رضوان زيادة
أخذ الرئيس بايدن موقفا سريعا في تأييد إسرائيل فيما اعتبره “حقها في الدفاع عن النفس” هذا الموقف كان شخصيا إلى حد كبير حيث كرر بايدن أكثر من مرة أنه “لا تحتاج إلى أن تكون يهوديا كي تكون صهيونيا”، و”أننا نحتاج إلى اختراع إسرائيل حتى ولو كانت غير موجودة”.
ثم جاءت زيارته إلى إسرائيل المباشرة للتعبير عن “التضامن” معها بالرغم من الحملة العسكرية التي بدأت بها إسرائيل في غزة في اليوم التالي لهجوم حماس ضمن حملة جوية وبرية لا تميّز بين عسكري ومدني، وتقوم بشكل كبير على تهجير الفلسطينيين وقطع الماء والكهرباء عنهم وإدخال المساعدات الغذائية لهم عبر القطارة، مما يضاعف معاناة كل سكان القطاع الذي كان تحت حصار لمدة ستة عشر عاما، إنه شكل من أشكال العقاب الجماعي لكل الفلسطينيين القاطنين في غزة، وهو ما يبدو واضحا في طريقة ردة الفعل الإسرائيلية في الاجتياح البري أيضا.
لكن بايدن _ومع ازدياد الضغوط عليه من قبل أعضاء الحزب الديمقراطي وخاصة السيناتور عن ولاية فيرمونت ساندرز المنحدر من عائلة يهودية، والذي تحدث عن “هدنة إنسانية مؤقتة” من أجل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة_ غيّر موقفه قليلا ما انعكس فورا على خطاب الرئيس بايدن الذي تحدث بعدها عن الحاجة إلى هدنة إنسانية وأرسل وزير خارجيته بلينكن من أجل التسويق لهذه الفكرة لدى العرب والإسرائيليين، لكن الرأي العام في واد آخر مختلف وهو يرى الفظائع التي ترتكب بحق الفلسطينيين في غزة، وهو ما دفع الآلاف من العرب والفسطينيين والأميركيين للخروج في مظاهرات تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في سابقة ربما لم تشهدها الولايات المتحدة من قبل، وهو ما يعكس تغير المزاج العام في أميركا لصالح رؤية المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وهو ما عبر عنه الرئيس أوباما علنا حين قال في مقابلة “إن هجوم حماس كان “مروعا”. لكنه تابع أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية و”ما يحدث للفلسطينيين” هو أيضًا “أمر لا يطاق”.
“إذا كنت تريد حل المشكلة، عليك أن تتقبل الحقيقة كاملة”. وقال: “عليك بعد ذلك أن تعترف بأن لا أحد يداه نظيفة، وأننا جميعا متواطئون إلى حد ما”، معتبراً أن العالم بأسره يتحمل مسؤولية السماح للصراع المستمر منذ عقود بالتفاقم.
من المعروف أن علاقة أوباما كانت فاترة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تجاهل محاولات الرئيس الأميركي لتخفيف التوترات في المنطقة، والتي تضمنت الضغط من أجل وضع حد للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وتحذيرات في أيامه الأخيرة كرئيس من أن التحرك قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. إن نقل السفارة إلى القدس سيكون “متفجراً” ويقوض جهود السلام طويلة المدى وتبني حل الدولتين الذي يعترف بدولة فلسطينية حرة على أساس حدود عام 1967.
لذلك يمكن القول إن القضية الفلسطينية تتفاعل داخل الرأي العام الأميركي بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، وهو ما يحتاج إلى جهود متواصلة من أجل تغيير على مستوى السياسة الأميركية كي تكون أكثر توزانا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
فعبارات الرئيس أوباما تشكل صفعة للرئيس بايدن الذي احتفظ بتأييد إسرائيل كما أن كلمات أوباما هذه تتعارض مع عقود من الدعم القوي لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة، حتى بين القادة الديمقراطيين في واشنطن، على الرغم من أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بدؤوا في الأيام الأخيرة في الدعوة إلى وقف إطلاق نار إنساني للهجوم الإسرائيلي بغية مساعدة الفلسطينيين.
هناك تغير ما بفضل ساندرز وأوباما داخل الحزب الديمقراطي وهو ما يجعله مهما لدرجة أنه يمكن البناء عليه سياسة تضمن حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا