حرمت “وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” (أونروا) آلاف الأسر الفلسطينية المهجرة من جنوب دمشق من المساعدات التي كانت تقدمها لهم وأصدرت قراراً بإلغاء التوكيلات التي كان المهجرون الفلسطينيون إلى إدلب أو إحدى مناطق التوتر في سوريا يفوضون من خلالها أحد أقاربهم باستلام المعونة المالية والعينية المقدمة من قبل وكالة الغوث، وفرضت عليهم إجراء توكيلات حديثة لاستلام المعونة المالية، -كما أفادت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”- ما يعني حرمان مئات العائلات الفلسطينية المهجرة إلى شمال سوريا من تلك المعونة، بسبب خوفهم من الاعتقال أو القتل في حال ذهبوا إلى مناطق نفوذ النظام السوري.
وأشار الناشط “عمار القدسي” لـ”زمان الوصل” إلى أن “أونروا” بدأت فعلياً بقطع المساعدات عن الفلسطينيين الموجودين في الشمال السوري قبل عملية تهجيرهم القسري من جنوب دمشق وريفها.
وأضاف “كان مندوب للمنظمة الدولية يتولى تسليمهم مستحقاتهم من خلال توكيل لأحد معارفهم أو أقاربهم ضمن مناطق النظام، ولكن المندوب المسؤول عن التوكيلات اختفى منذ 5 أشهر، ولم يتمكن أحد من الوصول إليه، وظهر فيما بعد ليقر بشكل واضح أن هناك أوامر من الأونروا بعدم تنظيم توكيلات في الوقت الحالي”.
وتابع القدسي “إن الفلسطينيين في جنوب دمشق لم يتمكنوا من إجراء أي توكيلات خلال تلك الفترة وتم تهجيرهم قسرياً ولم يقبضوا المساعدات الأخيرة، ولطالما اعتبر الفلسطينيون هذه المساعدات وسيلة للتغلب على المصاعب الحياتية بسبب ارتفاع نسبة البطالة وعدم وجود مصدر رزق لهم في ظل الحرب والحصار الذي عاشوه في مناطق جنوب دمشق”.
وكشف محدثنا أن المبالغ التي كان يتلقاها الفلسطيني الواحد تتراوح بين 15 و20 ألف ليرة سورية والعائلة المكونة من خمسة أشخاص مثلاً كانت تتلقى ما بين 75 إلى 250 ألف وهذا المبلغ كان يفي بالحاجة قياساً بالظروف التي كانت تمر بها البلاد.
ومن المعلوم أن “أونروا” أُنشئت من بداية تأسيسها لحماية اللاجئ الفلسطيني في مناطق الصراع وتحددت أقاليمها فيما بعد في فلسطين ومصر والأردن وسوريا ولبنان.
وأعرب محدثنا عن اعتقاده بأن شح التمويل والموارد ليس هو السبب الحقيقي لقطع الدعم عن فلسطينيي الشمال السوري بل للأمر -كما يقول- أبعاد سياسية وبهدف الضغط عليهم وإجبارهم على العودة إلى حضن النظام، بدليل أن دفعة المساعدات التي تم حرمان الفلسطينيين منها في الفترة التي تزامنت مع تهجيرهم قسرياً تم صرفها لكل اللاجئين الذين ظلوا في مناطق النظام وأجروا تسويات معه، بينما حُرم فلسطينيو الشمال منها بشكل كامل.
وأبان “القدسي” أن الفلسطينيين في سوريا وبخاصة المهجرين منهم باتوا يطالبون بحل جذري لمشكلتهم كلاجئين أو إيجاد حل مناسب وعادل لقضيتهم يؤمن لهم الحياة الكريمة والمعيشة الإنسانية أو إعادتهم إلى أرضهم الأم وأرض أجدادهم.
“القدسي” أشار إلى أن الناشطين الفلسطينيين في الشمال السوري حاولوا التواصل مع عدة جهات كالمفوضية السامية لحقوق الإنسان التي تواصلت بدورها مع “أونروا” دون نتيجة.
وأردف أن هناك أطرافاً حاولت التواصل مع دائرة اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية دون أي رد أو تجاوب أيضاً، ولا زالت هذه المنظمات والجهات -كما يقول- تلتزم الصمت تجاه قضية الفلسطينيين الموجودين في الشمال وحالة التهميش التي يعيشونها وحرمانهم من حقوقهم التي يحصل عليها الفلسطينيون الذين لا زالوا موجودين في مناطق سيطر النظام كمساعدات وامتيازات أخرى.
وكشف محدثنا أن هناك محاولات لإنشاء هيئة تمثل الحالة تعنى الفلسطينية في الشمال السوري، ولكن هناك صعوبات تعترض هذه المحاولات، فالأمر-كما يقول- يحتاج إلى تكليف من جهة رسمية، ومن المعروف أنه في مناطق الشمال يمنع إنشاء أي لجنة أو هيئة أو منظمة دون الحصول على موافقة من الجهات المسؤولة عن هذه المناطق وأي هيئة أو لجنة للحالة الفلسطينية بحاجة لتمويل وكوادر للعمل والإحصاء، أضف إلى ذلك هناك ضرورة لتوافق كافة شرائح الفلسطينيين الذين نزحوا من عدة مناطق من سوريا لتشكيل لجنة توحد الحالة الفلسطينية.
“نايف محفوظ” مهجر أربعيني هُجّر قسراً من مخيم “اليرموك” بعد تدميره على يد قوات النظام وحلفائه إلى الشمال السوري وحرم كغيره من المهجرين من مساعدات وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أكد لـ”زمان الوصل” أن اللاجئين الفلسطينيين الموجودين الآن في أكثر من مخيم مثل “إعزاز ودير بلوط وأطمة وجنديرس”، يفتقرون إلى الإقامة اللائقة بهم كبشر-كما يقول- من خدمات صحية وإغاثية وتعليمية والشعور بالأمن والأمان بعد تعرضهم لممارسات لا إنسانية من قبل النظام وحلفائه على مدى السنوات الماضية في مخيم “اليرموك”.
وبدوره قال أبو محمد أحد المهجرين قسراً من جنوب دمشق: “مضى على تهجيرنا من مخيم اليرموك أكثر من ثلاثة أشهر وإلى الآن ليست هناك أي جهة إن كانت فلسطينية أو عربية أو دولية مدت يد العون لنا بما فيها وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين التي أنشئت لمساعدتنا واستثنت المهجرين الفلسطينيين في الشمال السوري من هذه المساعدات”.
ولفتت “أم فادي” التي تتولى تربية 3 أبناء معوقين بمرض مزمن يؤخّر نموّهم الطّبيعيّ، أنّ ‘مساعدات الأونروا لم تكن أصلاً بالمستوى المطلوب، ليقوموا حالياً بإيقافها وحرماننا منها دون ذنب سوى خروج من جنوب دمشق للبحث عن الأمن والأمان.
وكان حوالي 4500 عائلة فلسطينية قد هُجروا من مخيم “اليرموك” و”خان الشيح” إلى الشمال السوري في آب أغسطس الماضي، بعد عقد اتفاقات مصالحة بين فصائل المعارضة السورية والنظام، أفضت إلى إخراج مقاتلي المعارضة السورية مع عائلاتهم من مناطق سيطرتهم إلى الشمال السوري.
المصدر: زمان الوصل