أكد وزير الدفاع التركي يشار غولار تصميم بلاده على الاستمرار بتحركاتها العسكرية في الشمال السوري، في إطار محاربة قوات قسد وحزب العمال الكردستاني، فيما أصرت سلطة الأسد على سحب القوات التركية من سوريا قبل الشروع في استعادة العلاقات.
جاء ذلك بعد بيان نشرته السلطة، السبت، ردت فيه على دعوة الجانب التركي للتطبيع، قائلة إن “أي مبادرة لإعادة العلاقات مع تركيا يجب أن تكون وفق أسس واضحة أولها انسحاب القوات غير الشرعية من سوريا”.
من جانبها نقلت وكالة أنباء تركيا، عن مصدر دبلوماسي، أمس الأحد، أنه “من غير الوارد مطلقا سحب الجيش التركي من شمالي سوريا طالما أن خطر الإرهاب يهدد الأمن القومي التركي.. العمليات العسكرية التركية ضد التنظيمات الإرهابية مستمرة في سوريا والعراق وستستمر حتى تأسيس شريط أمني بعمق 30 إلى 40 كلم”.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أمس الأحد، إن اتصالاتهم مع سلطة الأسد، لم تأتِ بنتائج إيجابية، مشيراً إلى أنّ “الأزمات في سوريا تحتاج زمناً طويلاً لحلّها” كما دعا “روسيا وإيران، لممارسة الضغط على السلطة في مسألة التطبيع”.
هل عرقلت إيران التطبيع؟
لم تعلق إيران رسميا على المبادرة التركية للتصالح مع الأسد، لكن تصريحا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وشى بذلك، عندما قال إن على إيران والولايات المتحدة أن لا تعترضا على جهود المصالحة في سوريا.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي السوري، أحمد مظهر سعدو، في إفادته لموقع حلب اليوم، أنه مما لاشك فيه أن “لإيران الملالي كل الدور في عملية التطبيع المزمعة بين الأسد وتركيا وهي من ساهم في تعثر ذلك مسبقا عندما همت روسيا في تحريك الملف قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية”، ففي حينها “عرقلت ذلك إيران عبر زج وسيط ومندوب لها داخل اجتماعات التطبيع تلك”.
من جانبه رآى الباحث السياسي الروسي المتخصص بالشؤون الدولية والعلاقات الدبلوماسية، ديمتري بريجع، أنه يمكن أن يكون لإيران نوع من التنافس مع تركيا، وهذا التنافس موجود بين روسيا وتركيا وبين روسيا وايران.
وأوضح أن كل دولة من الدول الثلاث تعتبر نفسها هي وريثة إمبراطورية سابقة، الروس والعثمانيون والفرس، لذا لن تكون هناك رؤية مشتركة 100% بينهم وسط حالة من التنافس.
ولفت سعدو إلى أن إيران “أعاقت المسار عبر ربط السيادة السورية المفترضة بمسار التابعية الكبرى لدول مايسمى الممانعة والمقاومة وعلى رأسها طهران”.. واليوم “إذ تتعثر العملية التطبيعية من جديد فإن يد إيران باتت ظاهرة هي الأخرى ضمن آليات العرقلة”.
وحول الأسباب قال الكاتب السوري، إن طهران تبحث عن مصلحة أمنية واقتصادية لها في ذلك التطبيع، و”هي حتى الآن لم تجد ذلك، ولم تتلق وعودا من تركيا أو روسيا تطمئنها على حصتها ضمن أية عملية تطبيع قد تتحرك قدما في نفس الاتجاه”.
ورغم أن ما يبدو للمتابع هو أن سلطة الأسد ساهمت في تعثر التطبيع أو حاولت ذلك عبر تصريحات الأمس “لكن واقع الحال يشير إلى اليد الإيرانية”، علاوة على أن التوقف أو التعثر مايزال مرهونا بمزيد من الإطباق على مصالح تعمل عليها إيران.
