هبة محمد
في مؤشر قوي على تنامي نشاط تنظيم «الدولة» في الميدان وخاصة السوري، وإعادة تنظيم صفوفه الداخلية، تجاوزاً لمحناته السابقة عبر تكريس حرب العصابات، أعلنت حسابات إعلامية لتنظيم «الدولة»، مسؤولية الخلايا التابعة له عن 8 عمليات شمال وشمال شرقي سوريا خلال الأسبوع الأخير، كان آخرها هجومين متزامنين ضد كل من قوات النظام السوري، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) أسفرا عن قتلى وجرحى، بينما اعتقلت قوات التحالف الدولي الثلاثاء، متهماً بتمويل تنظيم داعش وإدارة شؤونه المالية في الحسكة شمال شرقي سوريا.
ونشرت وكالة إخبارية تابعة لتنظيم «الدولة»، الثلاثاء، أن خلايا التنظيم في الرقة فجروا، أمس، آلية تابعة لقوات النظام السوري جنوب مطار الطبقة العسكري غربي الرقة، عبر استهدافها بعبوة ناسفة. ووفقاً للمصدر فإن عناصر التنظيم استهدفوا بـ «عبوة ناسفة، آلية للجيش السوري جنوب مطار الطبقة». حيث أسفر الهجوم عن احتراق الآلية العسكرية وإصابة من كان فيها.
في موازاة ذلك، شن عناصر التنظيم هجوما آخر استهدف «حاجزاً لقوات سوريا الديمقراطية شرق منطقة عين عيسى في محافظة الرقة» ووفقاً للحساب التابع لتنظيم «الدولة»، فإن العملية نفذت «بالأسلحة الرشاشة، ما أدى لمقتل 3 عناصر وإصابة اثنين آخرين». وغداة الهجوم المزدوج، شنت قوات التحالف الدولي بمشاركة عناصر من ميليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي «ب ي د « عملية دهم واعتقال ضد متهمين بالتعامل مع تنظيم «الدولة» في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا. وذكرت شبكة «الخابور» المحلية، أن قوات التحالف الدولي، بمساندة عناصر من ميليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي «ب ي د « أمس الثلاثاء، اعتقلت شخصاً متهماً بتمويل تنظيم داعش وإدارة شؤونه المالية، في منطقة دوار مرشو في مدينة الحسكة، كما اعتقلت شخصاً، آخر من موقع قريب من قوات النظام السوري.
ووفقاً للمصدر، فإن أربع سيارات عسكرية مصفحة وكلاباً بوليسية، تابعة للتحالف داهمت بمشاركة عناصر ميليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي «ب ي د»، منزلاً عند دوار مرشو بالقرب من مكتب القدموس في نهاية شارع القامشلي، وسط تحليق مكثف لطيران التحالف الدولي، حيث اعتقلت شخصاً متهماً بالمشاركة في إدارة الشؤون المالية لتنظيم «داعش» وصادرت مبلغاً مالياً ضخماً.
خلايا نشطة
ويمكن الملاحظة، أن تنظيم «الدولة» قد نجح وانتهى من مرحلة التشتت التي عصفت به، وهذا ما يمكن تعليله من خلال زيادة هجماته المتكررة ضد قوات النظام السوري وقسد، إذ تنشط خلاياه بشكل مكثف في كل من الرقة والحسكة، حيث رصدت «القدس العربي» مجموعة من الحسابات الرسمية التابعة لتنظيم «الدولة» والتي أعلنت عن 8 عمليات نفذها عناصر التنظيم ضد قوات النظام السوري وقسد خلال أقل من أسبوع، شمال وشمال شرق سوريا.
