أسامة عاشور
مقدمة
على الرغم من ولادة الكيان السوري قبل أكثر من قرن، لم تستطع أيّ حكومة سورية، منذ ذلك الوقت حتى الآن، أن تضع في أولوياتها قضيّة بناء الهوية الوطنية السورية. وإذا كان الاحتلال والاستبداد لا يصنعان هوية وطنية، فإن ثمة أمورًا عديدة حالت دون تشكّل تلك الهوية، منها صراع المصالح الاقتصادية، وعدم الاستقرار في فترة “الديمقراطية ” الهشّة والقصيرة، والتنافس التاريخي المناطقي بين الحزبين الرئيسين بعد الاستقلال، إذ لم يُتح لهما بذل الجهد الكافي لتظهير الخطاب الوطني وتجذيره، حيث “جاءت الهوية العربية لتحلّ محل الهوية السورية التي أضعفتها سياسات البرجوازيتين[1] (الحلبية والدمشقية)، واستُبعدت الهوية الوطنية تمامًا في برامج الأحزاب والقوى التي استولت على السلطة، أو في صفوف المعارضة فيما بعد، وتم طيها وتجاوزها دون إنجازها، ولم نشهد لها إحياءً إلا في خطاب إعلان دمشق 2005، بشعار “سورية أولًا”، ولكن ذلك الشعار ظلّ ضعيفًا بالممارسة، بحكم عدم ترسّخ هذا الخطاب في برامج الأحزاب والقوى المشاركة في الإعلان، أو بسبب اعتقال قيادة الإعلان مبكرًا، وانسحاب عدد من القوى المؤسسة له بسبب الخلاف الأيديولوجي والسياسي.
الثورة السورية والتباس الانتماء والبناء
عاد الشعور بالهوية السورية مع انطلاق الثورة السورية بمرحلتها السلمية، كخطاب جامع، ثم تراجع بعد تحوّل الثورة إلى حرب، واللجوء إلى العنف بشكل غير مسبوق؛ فظهر عمق ترسّخ الانتماءات ما قبل الوطنية أو الانتماءات العابرة للكيان الوطني[2]، واستسهال الاستقواء بالأجنبي من قبل النظام أولًا والحركات الجهادية الإسلامية ثانيًا، والتعويل على التدخل الخارجي الغربي المفترض والمتوهم من بعض القوى السياسية، مما انعكس التباسًا في الانتماء[3]، والتباسًا في تصوّر أي حل سياسي في سورية، بدءًا من صياغة العقد الاجتماعي السوري الجديد ومضامين الدستور المنبثق عنه، وخطط التعافي المبكر أو إعادة الإعمار وعودة المهجّرين “الطوعية”، وصولًا إلى المناهج التربوية والدراسية، والسياسات الإعلامية.
هل يمكن بناء هوية وطنية من مدخل اقتصادي؟
تتأثر عملية الاندماج الوطني بالعديد من العوامل الاقتصادية الاجتماعية والثقافية والتاريخية، والسؤال الأساس: هل يمكن أن يكون الاقتصاد مدخلًا لبناء هوية وطنية جامعة أو تعزيزها؟
يخلق التفاعل الاقتصادي في إطار قوانين السوق علاقات ضرورية بين الأفراد والجماعات، ومصالح مشتركة لا يمكن الاستغناء عنها أو تجاهلها، ويقرّب تصورات الناس عن الواقع والحياة، ويخفّف من حدة التناقضات لضمان الاستقرار واستمرار دورة الإنتاج والتوزيع وإعادة الإنتاج، ويزيد من ترابط القطاعات واعتمادها على بعضها، لذلك غالبًا ما تكون مجتمعات السوق أقلّ ميلًا إلى الانخراط في صراعات عنيفة، لأنها ترتبط بعلاقة اعتماد متبادل مربحة للطرفين، ولأن خسائر الحروب والمواجهات العنيفة تكون مؤكدة وتفوق أي ربح محتمل منها.
إن شبكة المصالح التي تُبنى من خلال علاقات الإنتاج والتبادل، بين الأفراد والفئات والشرائح والطوائف، تجعلها حريصة على أن تبقي علاقات جيّدة مع الكتل الاجتماعية المغايرة، وأن تساهم في بناء الهوية الوطنية الموجودة في المجتمع وترسيخها أو حتى بناء هويات جديدة، إذا توفرت الشروط والظروف الداعمة. ولتتبع هذا الأثر للاقتصاد في بناء الهوية، سنتطرق إلى تجربتين جديرتين بالتأمل هما:
أولًا: تجربة الاتحاد الأوروبي
خرجت الدول الأوروبية من الحرب العالمية الثانية منهكةً، تعيش تمزقات وفوارق اجتماعية، في ظل اقتصاد مدمّر، واقترح وزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان – Robert Schuman تشكيل مجموعة أوروبية للحديد والفحم، كوسيلة لمنع المزيد من الحرب بين فرنسا وألمانيا، متخذًا شعارًا: “لن نجعل من الحرب أمرًا غير وارد فحسب، بل غير منطقي ماديًا أيضًا”، وافقت عليه 6 دول أوروبية هي (ألمانيا، إيطاليا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، لوكسمبورغ)، بغية تنظيم إنتاجها الصناعي تحت سلطة مركزية. وتأسست المجموعة الأوروبية للفحم والصلب، بموجب (معاهدة باريس)، في 18 نيسان/ أبريل 1951، وأهم مبادئها: رفع العقبات وفتح الحدود أمام تجارة الحديد والفحم بين الدول الموقعة؛ تطبيق سياسة موحدة مع الدول التي بقيت خارج المجموعة؛ حرية دوران القوة العاملة بين الدول الموقعة.
وبعد نجاح هذه المجموعة في تحقيق أهدافها، تطلّع البعض عام 1957 إلى إنشاء أوروبا اتحادية؛ فكان هناك اقتراح لإنشاء اتحادين آخرين، هما: جماعة دفاع أوروبية، وجماعة سياسية أوروبية. رفض البرلمان الفرنسي اتحاد الدفاع المقترح، وقدم الرئيس جان مونيه – Jean Monnet استقالته، احتجاجًا على الاتحاد السياسي. لكن مسار الاتحاد لم يتوقف، واستمرّ العمل فيه على أساس التكامل الاقتصادي، بدلًا من التكامل السياسي. وأنشأ سوقًا مشتركة في ذلك العام، لتعزيز حرية حركة السلع والخدمات والأشخاص ورأس المال عبر حدوده الداخلية. وبعد مخاض طويل ومتعرج، خلال ما يزيد على 70 عامًا، أدى التكامل الاقتصادي إلى تعميق تكامل سياسات الدول الأعضاء الخارجية والأمنية والداخلية، وتوسع خلالها الاتحاد ليشمل 27 دولة أوروبية، بعد خروج بريطانيا عام 2016. وهو يشكل حاليًّا تكتلًا سياسيًا واقتصاديًا أوروبيًا يسير باتجاه أهدافه الاستراتيجية في التأسيس لمواطَنة تضمن الحقوق الأساسية، وتدعم التقدم الاقتصادي والاجتماعي، وتقوي دور أوروبا في العالم.
ثانيًا: النموذج الألماني “المستحيل ليس ألمانيًّا”[4]
في عام 1945، بعد ست سنوات من الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 7 ملايين من الجنود والمدنيين الألمان، وخسائر كبيرة في الأراضي، وطرد نحو 15 مليون ألماني من المناطق الشرقية من ألمانيا وبلدان أخرى، وعمليات الاغتصاب الجماعي للنساء الألمانيات، وتدمير عدة مدن كبرى، وتقسيم الأراضي المتبقية من ألمانيا من قبل الحلفاء إلى أربع مناطق احتلال عسكري: فرنسا في الجنوب الغربي، بريطانيا في الشمال الغربي، الولايات المتحدة في الجنوب، والاتحاد السوفييتي في الشرق؛ بدأ الألمان إعادة بناء حياتهم واقتصادهم بدون وجود دولة مركزية توفّر التمويل وإدارة إعادة الإعمار، على الرغم من هيمنة قوى خارجية متعددة على أجزاء من البلد، وقامت النساء الألمانيات بتنظيم أنفسهن لإزالة الركام. وأعاد السكان بناء مساكنهم ومدنهم بأنفسهم، بالاعتماد على مواردهم المحلية البسيطة بطرق مختلفة، وبدأ النمو الاقتصادي الألماني قبل مشروع مارشال (1948-1949)، واستمر خلاله وبعده، وفي 23 أيار/ مايو 1949، دُمجت القطاعات الغربية التي سيطرت عليها كلٌّ من فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، لتشكل جمهورية ألمانيا الاتحادية، وعاصمتها بون، وفي 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1949، أصبحت المنطقة الخاضعة للاحتلال السوفييتي جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وعاصمتها برلين الشرقية[5]. وبعد أربعين عامًا، أسقطت مدافع الاقتصاد النظامَ الدكتاتوري في ألمانيا الشرقية ومؤسساته وجدار برلين، وانتهت الحرب الباردة، وعادت ألمانيا موحدة، وهذا يقودنا إلى الاستنتاج أن:
- النهوض الاقتصادي في الدول المجزأة والمدمرة بعد الحروب والنزاعات يمكن أن يبدأ ذاتيًّا، لا دوليًا ولا مركزيًا، ومع وجود النفوذ الأجنبي.
- النساء طاقة هائلة يجب توظيفها في حلّ النزاعات وبناء السلام واستدامته وإعادة الإعمار.
- الاقتصاد القوي الحر هو مرتكز أي مشروع وطني، لأنه يحافظ على اللُّحمة المجتمعية ويشكل عامل جذب للآخرين “نظرية المغناطيس”[6].
- اقتصاد السوق الاجتماعي نموذج يُحتذى للتعافي من آثار الحرب وإعادة الإعمار، وتحقيق إنجازات اقتصادية، لأنه يحافظ على إيجابيات السوق الحر، ويشجّع المنافسة، وتتدخل الدولة بحسب ما يتطلبه الأمر من أجل منع الاحتكار، وتوفير التعويضات الاجتماعية، في حال عجز الشخص عن تقديمها لنفسه.
الوضع الراهن في سورية وآفاق المستقبل:
رسمت الحرب معالم منظومة اجتماعية واقتصادية جديدة في سورية؛ حيث ظهر عدد من المشاريع السياسية ومناطق النفوذ التي وقعت أحيانًا فريسة صفقات سياسية بين القوى الأكبر[7]. وقد تجسدت في ثلاث مناطق اقتصادية واجتماعية وسياسية شبه مستقلة ذاتيًا، وهي:
1- “منطقة النفوذ الأميركية في الشرق والشمال الشرقي. وهي تمتد على ما يقارب من 25,64% من الجغرافية السورية، وتشمل محافظات دير الزور والحسكة والرقة[8].
2- منطقة النفوذ الروسية والإيرانية. وهي تمتد على ما يقارب 63.38% من الجغرافية السورية. وهي المنطقة التي ما زالت تحت السيطرة المفترضة لنظام الأسد”[9].
3- منطقة النفوذ التركي في الشمال والشمال الغربي. وهي تمتد على طول الحدود الممتدة على مسافة 911 كيلومترًا، بصورة عامة، وتتجاوز مساحتها 8835 كلم2″[10].
هل الخروج من اقتصاد الحرب ممكن؟
أعادت الحرب هندسة المجتمع السوري. وقد شكّل النزوح والتغيرات الديموغرافية ومصادرة الأملاك بموجب وضع اليد من قبل قوى الأمر الواقع أو المراسيم التعسفية، مصادر توتر وخلاف في جميع المناطق”[11]، ودفعتالعقوبات المفروضة على النظام إلى مزيد من التسلّط على مقدرات السوريين، وازداد نفوذ العصابات ومافيات الحرب في كل المناطق. وإنّ أغلب الذين يهتمون عادة بالاقتصاد وبعملية التنمية يذهبون مباشرة إلى مرحلة ما بعد الحل السياسي بسورية، ويُهملون التصورات والحلول الاقتصادية الراهنة ودورها في الحل السياسي؛ لأن أي استثمار اقتصادي، سواء أكان محليًّا أم دوليًّا، يحتاج إلى السلام أولًا، وإلى عوامل جاذبة للاستثمار ثانيًا، لتحقيق عائد وأثر، ونعتبر ذلك جهدًا مهمًّا، ولكننا سنركز على مشروعين يطرحان المدخل الاقتصادي، كمقدمة للحل السياسي وتأثيره في الهوية الوطنية.
المشروع الأول:
مشروع الإستراتيجية الاقتصادية والسياسية والإدارية لمناطق شمال غرب سورية، في مرحلة ما قبل الحل السياسي”[12]، ويهدف إلى “وضع ركائز في خطط التنمية للمرحلة الحالية والمستقبلية، مع وضع خارطة طريق لبيان كيفية تحويل الرؤية الفكرية لبناء عملية التنمية إلى حقيقة ملموسة قابلة للتطبيق، بدلًا أن تبقى فكرة على ورق”[13]. وينقسم المشروع إلى محطتين: الأولى التخطيط الاقتصادي وتتضمن خمس مراحل. والمحطة الثانية: خارطة الطريق المقترحة في تنفيذ المنطقة الحرّة الخدمية الصناعية.
وعلى الرغم من أنه لا ضير في انطلاق أي مشروع اقتصادي أو سياسي من تنمية منطقة جغرافية معينة، يمكن أن تتحول فيما بعد إلى مركز جذب وفق “نظرية المغناطيس الألمانية”، وقد ذُكر ذلك صراحة في خطة المشروع: “من المؤكد أن عملية التنمية الحالية -إن حصلت- سوف تشكل حجر الأساس لأي تنمية مستقبلية للمنطقة”[14]؛ فإن المأخذ على المشروع أنه مرهون كله بعبارة “إن تم الاتفاق مع الحكومة التركية على ذلك”[15]. أي إنه يفتقد الشرط الضروري لأي نهوض اقتصادي، وهو بيان وبناء القوة الذاتية المقنعة والجديرة بالعمل، لتكون أداة ضغط أثناء التفاوض مع الطرف التركي أو غيره، والمشروع في شكله الحالي، إن قدّر له التنفيذ، سيعمّق ربط الاقتصاد في شمال سورية مع الاقتصاد التركي أكثر من ارتباطه مع الأجزاء الأخرى من سورية، ولكنه يمكن أن يحافظ على هوية اللاجئين السوريين في تركيا وعلى ارتباطهم بوطنهم الأم وامتدادهم في الشمال السوري، بدل الهجرة أو الانصهار.
المشروع الثاني:
مشروع توحيد سورية انطلاقًا من المناطق السورية الواقعة تحت النفوذ الأميركي والنفوذ التركي -بعد طرد الميليشيات منها- بما يحاكي سيناريو ألمانيا الغربية في أعقاب الحرب العالمية الثانية[16].
“نظرًا لوجود الجيش الأميركي في مناطق الشرق والشمال الشرقي من سورية، والجيش التركي في الشمال والشمال الغربي منها، وبفعل عودة أجواء الحرب بين الولايات المتحدة والغرب مع روسيا الاتحادية، بما يشبه الأجواء التي سادت بينهما أثناء الحرب العالمية الثانية مع الاتحاد السوفيتي السابق، والذي قسم ألمانيا إلى مناطق حماية كما هي سورية الآن”[17]؛ تأتي هذه المبادرة الوطنية التي تمثل شريحة واسعة من السوريين الذين يتطلعون إلى تطبيق خطة إنقاذ ألمانيا الغربية من أوضاعها المتدهورة بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك بتوحيد منطقتي النفوذ الأميركي والتركي، للخروج من الاستعصاء السياسي الحاصل في ملف الأزمة السورية، والبدء بإعادة إعمار سورية انطلاقًا من تلك المنطقتين، برعاية أميركية – تركية، وبالتعاون مع دول العالمين العربي والغربي، عبر تطبيق ما يشبه “مشروع مارشال”، وإنشاء جسر بري وجوي، لإنعاش منطقتي الحماية وملحقاتها[18].
ويطرح المشروع تصورًا لتوحيد منطقتي النفوذ المذكورتين مقسّمًا إلى مراحل، ويتضمن تفاصيل تقنية مهمة، ويطلب من “كافة التيارات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والتجمعات النقابية والشخصيات الوطنية السورية النزيهة الانضمام إلى المبادرة ومناقشتها ودعمها وتطويرها والعمل على تطبيقها”[19]. ويختم المشروع: “إننا على ثقة تامة بأنّ حلّ كل سلطات الأمر الواقع، دون استثناء، واتباع سياسة تصفير المشاكل مع العالم، وتعيين حكومة تكنوقراط سورية تُدير منطقتي النفوذ الأميركي والتركي، وتنظيم حالة مدنية تمثيلية تستند إلى دستور وقوانين سورية معتمدة، ولها وجاهتها ولم يختلف عليها أحد، إضافة إلى عقد مشروع مارشال سوري، على غرار ما حدث في سيناريو ألمانيا الغربية، فإننا -بفضل شعبنا السوري العظيم بكل خبراته وثرواته ودعم أشقائه العرب ودول العالم الصديقة للشعب السوري- نستطيع بعد خمس سنوات فقط تحقيق 64 مليار دولار، وهو نفس ناتج الدخل القومي لكل سورية عام 2010”[20].
ورغم الدعوة النبيلة والطموح العالي والجهد الكبير المبذول في إعداد المشروع، فإنه لا بدّ أن نتوقف عند النقاط التالية:
- اختلاف السياق التاريخي: بين حالة سورية الراهنة، وحالة ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية؛ فالتناقض بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا بعد غزو أوكرانيا لا يرقى إلى مستوى الحرب الباردة التي انتهت بانهزام المعسكر الشرقي نهائيًا وتفككه، وأهمية سورية أو أجزاء منها في الإستراتيجية الأميركية حاليًّا لا تعادل أهمية ألمانيا الغربية سابقًا في المواجهة مع الاتحاد السوفياتي.
