مقدمة
يعاني اللاجئون السوريون في لبنان، منذ سنوات، تداعيات حملة تحريض واسعة النطاق، تصاعدت حدّتها بعد الأزمة الاقتصادية التي يعانيها لبنان منذ عام 2019، إذ انخرطت فيها قوًى سياسية طالما باعدت بينها الخلافات الداخلية، حيث تلاقَت تلك القوى عند دائرة التحريض ضدّ وجود السوريين في لبنان، وأجمعت على تحميل اللاجئين السوريين المسؤوليةَ عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة التي يعانيها لبنان، وقد ضخّمت خطَر وجود اللاجئين السوريين في الأراضي اللبنانية، حتى إنها عدّته خطرًا وجوديًا يُهدد التوازن القلق للتركيبة الطائفية للبنان ومستقبله. وأدّت عمليات التحريض إلى فرض إجراءات قاسية وعمليات تضييق على السوريين في مختلف قطاعات الحياة، بغية إجبارهم على الخروج من لبنان.
من جانب آخر، لا يمكن إنكار أن حجم اللجوء السوري الكبير في لبنان، قياسًا بعدد سكانه، أرخى بثقله على كاهل بلدٍ متهالك منهَك بأزماته، غير أن الدوافع التي تحرّك القوى اللبنانية حيال اللجوء السوري وتضخّم خطره هي دوافع سياسية بالدرجة الأولى، وينبغي للدولة اللبنانية أن تعالج هذه المشكلة في ضوء القوانين والمعاهدات الدولية، حيث إن لجوء السوريين إلى لبنان لم يكن ترفًا، إنما كان فِرارًا من الموت الذي نشرته حرب النظام على الشعب السوري، بعدما سلكَ سبيل الحلّ العسكري لمواجهة التظاهرات والمدن الثائرة، واستجلب من أجل إتمام ذلك ميليشياتٍ خارجية مقاتلة، منها “حزب الله” اللبناني..
ومما يساعد في استمرار أزمة اللجوء السوري تعثّرُ خطى الحلّ السياسي الذي رسمته القرارات الأممية ذات الصلة، وأهمّها القرار 2254 لعام 2015، وذلك بسبب غياب التوافق بين الدول المتدخلة في الصراع السوري، ورفض النظام السوري الدخول في أيَّ طريق يُفضي إلى حلّ. ومن ثم فإن غياب الحل السياسي، يجعل عودة اللاجئين السوريين غير آمنة ومليئة بالمخاطر، ويشهد على ذلك مصير الأعداد القليلة التي عادت أو أُعيدت قسرًا، بين عامَي 2017-2022، وأعدادهم لم تتجاوز المئات، حيث إن بعضهم تعرّض للاعتقال والإخفاء والتعذيب[1].
التحديات التي يواجهها اللاجئون السوريون في لبنان
يعيش السوريون في لبنان تحديات عدة، من أهمّها:
- الوضع القانوني: هناك أزمة بتوصيف الوضع القانوني للسوريين، حيث تسميهم السلطات اللبنانية “نازحين” أو “نازحين اقتصاديين” أحيانًا، وفي المقابل تصفهم بـ “اللاجئين” عند التفاوض مع الدول والمؤسسات الدولية. لذلك، هي تعتبر السوريين نازحين لا لاجئين، وأن عليهم العودة إلى ما تسميها “مناطق آمنة”، ويُقدر عدد المخيمات بنحو 3100 مخيم عشوائي في البقاع والشمال، فيما يقدّر عدد مجمل السوريين في لبنان بنحو مليونين، 800 ألف شخص منهم هم لاجئون رسميًا[2]، وهذه أعلى نسبة لعدد اللاجئين مقارنة بعدد سكان الدولة المضيفة، ويفتقر قسم منهم إلى التصاريح القانونية للإقامة، ما يعرضهم للترحيل وللعمل بشكل غير رسمي، إضافة إلى الصعوبة في تسجيل أبنائهم في المدارس[3]، وترافق ذلك مع إغلاق أكثر من 500 مؤسسة للسوريين، إضافة إلى اعتقال المئات في 12 أيار/ مايو 2024[4]، وهناك عدد من السوريين يقدر بـ 600-800 ألف كان يقيم بلبنان من قبل عام 2011.