ووفقاً للمصادر فقد نفذت هذه الخلايا، في الرابع من الشهر الجاري عمليتين، استهدفت الأولى ناقلة جند، والثانية مقراً عسكرياً تابعاً لقوت سوريا الديمقراطية. وقالت حسابات تابعة للتنظيم يوم الأحد الفائت، إن عناصر التنظيم فجروا «عبوة ناسفة في مقر لقوات سوريا الديمقراطية في قرية القلعة بمنطقة تل كوجر التابعة لمحافظة الحسكة ما أدى لمقتل عنصر منهم وإلحاق أضرار بالمقر». كما نفذت الخلايا العاملة في الحسكة «كميناً مسلحاً استهدف ناقلة جنود لقوات سوريا الديمقراطية قرب بلدة تل برك في مدينة الحسكة حيث تم استهدفها بالأسلحة الرشاشة، ما أدى لمقتل أربعة عناصر وإصابة آخرين، وتضرر الآلية». وسبق ذلك استهداف «آلية لمليشيات سوريا الديمقراطية قرب بلدة تل السمن شمالي الرقة بالأسلحة الرشاشة، ما أدى لتضررها وإصابة عنصر كان على متنها» و»تفجير عبوة ناسفة على آلية لقوات سوريا الديمقراطية شرق بلدة الكرامة في مدينة الرقة ما أدى لإعطابها ومقتل وإصابة من كان على متنها». إضافة إلى استهداف «دورية لقوات النظام السوري جنوبي مطار الطبقة العسكري بريف الرقة الغربي ما أدى لمقتل وإصابة 9 عناصر على الأقل بينهم ضابط» وفقاً للمصادر.
الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية، فسر زيادة عدد هجمات التنظيم، بمحاولته اختبار الرد، واختبار قدرته في ذات الوقت على إعادة فرض السيطرة المكانية كما كان سابقا، معتبرا أن كثافة الهجمات تنذر بأن التنظيم قادر على البدء بمرحلة جديدة بانتظار الفرصة السانحة.
من التكتيك إلى الاستراتيجية
وقال في تصريح لـ «القدس العربي» إن تنظيم «الدولة» منذ خسارته لسيطرته المكانية مارس/آذار 2019 تحول من ناحية السيطرة المكانية والخلافة الواقعية إلى ناحية حرب الاستنزاف، وأعاد الهيكلة كمنظمة لامركزية تعمل من خلال الفصل بين الولايات والمفارز والقواطع، وغيّر الولايات من عسكرية إلى أمنية، وبالتالي هو يعتمد استراتيجية صبورة، ويضع خططاً سنوية وذلك منذ ظهوره عام 2003.
وبيّن الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، أن تنظيم «الدولة» لديه خبرة طويلة في انتهاز الفرص، حيث قال «هو لا يخلق الأزمات إنما يستغلها ويستثمرها دائماً، كما أنه يدرك تراجع الأجهزة العالمية في مكافحة الإرهاب العابر للحدود، تبعاً للأولويات الجيوسياسية والأولويات الاستراتيجية المختلفة، وهو ما فسح المجال أمام التنظيم للمناورة أو التمدد، لكن أولويته الآن حرب استنزاف وهو يحاول أن يحافظ على نسق ثابت من العمليات سنوياً، فقد تزيد في شهر أو تنقص في آخر، لكنها قدرة ثابتة».
واعتبر المتحدث أن التنظيم «مقتصد في استخدام القوة والعمليات المركبة، معتمداً على العمليات البسيطة كالعبوات الناسفة والاغتيالات وبعض الكمائن، يعني أنه قد تبنى استراتيجية صبورة تعتمد على انتهاز الفرص، فكلما رصد التنظيم نوعاً من التراخي الأمني أو وجود مشاكل اقتصادية اجتماعية زاد من هجماته، فهو يختبر الرد، وعندما يصعد من الهجمات ولا يجد استجابة في رد، يتشجع أكثر، وهذه هي طريقة التنظيم دائماً، فإنه يحول التكتيك إلى استراتيجية جديدة».
وحول أهداف التنظيم ومخططاته قال: إلى الآن التنظيم يتمسك باستراتيجية السيطرة المؤقتة أو غير المرئية، وليس لديه خطط للسيطرة المكانية، لكنه ربما يحول بالمستقبل هذا التكتيك إلى استراتيجية، لأن التنظيم هدفه بالنهاية فرض السيطرة جغرافياً كما كان سابقاً، وبالتالي زيادة عدد الهجمات بالنسبة له هو اختبار على الرد واختبار لقدرته على هجمات منفردة أو مركبة، كما أن التنظيم يدرك الاختلالات مع تغير الأولويات المحلية والدولية، وبالتالي هو قادر على ينتقل، فهذه الهجمات تنذر بأن التنظيم قادر على البدء بمرحلة جديدة، لكن حتى الآن لا توجد لديه خطط معلنة وواضحة اتجاه السيطرة المكانية في انتظار الفرصة لاحقاً.
المصدر: «القدس العربي»