- بدأ النهوض الألماني ذاتيًّا وشعبيًّا على المستوى الاقتصادي وإعادة الإعمار، قبل تأسيس دولتي ألمانيا وقبل مشروع مارشال بما يقارب أربع سنوات، بالمقابل لم يلحظ المشروع دور العامل الذاتي السوري في التأسيس لهذا المشروع، قبل محاولة تبنيه من الأطراف الخارجية.
- غياب خارطة طريق لإقناع المتنفذين في المنطقتين وأصحاب القرار المؤثرين في الدولتين (أميركا وتركيا) بتبني المشروع وجدواه ومدى إلحاحه، وإبراز خطوط تقاطع المصالح رغم التناقضات بين مكوناته.
- لم يقم معدو المشروع بتحليل المخاطر ونقاط القوة والضعف والتهديدات والفرص، ولم يحاولوا رسم سيناريوهات بديلة أو معدلة، في حال رفض المتنفذين في كلتا المنطقتين أو في إحداهما هذا المشروع.
خاتمة
إنّ “الوضع القائم الحالي في جميع مناطق النفوذ للدول المسيطرة في سورية غيرُ قابل للاستمرار، في المدى الطويل. ثمة أجندات متضاربة، ولن تتبلور تسوية راسخة إلا في حال التوصل إلى تسوية شاملة”[21]. وعليه يمكن اعتبار أن الانطلاق من جهود التنمية والحوكمة، في منطقة النفوذ الأميركي في شمال وشرق سورية وفي منطقة النفوذ التركي في شمال غربها، قد تكون البداية لتحقيق مشروع “توحيد منطقتي النفوذ الأميركي والتركي”، وهو مشروع جدير بالتبني والمتابعة والتطوير والعمل عليه، ليصبح خيارًا واقعيًا، وهو من أفضل ما قُدّم حتى الآن من مشاريع، للدفع باتجاه الحل السياسي الشامل. وقد يشكل مدخلًا لحلّ الأزمة السورية وعاملًا إيجابيًا من عوامل بناء الهوية الوطنية السورية المنشودة.
[1] زيدون الزعبي، الهوية السورية بين عاصمتين.. و” أخ أكبر” | 180Post، 13/2/2024، https://180post.com/archives/43179
[2] بينيرو: “هذه هي الهاوية التي يواجهها الشعب السوري العالق بين الأطراف المتحاربة والذي يتعرض للقمع والاستغلال من قبل الجهات المسلحة في كل مكان”. لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية، تقرير 18 آذار/ مارس 2022، https://news.un.org/ar/story/2022/03/1095942
[3] بدر الدين عرودكي، الهوية الوطنية السورية بين الإشكالية والالتباس، نشر في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 https://short-link.me/yx1U
[4] مثل ألماني
[5] أسامة قاضي، مشروع توحيد سورية بما يحاكي سيناريو ألمانيا الغربية، 17/1/2024، تحرير فريق مآلات، https://short-url.uk/yrtm
[6] “نظرية المغناطيس”، أطلقها كونراد أديناور أول مستشار لألمانيا (الغربية) ما بعد الحرب من 1949 حتى عام 1963، وهي تقوم على أن دولة متكاملة ومزدهرة وديمقراطية كألمانيا الغربية مندمجة مع الغرب ستكون بمنزلة “المغناطيس” الذي سيجذب في نهاية المطاف نظام ألمانيا الشرقية.
[7] خضور توركماجيان، دولة الحدود: إعادة تصوُّر الأراضي الحدودية السورية-التركية، مركز مالكوم كير -كارنيغي 02 آب/ أغسطس 2022، https://short-url.uk/A8f9
[8] أسامة قاضي، مرجع سابق.
[9] المرجع السابق
[10] المرجع السابق
[11] ارميناك توركماجيان، خضر خضور، دولة الحدود: إعادة تصوُّر الأراضي الحدودية السورية-التركية، مركز مالكوم كير -كارنيغي 02 آب/ أغسطس 2022، https://short-url.uk/A8f9
[12] مأمون سيد عيسى، موجز دراسة تقترح استراتيجية شاملة لتنمية شمال غرب سوريا، 19 كانون الأول 2020، https://www.eqtsad.net/news/article/32317/
[13] المصدر السابق
[14] المصدر السابق
[15] المصدر السابق
[16] المصدر السابق
[17] المصدر السابق
[18] المصدر السابق
[19] أسامة قاضي، مصدر سابق
[20] المصدر السابق
[21] توركماجيان، خضور، دولة الحدود، مصدر سابق
المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة
mLAlrDvwZOkqxiE