- العنصرية والتهديدات الأمنية: حيث تشهد مخيمات السوريين في لبنان هجمات متكررة، وقد أُحرقت عشرات من خيام اللاجئين في مناطق عدة من لبنان، منها ما حصل الشهر الماضي في منطقة البقاع، حيث أحرقت 50 خيمة للاجئين، بعد أيام من دخول الأمن اللبناني إليها وإبلاغ قاطنيها بإخلائها[5]، هذا بالإضافة إلى العنصرية بالتعامل مع السوريين في أغلب المناطق اللبنانية، فضلًا عن تصريحات وممارسات الحكومة اللبنانية التي تسنّ قوانين للحد من دخول السوريين إلى لبنان[6].
- الترحيل القسري: تستند السلطات اللبنانية إلى قرار صدر عام 2019 لترحيل السوريين الذين لا يملكون أوراق إقامة شرعية، وتزايدت حملات الترحيل والاعتقال بعد ذلك، ففي عام 2023، تم توثيق 1080 حالة اعتقال تعسفي، و763 حالة ترحيل قسري إلى سورية[7]. وكانت عمليات الترحيل تتم بالتنسيق مع النظام السوري [8]، وبدأ الحديث عن خطة لتفكيك مخيمات السوريين[9].
- التحدي الاقتصادي: حيث يعاني لبنان عمومًا أزمة اقتصادية خانقة انعكست سلبًا على حياة اللبنانيين والسوريين أيضًا، إذ انخفضت الأجور وقلّت فرص العمل. وإضافة إلى ذلك، أصدر وزير العدل اللبناني قرارًا يقضي بتحديد مجموعة من المهن (الأعمال الإدارية والمصرفية والتأمينية والتربوية على اختلاف أنواعها) وحصرها باللبنانيين، ما يعني منعها عن السوريين، لكنه سمح لهم بالعمل في قطاعات الزراعة والنظافة والبناء[10].
- الاستغلال السياسي: وذلك من خلال تصريحات من أحزاب وشخصيات سياسية، بعضها معارض للنظام السوري، مثل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي رأى في وجود السوريين خطرًا وجوديًا[11]، وقال إن 40% من اللاجئين السوريين هم لاجئون غير شرعيين[12]. والمواقف الحكومية الرسمية لا تقل سلبية عن تصريحات ومواقف الساسة اللبنانيين، بدءًا ببعض البلديات التي تقيد استئجار البيوت من قبل سوريين[13] أو تفرض عليهم حظر التجول[14] وغيرها من الإجراءات التضييقية. وقد حذّر وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال، جورج بوشكيان، من توظيف السوريين غير المسجلين[15]، وكذلك صرّح وزير الداخلية إذ دعا إلى الحدّ من الوجود السوري[16]، وقال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، في سياق كشفه عن مساعدة مالية من الاتحاد الأوروبي قدرها مليار يورو، موزعة على أربع سنوات للمساهمة في دعم استقرار لبنان والحدّ من الهجرة غير الشرعية من لبنان: “إنّ الاتحاد الأوروبي أقر قوانين جديدة تتعلق بالنازحين السوريين، وستقوم الدولة اللبنانية بترحيل أي سوري يقيم بطريقة غير شرعية، وستطبق القوانين اللبنانية على أراضيها، وقد طلبنا من الاتحاد الأوروبي أن يقرّ بأن هناك مناطق آمنة في سورية”[17]. ويضاف إلى ذلك تضارب الأرقام التي يعلنها المسؤولون اللبنانيون بأنهم أنفقوها على السوريين.
