يواجه ماكرون أكبر أزمة له منذ توليه منصبه قبل 18 شهرا بعد اندلاع أعمال العنف وسط العاصمة للأسبوع الثاني على التوالي احتجاجا على زيادة أسعار الوقود وتحولت إلى حركة مناهضة للحكومة.
اصحاب “السترات الصفراء” هم المحرك الرئيس لهذه الانتفاضة الجديدة ، ويوصفوا بانهم خرجوا من العدم ، إذ لا ماض سياسي لهم ، فيما اتفقت التقييمات ان شبكة الانترنيت هي البطل الحقيقي لهذه الحركة ، من هناك وبسرعة لافتة جرى التوافق على الشعارات والرموز والرسائل التي تطورت تدريجيا ، وبأسلوب تعجز عنه الأحزاب السياسية كان يتم التصويت على كل خطوة وشعار بصورة علنية ، وبسرعة لافتة أيضا خلقت هوية متدرجة جامعة للحراك دون ان يعرف الناس بعضهم ، والحديث هنا لا يجري عن بضعة مئات بل عن مئات الآلاف كان نحو ٧٥ الفا منهم في الشوارع . ما يميز التحرك الفرنسي الجديد ان ليس هناك إيديولوجية أو فلسفة واضحة لهم، لكنهم يتشاركون في مجموعة من المواقف العامة. لا جامع بينهم سوى “الغضب “من الضريبة الجديدة على أسعار البنزين، ولا يحبذون تحديد السرعة على الطرق الرئيسية. الغضب هو واحد من الأشياء التي تنتقل بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو شكل من أشكال التواصل التي تفضل العاطفة على العقلانية. كما أنها واحدة من الأشياء التي تجمع الناس في عالم تتلاشى فيه النقابات العمالية والمنظمات الكنسية والأحزاب السياسية. التعبير عن الاستياء كان واضحا، عندما أعلن أحد المتظاهرين، “كلكم” – أي الطبقة السياسية في كاملها، أقصى اليسار، اليمين المتطرف والوسط – “لم تعد هناك حاجة إليها. لكن بعيدا عن هذه الصورة الوردية، ثمة ما هو أعمق من الطافي على السطح، إنه خطاب شعبوي يناهض المؤسسة السياسية بكليتها بصورة عدوانية تحاكي موجة اليمين واليسار الشعبوي التي تجتاح القارة الاوروبية والعالم. ميركل وماكرون رسما الصورة الاوروبية بثقليها المؤثرين وكانا ضامن الاستقرار والوحدة والوسطية ، لكن هذا الامل يتهاوى اليوم ، ميركل التي تضاءل وزن حزبها في الحياة السياسية تتخلى عن القيادة في العام المقبل ، وماكرون يواجه عاصفة هوجاء ، سرعان ما يلم حطامها اطراف اليمين واليسار الشعبوي المتطرف ، فهم من يرفع شعار اسقاط ماكرون وحل البرلمان ، ومن الصعب تصور نجاته منها بسهولة ، فصورة فرنسا القادمة لا زالت قيد التشكل ، وتصنع في الشارع ، والكاشف والمحدد السياسي سيظهر في تظاهرات السبت المقبل التي دعت اليها النقابات وحزب ماري لوبين واليسار المتطرف . ننتظر لنرى.