بمشاركة إعلاميين وصحفيين سوريين وأتراك أقامت منظمة اليونيسيف ورشة عمل في مدينة غازي عينتاب التركية وعلى مدى يومين متواصلين بين 8و9 كانون أول/ ديسمبر 2018، تحت عنوان (وسائل الاعلام وحقوق الطفل). وقد شارك ملتقى الأدباء والكتاب السوريين ممثلًا برئيسه السيد صبحي دسوقي، وبعض أعضاء المكتب التنفيذي: السيدة الهام حقي، والسيد علي محمد شريف، والسيد بسام وردة، وأحمد مظهر سعدو. حيث تطرقت الورشة إلى آليات علمية ومعرفية ومحددات لابد لوسائل الاعلام من اتباعها، خلال تعاطيها مع الأخبار المتعلقة بالأطفال، وخاصة الأطفال اللاجئين المهجرين السوريين الذين تجاوز عددهم في تركيا مليون طفل، منهم 335 ألف طفل خارج التعليم المدرسي. منوهين إلى أن المصلحة العليا والفضلى للطفل هي ما يجب أن تكون المبتغاة، أثناء أية كتابة أو تغطية صحفية لأية حالة يتعرض لها الطفل، والطفل يبقى طفلًا، ولا يجوز أن يتم التعامل معه كمادة خبرية، ملفتة فقط، أو عبر انتاج عناوين جريئة، لا تراعي المعطى الإنساني للأطفال.
وقد لاحظ مسؤولو اليونيسيف أن هناك الكثير من التعديات الإعلامية على الأطفال، عبر إبرازهم بصورهم وأسمائهم، دون الأخذ بنظر الاعتبار المحددات والمحظورات التي أشارت إليها إتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها، وهي قضايا لا يجب القفز فوقها تحت أي اعتبار، بل لابد من أن يُحاسِب عليها القانون الخاص بذلك. وخاصة الأطفال السوريين الذين يعانون الكثير في بلاد اللجوء، في وقت تحاول فيه اليونيسيف تقديم المساعدات والدعم النفسي، وكذلك تأمين وضع تعليمي للأطفال السوريين بشكل أفضل عبر استمرار مشروع دعم رواتب المعلمين السوريين في المدارس التركية، وتأمين القرطاسية اللازمة للأطفال في المدارس التي يتعلمون فيها.
الورشة أشارت إلى نماذج متميزة في العمل الإعلامي التركي منهم الكاتب التركي (يشار كمال)، وهو نموذج صحفي يحتذى به وفي طريقة معالجته لمسائل ومحظورات التعاطي مع قضايا الطفل، إضافة الى العديد من النماذج الصحفية التركية والسورية والعالمية الأخرى المشابهة.
جيرون سألت بعض الكتاب والإعلاميين السوريين في الورشة عن رؤيتهم لأهمية المحددات التي تضعها اليونيسيف للعمل الإعلامي خلال التعاطي مع قضايا الطفل؟ وما تأثير ذلك على واقع الطفل السوري المهجر في بلاد اللجوء؟ وهل يمكن للعمل الإعلامي أن يواكب ماهية وشروط اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها؟
الكاتب السوري علي محمد شريف المشارك في ورشة العمل قال عن ذلك” في كثيرٍ من حالات تغطية خبر عن انتهاكات يتعرض لها الطفل تساهم بعض وسائل الإعلام، مدفوعة ربما، بالرغبة في تحقيق أرقام مبيعات وأعداد مشاهدةٍ أكبر، في الإساءة إلى سمعة الطفل وتعريضه وأسرته للأذى بما يؤثر بشكل مأساوي على مستقبله، وقد يمارس الإعلام دوراً تحريضياً ويكون شريكاً في دفع الطفل للجنوح وارتكاب الجريمة. من هنا تبدو أهمية المحددات المهنية والقانونية والأخلاقية من خلال النظر إلى خطورة التعاطي الإعلامي الخاطئ مع قضايا الطفل، وفي النظر إلى الإعلام كأداة تأثير وتغيير قادرة على لعب دور مهمّ ومفيد في تربية الطفل وتنميته وتوجيهه، وفي التثقيف والتوعية المجتمعية.” ثم أشار إلى أنه ” لا شكّ أنّ للإعلام أثره الفاعل على الطفل السوري في