كل تلك التحديات التي يعيشها السوريون أدت إلى ازدياد التوتر بين السوريين وارتفاع حالات الانتحار بينهم، حيث سجلت في الفترة الأخيرة أكثر من 6 حالات انتحار[18]، وكذلك يزداد عدد السوريين الذين يستخدمون مراكب الموت للهجرة من لبنان إلى أوروبا، إذ قدّر عددهم بنحو 3 آلاف سوري، في كانون الثاني/ يناير الماضي وحده، بينما قدر العدد في العام الماضي كله بنحو 4500 سوري[19].
- التصعيد الأخير تجاه السوريين:
تصاعدت تدريجيًا الحملة المعادية للاجئين السوريين، منذ أن بدأ الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان عام 2019، لكن الحدث الأبرز الذي فاقم الأمور ووسّع من الحملة ضدهم، وأدخل قضية اللاجئين السوريين بازار المزايدة السياسية بين القوى اللبنانية، هو حادثة مقتل باسكال سليمان، منسق حزب القوات اللبنانية في بنت جبيل بالجنوب اللبناني، على يد اثنين من السوريين، قتلاه وحاولا نقل جثته إلى الأراضي السورية، كما زعمت الرواية الرسمية، وقد ضبطهما الجيش اللبناني على الحدود السورية اللبنانية في 8 نيسان/ أبريل 2024. ومع الترجيح بأن السيد سمير جعجع لا تفوته التفاصيل الحقيقية لهذا الحدث، ولا الدوافع لمقتل شخص في منطقة يسيطر عليها “حزب الله”، فقد فضّل على ما يبدو الانخراط بقوة في حملة التحريض على السوريين، تجنبًا للصدام مع حزب الله في هذه المرحلة، ولكي يتناغم مع المناخ المسيحي الماروني، ومع البطرك بشارة الراعي، الذي بات يقلقه الخوف من انقلاب الموازين الديموغرافية في التركيبة اللبنانية[20]، فانبرى في خطابٍ أمام جمهوره للهجوم على اللاجئين في لغةٍ لم تكن متوقعة منه، وهو المعارض الأشرس للنظام السوري، فاتهم اللاجئين بقابلية الارتزاق[21]، داعيًا إلى ترحيل غير المسجلين باعتبار ذلك قرارًا سياديًا، وعارضًا استعداد حزبه لمساعدة البلديات التي لا تملك عددًا كافيًا من الشرطة، لتنفيذ إجراءاتها التضييقية بحق السوريين.
من ناحية أخرى، استثمر حسن نصر الله، وهو أحد المتسببين في أزمة اللجوء السوري، هذه القضية ليطالب برفع العقوبات عن النظام السوري وإلغاء قانون قيصر[22]، فهو يريد إلغاء العقوبات على النظام السوري وإعادة تأهيله ودعمه حتى يعيد اللاجئين.
وفي قراءة توقيت التصعيد الأخير في ملف اللاجئين السوريين، نستطيع أن نربطه مع حالة الترقب لمؤتمر بروكسل الثامن الذي سيُعقد بعد أيام، تحت عنوان دعم مستقبل سورية ودول المنطقة، وبطبيعة الحال، تستفيد الدول المجاورة لسورية التي تستضيف لاجئين سوريين، من تعهدات هذا المؤتمر، وقد حصل لبنان من قبل على مساهمات من تعهدات مؤتمرات بروكسل السابقة، وكانت تقدر بنحو 1.5 مليار دولار لكل عام تقريبًا، غير أنها انخفضت في العام الأخير لتصل إلى 800 مليون دولار فقط[23]. ويمكن قراءة هذا التصعيد أيضًا عبر ربطه بمحاولات النظام وعدد من الدول العربية، ومنها لبنان، إعادة تعويمه دوليًا وتسهيل التطبيع معه، بذرائع عدة منها ملف اللاجئين، فقد قام رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي بزيارة إلى فرنسا في نيسان/ أبريل الماضي، كان الملفّ اللاجئين السوريين حاضرًا فيها بشكل لافت، حيث اقترح على فرنسا إعلان مناطق آمنة في سورية لإعادة اللاجئين إليها[24].
