مع تضارب الأنباء عن انسحاب مقاتلي «هيئة تحرير الشام» من المنطقة العازلة في إدلب، أكد مصدر قيادي في فصائل الشمال المقربة من تركيا أن «موضوع حل عقدة انسحاب هيئة تحرير الشام وصل إلى مراحل متقدمة جداً باتجاه إيجاد مخرجات محددة». وأعرب في اتصال أجرته معه «الحياة»، عن ثقته بأن «مقاتلي الهيئة سيخرجون من المنطقة العازلة في الوقت المحدد أو حتى قبله». بموازاة ذلك، وبعد لقاءات عدة على هامش الدورة الحالية للأمم المتحدة، أعربت المعارضة السورية عن تفاؤلها، كاشفة عن حصول «تحوّل إيجابي في مقاربة المسألة السورية». ويُنتظر أن يكشف اجتماع المجموعة المصغرة حول سورية اليوم عن توجهات المجموعة في شأن مستقبل الحل السياسي.
وفي حين أشاد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير باتفاق إدلب، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن «وزراء الخارجية الروسي سيرغي لافروف والتركي مولوود جاويش أوغلو والإيراني محمد جواد ظريف، ناقشوا في اجتماع عُقد في نيويورك، المنطقة المنزوعة السلاح في إدلب وآفاق إطلاق العملية السياسية في سورية». ومن طهران، حذّر سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيقولاي باتروشيف من نقل الولايات المتحدة «المجموعات الإرهابية المهزومة من سورية إلى أفغانستان»، فيما توعد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني إسرائيل برد يجعلها «تندم» في حال واصلت استهداف سورية والقوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها. في المقابل، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان استعداد تل أبيب فتح معبر الجولان مع سورية.
وقال الناطق باسم الهيئة السورية للتفاوض المعارضة يحيى العريضي إن لقاءات الوفد كانت ممتازة. وأكد في اتصال أجرته معه «الحياة» أن «هناك تحولاً في التوجه نحو مقاربة المسألة السورية استراتيجياً لا تكتيكاً»، موضحاً أن المقاربة الجديدة «تنطلق من مراعاة القرارات الدولية، وأن هناك شعباً سورياً له حقوقه». وأشار إلى ان «المجموعة المصغرة تميل إلى التنسيق مع ترويكا آستانة في ظل تحجيم الدور الإيراني، ما يمكن أن يساهم في الوصول إلى حل شبه حقيقي».
ومع إشارته إلى اللقاءات المثمرة لوفد الهيئة مع الجهات الفاعلة في الملف السوري في نيويورك، أعرب العريضي عن استعداد الوفد للقاء الروس «في حال كانت لديهم رغبة جدية في التوصل إلى حل يلبي طموحات شعبنا، ويُنفذ القرارات الدولية كاملة وليس في شكل انتقائي».
وفي موضوع تنفيذ اتفاق إدلب، أشار مصدر عسكري معارض إلى «ليونة في موقف هيئة تحرير الشام التي لم تصدر حتى الآن بياناً محدداً، على عكس تنظيم حراس الدين»، متوقعاً أن «يجذب حراس الدين مزيداً من العناصر والمجموعات الصغيرة الرافضة فك الارتباط مع القاعدة، والمصممة على مواصلة القتال ضد النظام». وقلل المصدر من «أهمية دعوات المفتيين الشرعيين للهيئة مع إدراك غالبية العناصر أن خياراتها محدودة وأنها لن تستطيع الصمود طويلاً في ظل عدم وجود قبول شعبي كبير لها في إدلب، والتفوق لجهة العدة والعتاد لصالح الأطراف الداعمة لاتفاق سوتشي الذي جنّب المنطقة حمام دم». وشدد على أن «تركيا تسعى إلى علاج عقدة الهيئة عبر الحلول التفاوضية واستنفاد الفرص قبل اللجوء إلى علاجات أخرى».
وفي ظل عدم كشف وجهة المجموعات الجهادية ذات الأصول الأجنبية التي تجمعت في سورية، حذر باتروشيف من خطورة «نقل الولايات المتحدة وبعض حلفائها الجماعات الإرهابية المهزومة من سورية والعراق إلى أفغانستان»، في حين اتهم شمخاني «اسرائيل بالسعي إلى استمرار الأزمة في سورية، عبر دعم المجموعات الإرهابية واستهداف الجيش السوري والقوات المحاربة للإرهاب»، ملوحاً بأنه في حال استمرار هذه التصرفات ستواجه «ردود فعل تجعله تندم عليها».
وفي باريس، سألت «الحياة» مصدراً ديبلوماسياً فرنسياً، خلال لقائه مع الصحافة العربية، عن سبب الترحيب الفرنسي بالتغيير في السياسة الأميركية في سورية، فقال ان المفهوم الفرنسي ان الاميركيين أولاً يبقون ملتزمين في سورية حتى القضاء على تنظيم «داعش»، ثم ان الادارة الاميركية لا تريد حلاً سياسياً في سورية يحمي البقاء الايراني وقدرات إيران العسكرية. وأضاف أن الجانب الفرنسي يرحب بذلك لأن باريس تعمل مع الادارة الاميركية في إطار المجموعة الصغرى، وهذه لها موقف متكامل وواضح حول معايير الخروج من الازمة السورية، وهذا مهم بالنسبة الى روسيا لأنه ينبغي ان تبقى الدول التي لديها معايير الخروج من الأزمة موحدة، والا يتم تقسيمها، لا من الروس ولا من غيرهم. وتابع ان هناك اليوم وضع متناقض حيث ان روسيا في سوتشي أرادت إنشاء لجنة دستورية مقسمة الى ثلاث أجزاء، واليوم هي التي تعطل إنشاء هذه اللجنة لسبب وحيد هو ان موسكو لم تتخذ قرار الدخول في نهج الانتقال السياسي في سورية، بل تبقى حالياً على نهج تمكين نظام بشار الأسد، وهذا غير ممكن، والروس يعرفونه.
المصدر: الحياة