المهجر من حيث تسليط الضوء على المأساة التي دفعت أسرته للهجرة، ومعاناته ضمن واقعه الجديد، وفي بلورة صورة إنسانية حقيقية له بعيدًا عن التحريض والاستثمار السياسي وخطاب الكراهية. إذ يمكن لوسائل الإعلام أن تساعد على تغيير الصورة النمطية للمجتمعات المحلية الرافضة للثقافات الوافدة المختلفة، كأن تشجع على قيام أنشطة عديدة ثقافية وتربوية وحقوقية، وأن تدفع نحو حوار مجتمعيّ يسهم في استنهاض المبادئ والقيم الإيجابية لدى هذه المجتمعات بما يمكّن الطفل المهجّر ويعزّز قدرته على الاندماج، ولعلّ مشاركة الأطفال الفعالة والأخذ برأيهم يساعد كثيرًا في تقديم المادة الإعلامية الملائمة التي تحقق الرسالة السامية للإعلام الملتزم بمعايير ومبادئ حقوق الطفل.” ثم أردف شريف قائلًا ” يبقى أن نؤكد على الأهمية القصوى للالتزام بالمحددات التي وضعتها اليونيسيف والتي تضع المصلحة الفضلى للطفل كأولوية في تناول الإعلام لقضايا الطفل والدفاع عنها بما يضمن تطبيق الشروط والمعايير المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها، ولعلّ هذا الالتزام أمر ممكن جدًا إذا تحققت استقلالية الإعلام وكان الهدف هو المساهمة في الوصول إلى مجتمع إنساني تتحقق فيه الوفرة والرفاه والأمن والسلام والحبّ”.
أما الصحافي السوري المشارك في الورشة عبد الله سليمان أوغلو فقد أكد على أن ” المحددات التي تضعها منظمة اليونيسف مستقاة من اتفاقية حقوق الطفل، والتي تركز على معاملة الأطفال كأفراد تحفظ كرامتهم وتضمن لهم حق حرية التعبير والمشاركة والحفاظ على كرامتهم وخصوصيتهم وحمايتهم من كافة أنواع الضرر، واعتبار المصلحة العليا للطفل أولوية في العمل الصحفي، ومع الأسف كل هذه المحددات لم تنعكس ايجابًا على واقع الطفل السوري المهجر، حيث تم استغلال صورة الطفل اللاجئ كتجارة رابحة من كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، وتحقيق مكاسب على حساب الطفل الضحية الذي يحتاج كل شيء” ثم أضاف ” مهنة الصحافة والاعلام إن تصرفت بموضوعية ووضعت اتفاقية حقوق الطفل نصب عينيها بالتأكيد سينعكس ذلك ايجابًا على الطفل وتغيير نظرة المجتمع تجاه الطفل وحقوقه وهذا ما كانت تسعى إليه الورشة لزيادة الوعي والمعرفة لدى من يعمل في حق الاعلام وكيفية صياغة الأخبار الخاصة بالأطفال وتجنب الأخطاء التي يقع فيها كثير منهم ويعرضون الطفل وعائلته للخطر في حال تعرضهم لحادثة استغلال جنسي مثلًا. “
أما المخرج الفنان بسام وردة المشارك في الورشة فقال ” اليونيسيف اقترحت حقوق للطفل وتتشاور مع وسائل الإعلام للبلدان الموقعة عليها للتقيد بها وليس لليونيسيف سلطة لتنفيذها ففي ورشة العمل بتاريخ 8/9/12/2018 في غازي عينتاب فقد أشاروا لتلك الحقوق التي لها علاقة بالحياة وصحة الطفل عضويا ونفسيا، وحرية الفكر والمشاركة والسكن والحماية من الحروب. وكان اهتمامهم من خلال الورشة بكيفية صياغة الأخبار عن الأطفال دون الإساءة الى حقوقهم. وهذه الورشة تفيد الإعلاميين الأتراك وتكسبهم خبرة في عدم ارتكاب أخطاء صحفية تسيء للطفل، ولكن بالنسبة الى الطفل السوري فهو طفل مثل الأطفال الآخرين يجب حمايتهم وحماية حقوقهم كاملة، كما وردت من المنظمة العالمية اليونيسيف. وهذا يعود للوسيلة الإعلامية في التقيد بهذه المعايير من عدمها”.
المصدر: جيرون