وائل عصام
تضاربت الأنباء عن اعتزام القوات الأمريكية إعادة الانتشار في بعض مناطق شمال شرق سوريا التي انسحبت منها في وقت سابق، لكنها أثارت تساؤلات حول دلالاتها، وما إن كانت تُخفي رغبة أمريكية بقطع الطريق على أي تفاهمات روسية – تركية في سوريا.
وكانت تقارير نشرتها وسائل إعلام كردية، قد كشفت أن القوات الأمريكية بدأت ببناء قاعدة عسكرية لها على ضفة نهر الفرات، بالقرب من مقر قوى الأمن الداخلي “الأسايش” التابع لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مدينة الرقة.
وربط موقع “باسنيوز” بين الخطوة الأمريكية، وبين التهديدات العسكرية التركية بخيار العملية العسكرية في الشمال السوري، مؤكداً على لسان مصدر (لم يسمه) مقرب من “قسد”، أن واشنطن أجبرت تركيا على التراجع عن هجومها العسكري البري على شمال سوريا، مستدركاً بقوله: “لكن كل الخيارات لا تزال مفتوحة، وقسد مستعدة لأي حرب جديدة في المنطقة”.
ولم تؤكد مصادر “القدس العربي” من الرقة الأنباء عن شروع القوات الأمريكية في بناء قاعدة عسكرية لها في الرقة، ولكن “المحافظة تخلو تماماً من أي وجود عسكري أمريكي”. وقال الناشط الإعلامي أحمد الشبلي من الرقة، إن كل ما تم تداوله حول عودة أمريكية محتملة للرقة يأتي في إطار التسريبات والمداولات الإعلامية.
وأضاف لـ”القدس العربي” أنه رغم وقوع الرقة ومنبج وعين العرب (كوباني) تحت النفوذ الأمريكي، إلا أن القوات الأمريكية لا تتواجد في هذه المناطق، حيث اقتصر الوجود الأمريكي العسكري في سوريا على ريفي الحسكة ودير الزور، ومنطقة التنف عند المثلث الحدودي السوري – الأردني – العراقي. وفي رأيه، لا مصلحة للولايات المتحدة بالعودة إلى الرقة وغيرها من المناطق القريبة من خطوط الجبهات.
في المقابل، لم يستبعد المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية حازم الغبرا، أن تُوسع القوات الأمريكية من نطاق انتشارها العسكري في سوريا، وخاصة مع زيادة وتيرة التهديدات التركية بشن عملية عسكرية برية في الشمال السوري.
وقال لـ”القدس العربي”، قد يكون الانتشار الأمريكي لقطع الطريق على تفاهمات بين أنقرة وموسكو، تخص الوضع العسكري في شمال شرق سوريا. وخلال اليومين الأخيرين، نفذت القوات الأمريكية أكثر من إنزال جوي في مناطق سيطرة “قسد”، ضد أعضاء من تنظيم الدولة، بالتشارك مع قوات “قسد”، ما يُعطي إشارة على عودة الزخم العسكري في سوريا، وعدم تغير موقف واشنطن الرافض للعملية العسكرية التركية.
كذلك استهدفت قوات “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن، الثلاثاء، منزلاً في مدينة الباب شرق حلب، الخاضعة للجيش الوطني السوري المدعوم تركياً، بصاروخ موجه، وأسفرت الغارة عن إصابات في صفوف سكان المنزل.
تزامناً، قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن واشنطن ستبقي قنوات الاتصال مفتوحة مع تركيا بشأن شن عملية عسكرية برية في سوريا، وقال المتحدث باسم الوزارة بات رايدر للصحافيين: “نتواصل بانتظام على مستويات عدة مع تركيا، وبالتأكيد عندما يتعلق الأمر بسلامة قواتنا وأمنها فإني آمل ألا نجد الأتراك في وضع قد يعرّض ذلك للخطر”.
وتابع: “لقد كنا واضحين جداً وبشكل علني مع حلفائنا الأتراك في ما يتعلق بموقفنا حيال عملية عسكرية جديدة محتملة في شمال سوريا”، مضيفاً “في الوقت الحالي نواصل مراقبة الوضع، وسنبقى على اتصال وثيق مع حلفائنا الأتراك على تلك الجبهة”.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية، قد أعلنت قبل أسبوعين، استئناف جميع الدوريات المشتركة مع “قسد” بعد توقفها، بسبب الهجمات التركية الأخيرة، غداة إعلان “قسد” في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تعليق العمل مع قوات التحالف الدولي، لانشغالها بالتعامل مع الهجمات التركية.
المصدر: «القدس العربي»