درعا مهد الثورة السورية، ومنبع الشهامة والعطاء والإيثار، تم خذلانها كما سواها من بقاع سورية، وجاء التخلي الأميركي الواضح والفاجر، ليعطي الضوء الأخضر لجحافل المغول التتري من الروس وآل الأسد والإيرانيين ومن لف لفهم من ميليشيات طائفية، وبضوء أخضر واضح من العدو الصهيوني، لتبدأ سياسة الأرض المحروقة والقتل النازل فوق كل درعا، وليتم العمل بعدها من بعض السماسرة، ليكون الاتفاق سيء الذكر، الذي أدى إلى ما أدى إليه بأهل أهل درعا النشامى.
عن واقع درعا وماجري في الساعات الأخيرة، وجملة استقراءات سياسية عما آل اليه الوضع في سورية ومنها درعا بكل تأكيد، فقد توجه موقع مصير إلى الكاتب والباحث الحوراني الدكتور أحمد خليل الحمادي لنقف معه على بعض ما جرى، وقراءته للمستقبل وفق ذلك. وقلنا برأيكم لماذا حصل ما حصل في درعا؟ أجاب ” ما حدث في درعا هو نتيجة توافقات دولية واقليمية بين عدة أطراف على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإسرائيل، وهذا ما لاحظناه وسمعنا عنه عبر وسائل إعلامهم قبل بدء الحملة الهمجية على حوران بشهور.
اسرائيل ومن خلال زيارات لرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو إلى موسكو، أعطت الضوء الأخضر لروسيا بتدمير حوران، أما أميركا فهي تسير حسب الرغبات الإسرائيلية، وكانت قد أعلنت أنها رفعت يدها عن دعم فصائل الجبهة الجنوبية منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول عام ٢٠١٧.”. ثم قال ” ما حصل في سوريا هو إعادة ترتيب أوراق المصالح الدولية، أميركا في الشمال الشرقي، وروسيا بقية الأراضي السورية، أما إسرائيل فهي حصلت على ضمانات ربما تصل حد التنازل عن الجولان، وربما الحصول على أراض جديدة، وربما الحصول على ساعة ايلي كوهين، وهي أكبر دليل على عهد الصداقة الجديد “. وسألناه هل يمكن الثقة بالنظام والروس؟ قال ” ولا بأي شكل من الأشكال يمكن الوثوق بروسيا أو بنظام الأسد، لأنهم مدرسة واحدة في الإجرام والقتل والتنكيل، وما جرى في غوطة دمشق الشرقية أكبر دليل على عدم التزام روسيا بمواثيقها، بعد أن انسحبت قواتها العسكرية وأدخلت ميليشيات النظام الطائفية لتستبيح الأرض والعرض. أوجه نصيحة لجميع الثوار والمناطق التي دخلت على خط المصالحات أن لا يأمنوا جانب روسيا ولا يعتبروها صديق أو ضامن، فهي منذ البداية كانت في جهة العدو حمته أحد عشر مرة في مجلس الأمن من خلال الفيتو، وبعدها حركت الأساطيل البحرية والجوية لتقتل الشعب الثائر.
روسيا تدخلت لقتل الشعب السوري، ولإجهاض ثورته، ونذكر ما قاله سيرغي لافروف: لولا تدخلنا لسقطت دمشق خلال أسبوع، ودخل الثوار قصر بشار الأسد.”
وتساءلنا مع الدكتور أحمد هل من المتوقع أن توقع باقي الفصائل في غرب درعا على اتفاقات مشابهة؟ فأكد أن ” كل الاحتمالات واردة، ولكن ما يرشح إلى الآن يبين أن الفصائل في المنطقة الجنوبية ستكمل مشوار المقاومة، ويوم أمس أعلنت كبرى الفصائل عن تشكيل جيش الجنوب، رافضة مصالحات الذل والاستعباد الجديد”.
ولكن وما دور الأميركان في الوصول الى هذه الحالة في درعا؟ أجاب ” الأميركان منذ البداية أطلقوا على أنفسهم مع مجموعة من الدول ب (أصدقاء الشعب السوري) لكنهم لم يقوموا بالدور المطلوب، مقارنة بقوتهم وثقلهم الدولي، أميركا دعمت فصائل الجبهة الجنوبية، ولكنها فجأة أعلنت إيقاف هذا الدعم في أوج الحاجة إليه، كما فرضت نفسها راع لاتفاق خفض التصعيد، لكنها شاهدت خرق الاتفاق ولم تحرك ساكنًا مع أنها هددت مرارًا من مغبة خرق الاتفاق. وأعتقد أنها توافق على ما يجري وإلا لماذا سمحت لروسيا تدمير وحرق المنطقة”. وسألناه بتصورك هل انتهت الثورة بعد درعا؟ أجاب ” الثورة لم تنته ومازالت مستمرة. هي لم تبدأ مسلحة لتنتهي عند جولة خاسرة عسكرية، رغم البطولات الكبيرة والجميع يعرف أنهم يجابهون قوى كبرى مثل روسيا وإيران من دون دعم أو حليف يساندهم. الثورة مستمرة والشعب السوري قال كلمته إنه ماض باتجاه الحرية والعدالة والديمقراطية.” وعن قراءته لمستقبل سورية بعد الذي جرى؟ قال ” المستقبل سيكون كما نريد، وهذا بفضل الشباب المندفع نحو الحرية والعدالة، وبفضل الدماء الطاهرة التي سالت على الأرض. بشار الأسد أصبح من الماضي والآن نحن نقاوم احتلال روسي، سيندحر قريبًا عن أرضنا. وستكون المرحلة المقبلة شاهدة على نضال عبر خطين سياسي وعسكري، يوجع روسيا ويجبرها على الهروب”.