أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا لن تقف موقف المتفرج إذا غض العالم الطرف عن قتل عشرات الآلاف من أجل دعم أجندة النظام السوري و«لن تشارك في مثل هذه اللعبة».
وقال إردوغان في سلسلة تغريدات على «تويتر» أعقبت مشاركته أول من أمس في اجتماع قمة ثلاثي مع نظيريه الروسي والإيراني في طهران، إن اللجوء إلى أساليب تستخف بحياة المدنيين «ستخدم أهداف الإرهابيين». وأضاف: «إذا غض العالم الطرف عن قتل عشرات الآلاف من الأبرياء لتعزيز مصالح النظام لن نقف موقف المتفرج ولن نشارك في مثل هذه اللعبة».
ودخلت أمس (السبت) وحدات «كوماندوز» تركية تم حشدها على الحدود خلال الأيام الماضية، عبر معبر «أونجو بينار» الحدودي، إلى الأراضي السورية لتعزيز القوات المنتشرة هناك.
وتواصل القوات المسلحة التركية إرسال تعزيزات عسكرية من مختلف الولايات التركية إلى ولاياتها الحدودية مع سوريا، وإلى الأراضي السورية لدعم قواتها المنتشرة في منطقتي عفرين ودرع الفرات، اللتين تسيطر عليهما فصائل من الجيش السوري الحر مدعومة من تركيا.
وتحذر تركيا من أي عملية عسكرية قد تستهدف إدلب من قبل النظام السوري وشركائه، وذلك خشية وقوع كارثة إنسانية في المدينة بسبب الكثافة السكانية.
في السياق ذاته، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إن أي هجوم على محافظة إدلب، لن يجلب سوى القتل والدمار، وسيقوض جميع الجهود السياسية سواء في جنيف أو في آستانة، وسيكون هذا انتصاراً غير أخلاقي لنظام الأسد.
وأشار كالين إلى أن الحرب السورية تستمر في عامها السابع بإحداث الفوضى والمآسي الإنسانية والاضطرابات السياسية، وإن الصراعات السياسية والعسكرية المستمرة سوف تفاقم الأزمة الراهنة أكثر إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي راسخ ومستدام.
وأكد، في مقال لصحيفة «صباح» القريبة من الحكومة، أن التطورات الأخيرة في إدلب ومحيطها، ستجعل الوضع أكثر سوءاً بدلاً من تحسينه. ولفت إلى أن هذه الحرب التي باتت مسألة تتجاوز سوريا، لن تعود بأي فائدة على الشعب السوري. وأضاف: «نشهد حرب وصاية تجري بين القوى العالمية والإقليمية، والأسلحة ليست السبب الوحيد لهذه الوحشية الناجمة عن الرغبة في كسب مزيد من القوة والنفوذ والدوافع الجشعة».
وتابع أن معظم دول العالم أدارت ظهرها للشعب السوري الذي لم تتجاوز التعهدات بدعمه الأقوال، وأن الجهات الفاعلة الرئيسية لم تفعل أي شيء أو اكتفت بأشياء قليلة جداً من أجل وقف الحرب.
وقال إن مساري جنيف وآستانة حتى إن أثمرا عن بعض النتائج، لم يتمكنا من وقف الدم النازف. وأكد أن أميركا استخدمت «داعش» من أجل شرعنة وجودها، شمال شرقي سوريا، وهي تبحث رغم زوال تهديد هذا التنظيم إلى حد كبير، عن وسائل لإضفاء الشرعية على علاقاتها مع حزب العمال الكردستاني في سوريا، منتهكة بذلك الشراكة الاستراتيجية مع تركيا، مشيراً إلى أنها لا تنصت إلى دعوات تركيا بشأن وقف هذه العلاقة «المشبوهة» مع «العمال الكردستاني».
كما أشار إلى استخدم النظام السوري وداعميه إيران وروسيا أيضاً لـ«وحش داعش» من أجل تبرير مساعيهم الرامية إلى رسم خريطة جديدة في «بلاد الشام».
ورأى أن جميع هذه العناصر أدت إلى القضاء على مجموعات المعارضة السورية المعتدلة أو إلى إضعافها على الصعيدين السياسي والعسكري.
وذكر كالين أن إدلب بقيت آخر معقل لقوات المعارضة السورية، وأي هجوم على هذه المحافظة التي يقطنها 3.5 مليون شخص، سيؤدي إلى كارثة إنسانية كبيرة.
ومضى يقول: «هذا الأمر سيثير موجة نزوح جديدة باتجاه تركيا، ومن هنا إلى أوروبا وأماكن أخرى».
ونوه كالين بأن الدول الضامنة (تركيا وروسيا وإيران) شكلت في إدلب نقاط مراقبة وأن بلاده لديها 12 نقطة مراقبة هناك، مشدداً على أن وجود الجنود الأتراك في المحافظة السورية المذكورة ضمان لمنع أي هجوم محتمل عليها، لأن الطائرات الحربية الروسية والقوات البرية للنظام لا يمكن أن تجازف بشن هجوم مع وجود الجنود الأتراك هناك (نعلم أنهم لا يهتمون بالمدنيين ولا قوات المعارضة المعتدلة). «أي هجوم سيستهدف إدلب بذريعة القضاء على المجموعات الإرهابية سيعطل عملية آستانة».
ولفت إلى أن تركيا قامت بما في وسعها لمنع حدوث مأساة إنسانية جديدة في سوريا، وأنها ستواصل جهودها دون كلل في هذا الصدد.
وأكد أنه ينبغي على آلية الدعم الدولية الانتقال إلى ما هو أبعد من تصريحات القلق أو مصطلح الغضب الذي استخدمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تغريدته، والميل إلى عمل ملموس يضم حلولاً سواء في المجال السياسي أو فيما يخص اللاجئين. واعتبر أن «إدلب أمامنا كالقنبلة الموقوتة. في حال أخذ المجتمع الدولي الحرب في سوريا على محمل الجد وأنه يهتم بالشعب السوري، فإننا نستطيع تعطيل هذه القنبلة الموقوتة والانتقال إلى مرحلة جديدة».
المصدر: الشرق الأوسط