د. مخلص الصيادي
الهجوم الذي تتعرض له قطر في هذا الجانب يستدعي تبصر ووعي. وموقف حاسم، ولا يجوز أن تترك قطر لوحدها في هذه المعركة.
يستحيل أن يكون هناك موقف وسط إزاء قضية الشاذين، وحريتهم في ممارسة هذا الشذوذ ونشره، بدعوى أنه جزء من حقوق الانسان، هذه فرية خطيرة، حقوق الانسان ليست صفات تفرضها هذه الجهة أو تلك. وإنما هي ترقي في حقوق منسجمة مع أسس وسنن وضعها الله للوجود وللاجتماع البشري، بيولوجيا وأخلاقيا.
الشذوذ في حقيقته عدوان وتعدي على حقوق الانسان وفطرته، تحركة مفاهيم وقيم لا علاقة لها بالانسانية، ولا بمجتمعاتها، وإذا كانت النظم الغربية الممتهنة لتلك الفطرة والسنن تريد أن تفرض على الدول والمجتمعات الأخرى قيمها وموازينها فيجب الوقوف ضد ذلك بكل وضوح وحسم، ودون أية مواربة، ولا بأس أن يكون للنظام الدولي نموذجين من القيم الأخلاقية نموذج يبنى على اساس تلك الفطرة والسنن ويتطور استنادا لهذا الأساس. ونموذج يبنى على الأهواء والشذوذ ، والرغبات الجامحة.
ونحن نؤكد أن النموذج هذا سوف يضمحل وينهزم في نهاية المطاف لأنه مخالف لتلك الفطرة والسنن التي أقيم عليها الخلق كله. بما فيه الخلق الحيواني. لكن المجتمع الغربي لن يتنبه الى هذه الحقيقة إلا بعد أن يرى نتائجها الاجتماعية المدمرة. وإلى حين ذلك ستكون الانسانية قد دفعت أثمانا غالية.
يجب الدفاع عن النموذج السوي في بناء المجتمع وعدم التهاون في هذه المعركة، ليس دفاعا عن مجتمعاتنا، وإنما أيضا للقيام بمسؤولياتناا تجاه المجتمع الانساني، وهذه المعركة أشد وأبعد أثرا من كثير مما نواجهه وتواجهه المجتمعات الانسانية من معارك.
وفي هذا الجاني تحديدا نحن لا نتحدث عن الشرائع أو الشريعة الاسلامية التي أكدتها كل الشرائع السابقة، ولكننا نتحدث عن سنن الخلق، وفطرة الخلق، وهذا أعلى مرتبة ومستوى من “الشريعة” لأن الشريعة أو الشرائع إنما جاءت في بعض أوجهها للمحافظة على تلك السنن، وتلك الفطرة، ومن هنا تصبح الانسانية كلها ذات مصلحة وجودية في هذه المعركة، وفي ضرورة هزيمة هذه القيم القائمة على الغاء ثنائية الخلق بين الذكر والأنثى.وعلى إقامة الأسرة التي هي أساس وجود المجتمعات الانسانية على هذه الثنائية.
يجب العمل الدؤوب على صوغ قيم حقيقية بناءة للفنون والموسيقى والرياضة والآداب، وجميعها نشاطات انسانية إبداعية، تستهدف رقي الانسان ومجتمعاته وتقدمها، كما تستهدف توسيع آفاق الحرية للإنسان الفرد ولمجتمعه، لتكون داعمة للقيم الحقيقية للمجتمع الانساني ومعززة له.
وفي هذا الميدان لا يجوز الرضوخ لأي ضغط ولا لأي ابتزاز، ويجب أن يكون الأمر واضحا جليا منذ البداية، أي منذ الخطوة الأولى لأية فعالية دولية مهما كان حجمها وتكاليفها والمتوقع من ورائها.