استأنف لبنان حملة الإعادة القسرية للسوريين خلال الأيام الماضية، حيث عبرت دفعة من 330 من السوريين عبر معبري الزمراني بريف دمشق، وجوسيه بريف حمص. وتدّعي السلطات اللبنانية أن هؤلاء سجلوا أسماءهم لدى مراكز الأمن العام لتأمين عودتهم لوطنهم، وأن هذه الحملة ستكون بداية لحملة مستمرة لإعادة السوريين المقيمين في لبنان بصورة شرعية وغير شرعية لبلدهم.
وتقوم السلطات اللبنانية بهذا على الرغم من كل التحذيرات التي أطلقتها العديد من المنظمات الحقوقية ومنها لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي أشارت إلى أن سورية ما تزال غير آمنة للعودة، وأنها وثّقت العديد من حالات التعذيب والإخفاء والاعتقال وغيرها لمن عادوا قبل ذلك، وأن هذه الإعادة تعرّض حياتهم للخطر، وخاصة أنهم يُرحّلون قسرًا بعد سلسلة من إجراءات التضييق عليهم، فقرار العودة ناجم عن الضغوط الكبيرة على السوريين، وإن كان بعضهم اتخذه فعليًا.
وفي جلسة مجلس النواب اللبناني، يوم 15 أيار/ مايو 2024، التي كانت مخصصة لمناقشة ملف اللاجئين السوريين والمساعدات الأوروبية (مليار يورو) المخصصة للبنان على مدى أربع سنوات لمساعدة لبنان على ضبط الحدود، أقرّ المجلس تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة والوزراء المختصين وقيادة الجيش والأمن العام والأمن الداخلي وأمن الدولة، مهمتها التواصل والمتابعة مع الجهات الدولية والإقليمية، وحكومة النظام السوري، لوضع برنامج زمني لإعادة النازحين الذين وصلوا إلى البلاد بطريقة غير شرعية، باستثناء الحالات التي تحددها اللجنة، وشدّد المجلس على ضرورة ضبط الحدود، وحصر الدخول بالمعابر الشرعية. وتكمن الخطورة في هذا القرار في أنه يعطي صلاحيات تحديد الحالات التي لا يتم ترحيلها للجنةٍ وزاريةٍ بها قوى حليفة للنظام السوري، بدلًا من منظمة دولية، كمفوضية شؤون اللاجئين والأمم المتحدة.
- موقف الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والدول المانحة
تلعب الأمم المتحدة من خلال المفوضية السامية لشؤون اللاجئين دورًا مهمًا في مساعدة المجتمعات المضيفة في لبنان على مواجهة الأعباء التي يتركها حجم اللجوء السوري، من خلال تقديم خطط استجابة، منها على سبيل المثال خطة منظمة العمل الدولية للاستجابة للأعوام 2017-2020، التي أقرت دعم اللاجئين والمجتمعات المحلية المضيفة، وقد حذرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وشركاؤها، في خطة استجابة عام 2024، من خذلان اللاجئين نتيجة انخفاض نسبة تمويل خطة الاستجابة الإقليمية من 60% بين عامي 2015 – 2018، إلى 40% بين عامي 2020 – 2022، ثم إلى 30% عام 2023 [25]. وحتى 31 آذار/ مارس 2024، انخفضت نسبة التمويل إلى 15% فقط، وأوقف إعطاء المساعدات النقدية والغذائية المقدمة من المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي، عن 88 ألف عائلة لاجئة في لبنان، أي بنسبة 32% من عدد العائلات المستفيدة، مقارنة بالعام 2023[26]، وسيُوقف مزيد من المساعدات ابتداءً من أيار/ مايو 2024.
ومن جانب آخر، تعمل الأمم المتحدة مع الحكومة اللبنانية على تبادل بيانات اللاجئين السوريين[27]، وهذا ما يشكل مخاوف لديهم، بسبب احتمال استخدام النظام السوري هذه البيانات ضدهم، وتسهم كذلك بإعادة توطينهم، حيث إن هناك 9 آلاف طلب سنويًا لسوريين لتوطينهم في بلد ثالث[28]، وتقدر نسبة الذين أعيد توطينهم بـ 10-15% من المسجلين كلاجئين في لبنان.
