وصلت حدة الصدام بين حركتي فتح وحماس ذروتها، وذلك عشية إعلان الرئيس محمود عباس تنفيذ قرار المحكمة الدستورية في رام الله، والذي يقضي بحل المجلس التشريعي الفلسطيني ابتداء من يوم الثاني والعشرين/ كانون الأول من العام 2018. إثر هذه الخطوة التي دعا خلالها عباس إلى انتخابات برلمانية خلال ستة أشهر من حل المجلس، تصاعد الخلاف الفتحاوي الحمساوي مجدداً رغم كل اللقاءات والاجتماعات التي شهدتها القاهرة خلال العام الماضي، بهدف تحقيق المصالحة الوطنية بين طرفي الانقسام الرئيسيين في الساحة الفلسطينية. حيث ردّت حماس على قرار حل المجلس، بقيام شرطة غزة التابعة لها، باقتحام مهرجان إيقاد الشعلة الذي نظمته حركة فتح في القطاع في ذكرى إنطلاقتها، والتهجم على المشاركين به واعتقال العشرات منهم. مما زاد من لهيب الاحتقان بين سلطتي رام الله وغزة، وصولاً إلى نعت أبو مازن ممن قاموا بذلك أنهم ” جواسيس “، وبالمقابل تصعيد قيادات حماس من لهجتها واتهاماتها ضد فتح وأبو مازن على وجه التحديد.
يحدث كل ذلك في ظل ارتياح إسرائيلي واضح مما وصلت إليه الحالة الفلسطينية، التي تواجه تحديات كبيرة في ظل الحديث الجدي عن صفقة القرن، وفتح بوابات التطبيع العربية – الإسرائيلية على مصراعيها، وفي ظل تفاقم معاناة الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية، بسبب إجراءات الاحتلال الاستيطانية والعنصرية، وكذلك مع تفاقم المخاوف من تداعيات صفقة القرن على المشروع الوطني الفلسطيني برمته.
في تصريح خاص ” لموقع مصير ” تعقيباً على الحالة الداخلية الفلسطينية، في ضوء خروج الصراع بين فتح وحماس عن كل الضوابط والحدود، قال الأخ أيمن أبو هاشم المنسق العام لتجمع مصير: مؤلم ما يجري في الساحة الفلسطينية، وهو يعكس حالة الضياع والتخبط لدى القيادات الفلسطينية، التي تقدّم بهذه الخلافات والصراعات القائمة بينها خدمة مجانية للعدو الصهيوني، وبدلاً من تحمل مسؤولياتهم الوطنية في ترتيب البيت الفلسطيني، ومعالجة الوضع الكارثي الذي وصلت اليه الحالة الفلسطينية، لازالوا يضعون مصالحهم الحزبية والسلطوية فوق كل اعتبار، في الوقت الذي يعاني فيه أهلنا في الداخل الخارج من مشكلات كبيرة على كافة المستويات. واضاف أبو هاشم متسائلاً: لا أعرف كيف تدعو هذه الفصائل الشعب الفلسطيني لمواجهة الاحتلال وصفقة القرن، فيما تمارس سلوكاً سياسياً يؤدي إلى الانقسام والضعف وإثارة الأحقاد بين أبناء الشعب الواحد ؟
وكيف يتحدثون عن قضية اللاجئين وحق العودة، فيما لا يكترثون لمعاناة المهجرين من مخيم اليرموك إلى الشمال السوري، وهم يواجهون جحيم العوز والحرمان والبرد القارس في مخيمات تفتقد أدنى مقومات الحياة، بل وينفقون الأموال دون حساب لإحياء ذكرى انطلاقات فصائلهم، فيما يديرون ظهورهم لأولئك المعذبين من أبناء شعبهم. وأختتم أبو هاشم بالقول: أن من يدفع فاتورة الصراعات الداخلية والفشل في إدارة الصراع مع العدو، والعجز عن استنهاض الواقع الفلسطيني ومعالجة مشكلاته، هو الشعب الفلسطيني المثقل بالهموم والمعاناة، وكل ذلك يفرض على المخلصين والوطنيين الفلسطينيين الأحرار، العمل على إنقاذ الوطنية الفلسطينية ومشروعها الكفاحي، والتلاقي في مختلف الساحات للبحث في بناء إطار فلسطيني مستقل، يدافع عن حقوق ومصالح الكل الفلسطيني، بآليات تشاركية ديمقراطية، تستنهض مجتمع اللاجئين في دول الشتات، وتفسح المجال للشباب الفلسطيني كي يمارس أدواره في التغيير الوطني التحرري، الذي هو الخيار الوحيد لاستعادة الحقوق ودحر الاحتلال ونيل الحرية..