لن يحول “فيتو” موسكو الأخير على مشروع إيرلندي-نرويجي؛ يقضي بتمديد دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا لعام واحد، دون البحث عن بدائل توفر المساعدات لأكثر من 4 ملايين سوري يعتاشون عليها، منعاً لأن تكون له تبعات كارثية تهدد حياة الملايين في شمال غرب سوريا، بعد انقطاع الشريان الأخير لحياتهم.
واشنطن تتعهد بالبدائل
وخرجت المندوبة الدائمة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا توماس- غرينفيلد، عقب عرقلة القرار الأممي من قبل روسيا الجمعة، بمؤتمر صحافي تعهدت فيه بمواصلة البحث عن آليات جديدة لإدخال المساعدات إلى سوريا حتى بعد استخدام موسكو الفيتو ضد القرار.
وقالت غرينفيلد إن فشل مجلس الأمن باستصدار القرار يعتبر “يوماً أسود”، و”سيدفع السوريون ثمن النهج الروسي غير المهني خلال المفاوضات المتعلقة بتمديد القرار”، وتابعت: “أمامنا يومان فقط الى حين انتهاء التفويض الحالي.. سنواصل البحث عن آليات لإيصال المساعدات للسوريين حتى بعد استخدام الفيتو الروسي”.
واستبعدت غرينفيلد أن يقوم الرئيس الأميركي جو بايدن بمكالمة نظيره الروسي فلاديمير بوتين والتفاوض معه بهدف تليين موقف موسكو تجاه التمديد، على غرار ما جرى سابقاً قائلة: “لا خطط لدينا لإجراء اتصالات كهذه”.
البدائل الأميركية
وغرينفيلد التي زارت معبر باب الهوى مطلع حزيران/يونيو الماضي، أكدت حينها صراحة وجود خططٍ بديلة؛ يمكن اللجوء إليها في حال عرقلة القرار من قبل موسكو.
لكن نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا، مارك كتس، أكد عدم وجود خيارات بديلة للمساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة إلى ملايين السوريين، وهو الأمر الذي أكدّه أيضاً المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، قائلاً: “باب الهوى هو آخر شريان حياة يحول دون وقوع كارثة إنسانية لملايين الأشخاص في سوريا، لا يوجد بديل لتقديم المساعدات بهذا الحجم وبهذا النطاق”.
وعزا مدير فريق “منسقو استجابة سوريا” محمد الحلاج تناقض التصريحات حول وجود البدائل إلى “التلاعب” الذي يخضع له الملف السوري من قبل الدول الفاعلة وضمنها الولايات المتحدة، داعياً واشنطن والغرب إلى تبني القرار خارج مجلس الأمن على غرار ما حدث بقرارات مررت سابقاً لدعم الحرب الأوكرانية.
وقال الحلاج لـ”المدن”، إن أحد المقترحات التي وضعت كبديل هي “إدخال المساعدات عبر قوافل يرعاها الهلال الأحمر التركي، لكن القرار لم يلقَ القبول بشكل كامل، وبالتالي يثبت المجتمع الدولي عجزه بالملف الإنساني السوري”.
ثلاثة بدائل
وأضاف الحلاج أن فريقه وضع العديد من الخيارات كبدائل للقرار الأممي، لكنه لم يخفِ في الوقت نفسه وجود مصاعب حقيقية قد تقف حاجزاً دون تطبيقها من قبل المانحين الدوليين.
وحول تلك الخيارات، أوضح أن الخيار الأول يتمثل باللجوء للتصويت على القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة خارج نطاق مجلس الأمن بدعوة استثنائية من أحد أعضائه، وبالتالي ضمان عدم استخدام روسيا لحق النقض.
وأضاف أنه يمكن دعوة المنظمات الإنسانية في المنطقة إلى العمل خارج نطاق التفويض الأممي التي توقفت أعمالها بعد صدور قرار مجلس الأمن 2165، أو تحويل التمويل الخاص بوكالات الأمم المتحدة إلى منظمات دولية غير حكومية، تقوم بتوزيع الدعم المقدم إلى الجهات المحلية كمنظمات المجتمع المدني.
ووفقاً للحلاج، فإنه يمكن الذهاب باتجاه إنشاء صندوق تمويل إنساني خاص بسوريا، ويكون بديلاً من صندوق التمويل الانساني الخاص بالأمم المتحدة، بالتزامن مع تشكيل كتل تنسيق رئيسية موزعة على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أو اللجوء إلى إنشاء تحالف دولي من منظمات دولية غير أممية تعمل على دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود بشكل مباشر، أو غير مباشر مع شركاء محليين في المنطقة.
لكن تلك الحلول التي وضعها الفريق تواجه العديد من المعوقات، أبرزها تلك المتعلقة برفض المانحين الدوليين تحويل الأموال المخصصة للمساعدات الإنسانية خارج نطاق وكالات الأمم المتحدة لاعتبارات عديدة خصوصاً المتعلقة بتمويل الإرهاب، عدا عن الوقت الطويل واللازم لتطبيقها والذي لا يقل عن 6 أشهر، وبالتالي نقص كبير بالمخصصات الإنسانية، فضلاً عن حرمان ملايين السوريين من الحصول عليها خلال هذه المدة.
كما لم يُغفل الحلاج وجود مخاوف أخرى متعلقة بإمكانية استهداف القوافل التي كانت تخضع لآلية تحييد عن القصف، بعد انسحاب روسيا منها، مشيراً إلى أن الاحتمال وارد وبقوة إذا انسحبت الأمم المتحدة بشكل كامل من العملية الإنسانية في سوريا.
وندّد العديد من المنظمات الإنسانية الدولية بالفيتو الروسي. وقال رئيس “لجنة الإنقاذ الدولية” ديفيد ميليباند، إن “تقويض القرار بمثابة القضاء على آخر شرايين الحياة الحاسمة للسوريين، وخاصة مع وصول الاحتياجات الإنسانية إلى مستوِى قياسي”، محذراً من أسوأ أزمة جوع تهدد حياة ملايين السوريين، ومعتبراً أن استخدام الفيتو “يخالف المنطق والمبدأ”.
من جانبه، قال مدير الاستجابة السورية في منظمة “أنقذوا الأطفال” الدولية تامر كيرلس، إن “فشل المجلس في إعادة ترخيص هذا المعبر يهدد حياة مئات الآلاف من الأطفال الذين لم يعرفوا شيئاً سوى الصراع والحياة في المخيمات”، داعياً مجلس الأمن إلى “الانعقاد على الفور لإعادة تفويض الطريق الوحيد الفعال لمساعدة الأمم المتحدة إلى شمال غربي سوريا”.
المصدر: المدن