أما الاتحاد الأوربي، وهو أكبر الشركاء والداعمين الدوليين، الذي يقلقه وضع لبنان غير المستقر، فيبدو أن القلق الأكبر الذي يشغله هو خطر تدفق اللاجئين السوريين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، إما هربًا من التضييق الذي يعانونه، أو نتيجة عملية ابتزاز تمارسها أطراف لبنانية، لاستجلاب مزيد من المساعدات عبر التهديد بإغراق أوروبا بقوارب اللجوء السوري من لبنان، كما هدد حسن نصرالله[29]، وربما يضمر ذلك سواه من الساسة اللبنانيين، لذلك يضطر إلى تقديم المزيد، وقد تعهد بعد التصعيد الأخير بتقديم 1 مليار يورو لمساعدة لبنان، وبحسب تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية، دير لاين، فإن هذه المساعدات من أجل دعم استقرار لبنان، ومكافحة عمليات تهريب اللاجئين عبر السواحل نحو أوروبا، أكثر من كونها مساعدة للاجئين أنفسهم أو مساعدة المجتمعات المضيفة لهم[30].
- مستقبل اللاجئين السوريين في لبنان
نتيجة تفاقم معاناة اللاجئين السوريين في لبنان وانتشار خطاب الكراهية، في ظلّ انعدام الحلّ السياسي ورفض النظام التجاوب مع الدعوات الدولية للدخول في حلّ سياسي وتوفير بيئةٍ تضمن عودة آمنة للّاجئين إلى مناطقهم الأصلية؛ يبدو أن أزمة اللاجئين في لبنان ستزداد تفاقمًا، لأن أساس المشكلة هو النظام السوري، ولا يمكن حلّها بوجوده. فقد تقوم الحكومة اللبنانية بملاحقة من لا يملكون إقامات رسمية لترحيلهم، بدعوى وجودهم غير الشرعي، غير أن عجز الحكومة عن ضبط حدودها، وعمليات التهريب التي يستفيد منها “حزب الله”، سيجعل هذا الإجراء بغير جدوى.
وفي الوقت نفسه، تقوم الحكومة اللبنانية باستثمار قضية اللاجئين السوريين على أكثر من صعيد، فمن جهة تستخدمهم مادة إعلامية لتعلّق عليها فشلها الاقتصادي والإداري، ومن جهة أخرى، تحاول استخدامهم للحصول على مزيد من الدعم الأوروبي للبنان، وللوصول إلى أهداف سياسية تتمثل في محاولات إقناع الدول الأوروبية بضرورة الاعتراف بالنظام السوري والتطبيع معه، بذريعة هجرة السوريين غير الشرعية إلى أوروبا. فالحكومة اللبنانية، ولكل القوى السياسية فيها علاقة جيدة مع النظام السوري، تريد أن يبقى ملف السوريين مفتوحًا، من خلال عدم تنظيمه، والتمييز بين اللاجئين والمقيمين والنازحين بدون أوراق، واللاجئين السياسيين، والنازحين لأسباب اقتصادية، وستظلّ تُلقي على السوريين مسؤولية الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها لبنان، لكن من المتوقع أن الإجراءات التي ستقوم بها الحكومة اللبنانية ستبقى محدودة للحفاظ على علاقتها مع مفوضية اللاجئين، فاللاجئون مصدر رزق للحكومة اللبنانية، لذلك لن تصعد بهذا الملف لدرجة تقطع به المساعدات التي يحصل عليها لبنان.
في ظل استعصاء الحل في سورية، وتنامي التحريض على اللاجئين، هناك خشية حقيقية من تحول إجراءات بعض البلديات ودعوات الأمن الذاتي، التي تبث على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض وسائل الإعلام اللبناني، إلى انزلاق لبنان نحو الفوضى والفلتان الأمني الذي سيكون السوريون أول ضحاياه، والأخطر أن يُستجروا كلًا أو جزءًا للانخراط في مثل هذا السيناريو بدعوى الدفاع عن النفس. وإن جهود دعم مكافحة هجرة السوريين غير الشرعية نحو أوروبا لا تكون بتشديد الإجراءات وما يرافقها من الاعتقالات التعسفية والترحيل، فذلك لن يقدّم إلا مزيدًا من الفوضى والمشكلات الاجتماعية، إنما تكون عبر معالجة أسبابها الرئيسية أو دعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة حتى تحقيق حلّ سياسي يتوافق مع رغبات السوريين والقرارات الأممية ذات الصلة.