هل تستطيع سلطة الأسد تحقيق المطالب التركية؟
أكد وزير الخارجية التركي يشار غولار أن بلاده عازمة على إنشاء ممر أمني بعمق يتراوح بين 30 إلى 40 كيلومترًا على امتداد الحدود التركية مع العراق وسوريا، مشددا على أن “الهدف الرئيسي من هذه الخطوة هو تطهير المنطقة بالكامل من العناصر الإرهابية”، ومؤكدا أن أنقرة “ستواصل عملياتنا حتى يتم القضاء على آخر إرهابي”.
من جانبها قالت وزارة خارجية سلطة الأسد إن “عودة العلاقات السورية التركية يجب أن تقوم على عودة الوضع الذي كان سائدا قبل 2011″، وإنه “يجب مكافحة المجموعات الإرهابية التي تهدد أمن سوريا وتركيا ضمن مبادرة عودة علاقات البلدين”.
ويبدو الأمر وكأنه تكرار لما حدث خلال المسعى الأخير للتقارب، العام الماضي، حيث تمسك كل طرف بمطالبه، وانتهت جهود التطبيع بلا نتيجة.
وأكد سعدو أن المطالب التركية الثلاثة لا تزال مستعصية على الحل ومن الصعب جدا الوصول إليها بعد أن اصبحت سوريا على يد الأسد دولة فاشلة غير قادرة على تحقيق الأمن القومي التركي شمال شرق سوريا وغير قادرة على استقبال ثلاثة ملايين أو يزيد من السوريين هم الآن داخل الجغرافيا التركية.
وأضاف أن “الدولة الفاشلة السورية” لن يكون بوسعها الحفاظ على أمن مرور قوافل الترانزيت بين حدود تركيا و الأردن، ومن ثم فإن “تركيا ليس بإمكانها منح ماتريده عصابة الأسد دون مقابل”.
من جانبه قال بريجع إن تطبيع العلاقات بين تركيا وسلطة الأسد مشروع مهم للسياسة الخارجية الروسية التي “تريد أن يكون هناك استقرار للوضع في سوريا”، مضيفا أن لدى روسيا قاعدة عسكرية كاملة في سوريا تابعة لوزارة الدفاع الروسية، كما أن لديها موانئ في شبه جزيرة القرم، والاستقرار مهم لها لتخطي العقوبات والضغوطات الغربية.
وأضاف أن روسيا تريد عودة تدريجية للوضع في سوريا إلى ما كان عليه قبل عام 2011، حيث عملت على عودة تدريجية لسلطة الأسد إلى الجامعة العربية، مستغلة العلاقات القوية مع دول الخليج.
هل توقف مسار التطبيع؟
قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يوم الجمعة، إنه دعا بشار الأسد، قبل أسبوعين، لعقد اجتماع في تركيا أو في دولة ثالثة، مضيفا أن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مخوّل بتنظيم اجتماع معه، حيث “نريد بدء عملية جديدة والتغلب على التوتر في العلاقات”.
وأعقب تلك التصريحات تعليق خارجية سلطة الأسد، التي دعت إلى اتخاذ “خطوات فعلية” و “بعيدا عن الأهداف الإعلامية”، مضيفة أن لديها مطالب قبل التطبيع.
لكن الكاتب السوري لا يرى أن تصريح سلطة الأسد يتضمن رفض التطبيع، بل “بذل المزيد من الضغط على حكومة العدالة والتنمية”.
من جانبه يرى الباحث السياسي الروسي، أن مسار التطبيع يحظى بدفع من موسكو نحو تحقيقه، حيث أن نظرتها تختلف عن إيران وبوتين يتحدث دائما عن العالم متعدد الأقطاب، ويعتبر أن هذا العالم يحتاج أن يكون هناك لروسيا سيطرة على القرارات في دول مختلفة من القارة الأفريقية إلى منطقة شرق آسيا ودول آسيا الوسطى، والشرق الأوسط وغيرها من المناطق، ومن إستراتيجيات وزارة الخارجية الآن عودة الاستقرار إلى سوريا.
المصدر: موقع حلب اليوم