عبر استحداث مرجعيات روحية
عماد كركص
بالتزامن مع تواصل الحراك الشعبي ضد نظام بشار الأسد، في محافظة السويداء جنوبي سورية، والذي تجاوز أسبوعه الثالث، بدأت تظهر محاولات للنظام باستهداف هذا الحراك من خلال شق صف المرجعيات الروحية التي تمثل الطائفة الدرزية المكون الرئيسي لسكان السويداء بعد فشله باتهام المحتجين بأنهم أصحاب توجهات انفصالية.
وعمد نظام الأسد، بداية الشهر الحالي، إلى تشكيل “هيئة روحية” للطائفة الدرزية لكل من ريف وغوطتي دمشق والقنيطرة، مركزها حي التضامن بمدينة دمشق، الذي يحوي أقلية درزية، واختيار مقرّب من مليشيا “الدفاع الوطني” ليكون على
رأسها.
ورسا اختيار النظام على المدعو معن الصافي، رغم أنه غير معروف في الأوساط المشيخية الدرزية من قبل، وقد اطلع “العربي الجديد”، على تسجيلات مصورة للاجتماع لـ”الهيئة الروحية” الذي جرى يوم 2 سبتمبر/ أيلول الجاري، وتم عرضه لأول مرة، الأربعاء الماضي.
وظهر أفراد “الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين في دمشق وغوطتي دمشق وقرى جبل الشيخ والقنيطرة”، لأول مرة في احتفال يضم مشايخ ليس لهم أي حضور وازن داخل الطائفة، ومعهم الكثير من عناصر مليشيا “الدفاع الوطني”
الذين ارتدوا زياً مدنياً. وأقيم الاحتفال تحت عنوان “نموت ونحيا لأجلك سورية” في حي التضامن الدمشقي، ورفعت خلاله صور لبشار الأسد وأعلام النظام إلى جانب أعلام الطائفة الدرزية.
وخلال تلك الفعالية، قال معن الصافي الذي ظهر كرئيس للهيئة المذكورة، إن “الوطن وعلمه وجيشه وقائده” خط أحمر، في رد على ما يبدو على رفع الشعارات في السويداء بإسقاط بشار الأسد وحمل أعلام الطائفة بدلاً من علم النظام السوري.
ورغم أنّ الصافي أشار إلى أنّ مطالب الحراك في السويداء محقة، إلا أنّه اعتبر أنّ مكانها “ليس الشارع”، بل “مؤسسات الدولة”.
وحول تلك الخطوة، قال الشيخ أكرم سليمان، الذي يشارك في حراك السويداء منذ بدايته، إنّ معن الصافي الذي ظهر في الفعالية، “حصل على لقب الشيخ حديثاً، وليس له وزن مشيخي بين مشايخ الطائفة”.
وأضاف، في تصريح لـ”العربي الجديد”، اليوم الأحد، أنّ “ما حصل في فعالية التضامن ليس سوى حركة من النظام للفت الأنظار عن حراك السويداء، لكن هذا الاحتفال أو الفعالية وحتى الهيئة ليس لها أي وزن حقيقي”. ولفت سليمان إلى أنّ “الكثير ممن شاركوا فعلوا ذلك تحت الضغط، فهم محاصرون بأمن النظام ومليشيات الدفاع الوطني، ومشاركتهم على قلتها تأتي من منطلق حماية أنفسهم
فقط”.
وأكد سليمان أنّ شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، “استقبل العام الماضي مشايخ وفعاليات من حي التضامن وشكّل لجنة لرعاية وقف الطائفة فقط، وليس من صلاحيات تلك اللجنة أي قرار له دور تأثيري في قيادة الطائفة، التي يرأسها في سورية عموماً سماحة الشيخ الهجري، إلى جانب اثنين من الرؤساء الثلاثة للطائفة في عموم البلاد”.
وشدد سليمان على التأييد الشعبي للهجري، الذي بدوره يؤيد الحراك، ما جعل الالتفاف العائلي والمشيخي حوله كبيراً في السويداء.
من جهته، أشار الناشط في مدينة السويداء، فضل ساري الحمد (اسم مستعار)، إلى أنّ محاولات تحجيم الهجري من قبل، قائمة منذ تأييده للحراك. وكشف، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أنّ وفداً يترأسه شيخ عرنة سليمان كبول، الذي أصدر بياناً عارض الحراك، وغيره من مشايخ بلدته، توجهوا إلى لبنان وعقدوا اجتماعاً مع السياسي طلال أرسلان المؤيد للنظام السوري، بحضور ضابط مخابرات سوري وأحد مشايح الدروز في فلسطين المحتلة، وهو الشيخ علي المعدي.
ولفت الحمد، إلى أنّ ذلك الاجتماع “ربما يكون وضع أسساً لتحجيم الشيخ الهجري ومقام الرئاسة الحالي في العموم، سيما مع حضور الشيخ معدي، الذي لا يلقى قبولاً بين الأوساط الشعبية والمشيخية في السويداء”. وبحسب الترتيب، فإنّ المشيخة يتقاسمها ثلاثة من شيوخ العقل بحسب ترتيب
معتمد، فالشيخ الأول هو حكمت الهجري، أما الثاني فهو الشيخ يوسف الحناوي، وشيخ العقل الثالث هو يوسف جربوع، ولكل منهم مواقفه وآراؤه المختلفة والمتقلبة طوال سنوات الحراك في سورية، والتطورات التي جرت وتجري في السويداء.
المصدر: العربي الجديد