أحمد مظهر سعدو
لعله من نافل القول الحديث اليوم ( بينما تدخل صحيفة إشراق عامها الرابع) عن الفعل الإعلامي واضح المعالم لما أنتجته هذه الصحيفة خلال ثلاث سنوات خلت، وهي تلاقح الثقافتين العربية والتركية، وتتوثب لإنتاج علاقة ترابطية سياسية واجتماعية ، بين السوريين والأتراك، وتنجز بالتالي حالة منفتحة في بناء نسقي اجتماعي ثقافي بين الحضارتين التركية والعربية، ضمن نسيج غارق في التاريخ ، يجمعه بكل تأكيد البعد الحضاري والروحي والميداني ، للفعل المنجز تاريخيًا ، في نهر متدفق لا ينضب، لمشعل حضاري إسلامي عالي المستوى، ومتمكن من ذاته، ومن ذوات الآخرين، بكل ثقة بالنفس، وكل امتلاك للعقل الجمعي، المبتغى والمشغول بإتقان ما بعده إتقان.
لم يألُ السوريون جهدًا وهم ضيوف بين أهليهم وناسهم وأنصارهم الأتراك، من إعادة صياغة العلاقة على أسس جديدة، تواكب تطورات التاريخ للأمم، وتتساوق مع المعطى الجديد للربيع العربي، وثورة الحرية والكرامة، التي انطلقت في آذار/ مارس 2011 ،لتخط بالدم مسارات حضارة جديدة متجددة للحرية، ومستقبل المنطقة برمتها، في محاولة منها لتحقيق ما عجز سواها عن القيام به، فخرج الشعب السوري بقضه وقضيضه، ليرسم طريقًا حداثيًا للحرية ولسورية المستقبل، بلا استبداد مشرقي، وبعيدًا عن هيمنة العصبيات الأثنية، أو الأقوامية، وليعيد انتاج عقد اجتماعي جديد للسوريين، لا يستثني أحدًا، ولا يتجاوز أي ملمح وطني (أقلوي)، مهما كان صغيرًا ، فالكل لهم الحق في صياغة المستقبل للسوريين، والكل في سورية من حقه بناء صرح الهوية الوطنية الجامعة، متمسكًا بوحدة الأرض والشعب السوري، متفهمًا لكل متغيرات الواقع السياسي والميداني، وهو يتطلع إلى شكل الحكم وطبيعته الجديدة في سورية المستقبل.
لقد كانت صحيفة إشراق وعلى مدى عمرها بسنواته الثلاث، مواكبة للحدث السوري، منحازة إلى ثورة الحرية والكرامة، رافعة شعار الطفل السوري الذي أعلنها يومًا للعالم أجمع أنه (سيخبر الله بكل شيء) وهو الذي شهد على ما فعله الإجرام الأسدي بأهله وشعبه وناسه ومجتمعه، ووطنه، حيث استبيح هذا الوطن من كل شذاذ الآفاق، بل من كل المجرمين الطائفيين، الذين استقدمهم المجرم بشار الأسد ، وساهموا في قتل الشعب السوري، وتدمير الوطن السوري، وتخريب المجتمع السوري، ومن ثم تهجير نصف الشعب السوري خارجيًا وداخليًا، عبر جريمة العصر ( التهجير القسري) والتي حاول أن يجملها بعض ما يسمى بأنصار المجتمع المدني، ليطلقوا تسميتهم سيئة الصيت ( الهندسة الديمغرافية) وهي هندسة أُريد لها إحلال شعب محل شعب، واقتلاع المواطن السوري من أرضه، عبر المشروع الفارسي الطائفي للمنطقة. نعم سنخبر الله بكل ذلك ليس إعلاميًا فقط ، بل فعلًا ميدانيًا شعبيًا مقاومًا، لا يناله النكوص أو التراجع، بل يتحفز ويعمل جديًا من أجل وحدة الشعب السوري، ووحدة الوطن السوري، وطرد المحتل الإيراني والروسي، وكنس كل الإرهاب الغريب عن مجتمعاتنا وعن واقعنا، وعن تركيبة ديننا الإسلامي الحنيف، الذي يتسم بالاعتدال والوضوح، ولا يقترب إطلاقًا من أي صيغة شوفينية، أو تشددية تعصبية، في وقت نحن أشد الحاجة فيه إلى فكر إسلامي مستنير، وعقل سياسي يواكب العالم حضاريًا، ومعرفيًا، وعولميًا دون السماح لأي من الحالات العنفية أن تطال طريقه القويم.
إشراق وهي تلج العام الرابع آلت على نفسها أن تخبر الله بأنها لن تنسى معتقليها وهم بمئات الآلاف، يقبعون في أقبية الظالمين، منذ سبع سنوات خلت، والعالم المتحضر ينظر فاغرًا فاه، دون حراك حقيقي، لكن إشراق وكتاب إشراق وهيئة تحريرها تواكب أوضاع المعتقلين، وتفتح صفحاتها لحملات جدية حقيقية نصرة لقضايا المعتقلين السوريين، وهم يعانون، ويستشهد منهم الكثير، في مواجهة الجلاد الأسدي.
في إشراق مساحة كبيرة للحرية، ولمعتقلي الحرية، ولن تتراجع قيد أنملة عن الخوض الصريح والعلني، في جوانية قضيتهم، ومناشدة كل الدول الإقليمية والكبرى لإنجاز الحرية، وإطلاق سراح المعتقلين السوريين من سجون القمع الأسدي.
وفي هذا السياق فقد وقف العديد من الكتاب والصحفيين مع صحيفة إشراق في حراكها الإعلامي المميز ومنهم الكاتبة الصحفية السورية السيدة فرح عمورة التي أكدت قائلة” لا شك أن صحيفة إشراق قد تصدرت مكانة بارزة في متابعة الشؤون السورية عامة، ودمجها مع الثقافة التركية خاصة، وتميزت في صدورها باللغتين العربية والتركية “. متمنية لصحيفة إشراق مع نهاية عامها الثالث ” دوام التميز المهني والاستمرارية بفريق عملها الحرفي من ذوي الخبرة من صحفيين ومحررين وكتاب”. وهذا يشير إلى أهمية صحيفة إشراق التي أنتجت حالة صحفية جديدة، بين ما يسمى بالإعلام البديل، أو الاعلام المعارض على المستوى السوري.
المصدر: صحيفة إشراق