حكومي ملموس عن تقديم حلول إسعافية تنتشل البلاد من مستنقع التدهور الاقتصادي، الذي ينعكس بدوره على الواقع المعيشي للمواطن.
وبينما يعاني المواطن ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار لا تواكبه المعاشات الشهرية للعاملين في المؤسسات الحكومية، أطل رئيس النظام، بشار الأسد، في لقاء مصوّر مدّته نصف ساعة تقريبًا، مع قناة “RT” الروسية، الناطقة بالعربية، مساء أمس الخميس، 9 من حزيران، وتطرق للعديد من القضايا التي تصدرها الاقتصاد، مستخدمًا مجموعة من الذرائع التي غلب عليها ما هو خارجي.
الذرائع المطروحة ليست جديدة عن الأسد، باعتباره استخدمها أيضًا في خطاب القسم الدستوري الذي أداه في 17 من تموز 2021، بعدما انتخب نفسه في أيار من العام نفسه.
وحينها جدد التأكيد على الحجج والمسوغات الاقتصادية التي قدمها سابقًا ليعزو لها حالة الإنهاك الاقتصادي ضمن مناطق سيطرته.
وردًا على سؤاله حول التحديات الاقتصادية التي يعيشها المواطن كقيمة الليرة والوضع المعيشي، قال بشار الأسد إن الحصار جزء من المشكلة، كونه يرفع التكاليف ويبطئ العملية الاقتصادية، مبينًا وجود أسباب عالمية أخرى، كوجود أسباب لها علاقة بفيروس “كورونا المستجد”.
وأضاف الأسد أن الغرب يريد وضع كل المشاكل كنتيجة لحرب أوكرانيا وتحديدًا كنتيجة للسياسة الروسية، (في إشارة للغزو الروسي لأوكرانيا المستمر منذ 24 من شباط الماضي).
وصنف الأسد خلال حديثه الأسباب ضمن ما له علاقة بـ”الحرب”، والحصار، والخطط الحكومية، ملمحًا لمسؤولية محتملة للشركات، وعادات المواطنين الاستهلاكية، التي تسهم سلبًا وإيجابًا في الوضع الاقتصادي، وفق رأيه.
الأسد روّج لما قال إنه “مكافحة فساد” يركّز عليها النظام، إذ زعم البدء بـ”مكافحة الفساد” رغم الظروف الراهنة على خلاف ما تسلكه الدول في ظروف مشابهة، باعتبار أن “الحرب” تضعف مؤسسات الدولة، وعندما تضعف مؤسسات الدولة يكثر الفساد.
ولفت أيضًا لوجود عقبات مثل “الحرب” وضعف مؤسسات الدولة بسبب “الحرب”، كما أن النظام الإداري الذي يحتاج الكثير من التطوير، أهم عامل في مكافحة الفساد.
وأضاف الأسد “لكن هذا لا يعني أننا نستطيع أن نحقق طموحاتنا في مكافحة الفساد في ظل الظروف التي نعيشها”.
وفي معرض رده على الآلية التي يمكن من خلالها للمواطن التوفيق بين احتياجاته اليومية وهذا التدهور المعيشي، اعتبر الأسد أن الحل يكمن في الإنتاج، المربوط بالكهرباء، التي ستشهد بدورها تحسنًا خلال العام الحالي، دون رفع السقف عاليًا، باعتبار أن “هناك ظروف تأتي ضدنا، وهناك محاولات لضرب كل خطوة نقوم بها للأمام في المجال التنموي”.
وتحتل سوريا المرتبة التاسعة في قائمة “الإنقاذ الدولية” لمراقبة حالة الطوارئ خلال العام الحالي، وهي قائمة سنوية عالمية للأزمات الإنسانية، ومن المتوقع أن يتدهور الوضع الإنساني بشكل أكبر خلال العام المقبل، وفق القائمة.
وارتفع عدد السوريين الذين يحتاجون إلى مساعدة إنسانية خلال العام الحالي بنسبة 9% مقارنة بعام 2021، إذ بلغ عددهم نحو 14 مليونًا و600 شخص، وفق تقرير للأمم المتحدة صدر في 23 من شباط الماضي.
ويلجأ معظم السوريين إلى الاعتماد على أكثر من مصدر لمحاولة الموازنة بين الدخل والمصاريف، وأبرز تلك المصادر الحوالات المالية من مغتربين خارج سوريا، والاعتماد على أعمال ثانية، كما تستغني كثير من العائلات عن أساسيات في حياتها لتخفض معدّل إنفاقها.
المصدر: عنب بلدي