من جانب آخر، يريد النظام السوري استخدام هذه الورقة سياسيًا أيضًا، لأن الضغط على اللاجئين في لبنان ودول اللجوء الأخرى سيدفع بعضهم للعودة إلى النظام، وسيُجبر الدول على التواصل وتطبيع العلاقات معه. وفي الوقت نفسه، هناك تقصير من مؤسسات المعارضة السورية الرسمية في التعامل مع هذا الملف، وتكتفي بالتصريحات فقط، دون بذل أي جهد من الممكن أن ينعكس إيجابًا على السوريين في لبنان. وهناك مسؤولية على المؤسسات الدولية، ولا سيما على مفوضية اللاجئين في رعاية اللاجئين السوريين في لبنان، في متابعة أوضاع المعتقلين منهم في سجن رومية، وتمييز اللاجئين السياسيين أو المعرّضين للخطر في حال عودتهم، وتسهيل إعادة توطينهم في بلد ثالث، وأن يعودوا إلى مناطقهم الأصلية بإشراف دولي، في حال اضطرارهم إلى ذلك.
[1] تقرير حقوقي: النظام السوري اعتقل في 2023 مئات العائدين إلى مناطقهم، الجزيرة نت، 2 كانون الثاني/ يناير 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/ugfBlwzT
[2] الاستجابة الإقليمية للاجئين السوريين، بوابة البيانات التشغيلية، شوهد في 14 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/NkLi4rKD
[3] تحت مجهر الإنسانية تحديات السوريين في لبنان وقبرص وأوروبا، ونداء للعدالة والإنسانية، الرابطة السورية لكرامة المواطن، شوهد في 14 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/qVEnrZgz
[4] الأمن اللبناني يغلق أكثر من 500 مؤسسة للسوريين ويرحّل المئات، تلفزيون سوريا، 12 أيار/ مايو 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/wycvyT0n
[5] بعد الإبلاغ بإخلائها.. حريق يلتهم 50 خيمة للاجئين السوريين في لبنان | فيديو، تلفزيون سوريا، 22 نيسان/ إبريل 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/cgehcBCy
[6] تنظيم دخول وإقامة السوريين، المديرية العامة للأمن العام اللبناني، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/igKdXx8d
[7] ماذا بعد ترحيل اللاجئين قسرًا من لبنان؟ مركز وصول لحقوق الإنسان (ACHR)، 29 كانون الثاني/ يناير 2024، شوهد في 14 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/95KD84yD ؛ لبنان: تصاعد القمع ضد السوريين الترحيل غير القانوني والاحتجاز وسوء المعاملة، هيومن رايتس ووتش، 25 نيسان/ أبريل 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/NCiB22kE
[8] الحكومة اللبنانية تعلن استئناف خطة إعادة اللاجئين السوريين بالتنسيق مع النظام، تلفزيون سوريا، 13 أيار/ مايو 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/qac5ATrg
[9] “الحكومة اللبنانية تبحث إمكانية تفكيك مخيمات النازحين تمهيدًا لترحيلهم إلى سوريا”، 06 نيوز، 12 تشرين الثاني/ نوفمبر2023، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/MprlYYDI
[10] وزير العمل يصدر قرارًا بالمهن المحصورة باللبنانيين، 16 كانون الأول/ ديسمبر 2014، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/rN36ufx6
[11] سمير جعجع: علاقتنا مع النظام السوري كانت وما تزال سيئة ومسألة اللجوء خطر وجودي، تلفزيون سوريا، 19 نيسان/ أبريل 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/YqOglb0k
[12] جعجع: 40% من السوريين في لبنان “لاجئون غير شرعيين”، موقع عنب بلدي، 19 نيسان/ أبريل 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/Mf3Iu6Oo
[13] السوريون في لبنان يواجهون موجة جديدة من العداء: اعتداءات ومطالبات بالرحيل، موقع العربي، 12 أيار/ مايو 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/G5PObeqB
[14] “ممنوع تجول السوريين ليلًا”.. قرار بلدية لبنانية يثير اتهامات بالعنصرية، تلفزيون العربي، 2 حزيران/ يونيو 2023، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/AcMpRBww
[15]لبنان يحذر من توظيف سوريين في المصانع دون أوراق قانونية، موقع عنب بلدي، 19 أيلول/ سبتمبر 2023، شوهد في 14 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/eO9ysx2o
[16] وزير الداخلية اللبناني يدعو للحد من وجود السوريين، موقع عنب بلدي، 9 أيار/ مايو 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/ngwFJW6c
[17] النهار: “رشوة” أوروبية أم مقاربة جديدة للنازحين، الوكالة الوطنية للإعلام، 3 أيار/ مايو 2024، شوهد في 7 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/Deu18RV4
[18] سوري يحاول إنهاء حياته بمبيد حشري بعد ساعات من انتحار آخر في لبنان، تلفزيون سوريا، 12 أيار/ مايو 2024، شوهد في 13/ أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/jf8kLlEv
[19] عدد السوريين المغادرين لبنان بارتفاع.. منظمة الهجرة تحذر، موقع العربية، 1 أيار/ مايو 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/rZ6r7XQ7
[20] المطارنة الموارنة يرفضون «الرغبة الدولية» بإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان، صحيفة الشرق الأوسط، 1 أيار/ مايو 2024، شوهد في 7 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/LKElK2cy
[21] عمر قدور، الى السيد سمير جعجع: قبل ان تصبح لاجئًا، موقع المدن، 23 نيسان/ أبريل 2024، شوهد في 7 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/eKcOh2KF
[22] نصر الله: يجب إلغاء “قيصر” حتى يبقى لبنان.. تحذيرات بشأن النازحين السوريين، عربي 21، 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، شوهد في 7 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/x8YXTco7
[23] التتبع المالي بعد مؤتمر بروكسل – التقرير الرابع عشر (مايو 2023)، موقع الخدمة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي، 16 حزيران/ يونيو 2023، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/Y051YUet
[24] نجيب ميقاتي يقترح على فرنسا إعلان “مناطق آمنة” في سوريا لتسهيل إعادة اللاجئين، تلفزيون سوريا، 20 نيسان/ أبريل 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/MP9JXr1L
[25] أحدث خطة للاستجابة الإقليمية تحذر من تزايد احتياجات اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة مع انخفاض الموارد، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 6 آذار/ مارس 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/cTFKLhh4
[26] ممثل المفوضية ل المدن: عودة اللاجئين السوريين صعبة وطويلة الأمد، موقع المدن، 14 أيار/ مايو 2024، شوهد بتاريخ 16 أيار/ مايو 2024 في الرابط: https://bit.ly/4alOdU0
[27] بيان بشأن اتفاقية تبادل البيانات، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، 8 آب/ أغسطس 2023، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/Nctv8gh6
[28] ممثل المفوضية ل المدن: عودة اللاجئين السوريين صعبة وطويلة الأمد، موقع المدن، 14 أيار/ مايو 2024، شوهد بتاريخ 16 أيار/ مايو 2024 في الرابط: https://bit.ly/4alOdU0
[29] انتقادات لتهديد “حزب الله” بإغراق أوروبا باللاجئين السوريين، عربي إندبندنت، 4 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/81sADOV6
[30] مليار يورو من الاتحاد الأوروبي لاحتواء قوارب اللاجئين من لبنان… دون حل أزمتهم، صحيفة الشرق الأوسط، 1 أيار/ مايو 2024، شوهد في 13 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://2u.pw/D4GAzPSK
المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة