ثائر عباس – وسوسن ابو حسين
أنهى وزراء الخارجية العرب تحضير جدول اجتماع «قمة تونس» العربية التي ستنعقد الأحد المقبل في دورتها الثلاثين بحضور عدد كبير من قادة الدول العربية، فيما أكّد أمين عام الجامعة أحمد أبو الغيط أنّ الوزراء العرب قرّروا خلال الاجتماع التشاوري والتحضيري للقمة العربية تكليف الأمانة العامة للجامعة العربية بإعداد إطار للتحرك العربي وخطة للتعامل مع الموقف الأميركي الأخير من هضبة الجولان السورية المحتلة.
واجتمع الوزراء العرب ثلاث مرات أمس، لبحث جدول الأعمال المزدحم للقمة، بينها اجتماعان مغلقان، حيث تم التشاور بالبنود التي أقرت في اجتماع المندوبين تمهيدا لرفعها لرؤساء الوفود العربية الذين سيصلون إلى تونس تباعا. وسلم وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف رئاسة الاجتماع إلى نظيره التونسي خميس الجهيناوي الذي تستضيف بلاده القمة. وألقى العساف كلمة أبدى فيها رفض بلاده القاطع لاعتراف الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما جدد رفض الرياض التام واستنكارها للإعلان الذي أصدرته الإدارة الأميركية بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة.
وأكد الوزير العساف موقف المملكة الثابت والمبدئي من هضبة الجولان وأنها أرض عربية سورية محتلة وفق القرارات الدولية ذات الصلة، وأن محاولات فرض الأمر الواقع لا تغير في الحقائق شيئا، وأن الإعلان المشار إليه مخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وللقرارات الدولية ذات الصلة… وستكون له آثار سلبية كبيرة على مسيرة السلام في الشرق الأوسط وأمن واستقرار المنطقة.
وعبر وزير الخارجية السعودي في مستهل كلمته عن شكره لوزراء الخارجية العرب، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ومنسوبي الأمانة العامة، لدعمهم وتعاونهم خلال فترة رئاسة المملكة العربية السعودية للدورة (التاسعة والعشرين) لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة التي أطلق عليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «قمة القدس».
كما أكد الوزير العساف حرص المملكة خلال فترة رئاستها للمجلس وانطلاقاً من إدراكها لمسؤوليتها تجاه متطلبات الأمن القومي العربي على توظيف علاقاتها المتوازية وتحركاتها النشطة على الساحة الدولية، وتنسيق المواقف مع الدول العربية الشقيقة بهدف التأثير إيجاباً في التناول الدولي لقضايا عالمنا العربي، والإسهام في توحيد الرؤى والمواقف العربية تجاه القضايا والمستجدات ذات المساس بالمصالح العربية.
وأكد الوزير العساف أن المملكة لم تألُ جهداً في مكافحة الإرهاب وتقديم كافة أنواع الدعم بالتعاون مع المجتمع الدولي للقضاء عليه، مشيراً إلى أن من أخطر أشكال الإرهاب والتطرف هو ما تمارسه إيران من خلال تدخلاتها السافرة في شؤوننا العربية وميليشياتها من الحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن الذي يحتاج منا التعاون لمواجهته. كما ذكر أن المملكة العربية السعودية ملتزمة بوحدة اليمن وسيادته واستقراره وأمنه وسلامة أراضيه من خلال دعمها للحكومة الشرعية، وترحيبها بالجهود المبذولة من كافة الأطراف لتحقيق ذلك.
وأوضح أن السعودية تعمل على توحيد موقف المعارضة السورية ليتسنى لها الجلوس على طاولة المفاوضات أمام النظام للتوصل إلى الحل السياسي الذي يضمن أمنها واستقرارها ومنع التدخل الأجنبي فيها أو أي محاولات لتقسيمها، مؤكداً في الوقت ذاته الالتزام بإعلان جنيف (1) وقرار مجلس الأمن الدولي (2254).
وقال الدكتور العساف إن المملكة العربية السعودية تدعم مؤسسات الدولة الشرعية في ليبيا، والتمسك باتفاق الصخيرات الذي يمثل خارطة طريق للحل السياسي فيها، ويحافظ على وحدتها وتحصينها من التدخل الأجنبي ونبذ العنف والإرهاب فيها.
وأشار وزير الخارجية السعودي في ختام الكلمة إلى أن هناك حاجة لإصلاح وتطوير منظومة العمل العربي المشترك بما يكفل دعم أمانة الجامعة العربية ومساندتها وتمكينها من أداء المهام الموكلة إليها بكل كفاءة واقتدار للتكيف مع التطورات ومواجهة تلك التحديات. ثم تحدث وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي فأكد أن بلاده عازمة على جعل القمة العربية بتونس منطلقاً لتعزيز العمل العربي المشترك واستعادة العرب لزمام المبادرة في معالجة أزمات المنطقة ومعوقات التنمية.
وشدد في هذا الإطار على المكانة المركزية للقضية الفلسطينية لدى الشعوب العربية والإسلامية والقوى المحبة للسلام، وقال «إنها ستظل على رأس أولويات تونس خلال رئاسته للقمة لتوفير الدعم للشعب الفلسطيني واسترجاع حقوقه وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على أرضه وعاصمتها القدس الشريف وفقا للقرارات الدولية ومبادرة السلام العربية، وعلى أساس مبدأ حل الدولتين».
ودعا إلى إيجاد حل سياسي في ليبيا يؤدي لتحقيق الاستقرار هناك من خلال مساعدة الأشقاء الليبيين على تجاوز خلافاتهم. وقال إن تونس ماضية في إطار المبادرة الثلاثية بالتنسيق مع مصر والجزائر من أجل تكريس حل ليبي – ليبي للأزمة وهي تدعم جهود المبعوث الأممي الدكتور غسان سلامة لإيجاد تسوية في ليبيا. وأشار إلى الوضع في سوريا وما شهدته خلال السنوات الماضية من دمار غير مسبوق ونزوح ملايين اللاجئين الأمر الذي يؤكد أهمية العمل على تسوية سياسية تمكن من الحفاظ على وحدة سوريا ومناعتها وتضع حداً لمعاناة الشعب السوري بما يمكنه من استعادة مكانته على الساحة العربية.
وشدد على رفض تونس للاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان ولا يغير هذا من الوضع القانوني للجولان ولا يترتب عليه أي التزامات.
وقال إن الأوضاع في اليمن تتطلب تكثيف جهودها لدفع مسار التسوية السياسية وفقا للمبادرة الخليجية وضرورة وقف الأعمال القتالية واستئناف الحوار بما يسهم في تكريس الاستقرار في اليمن وعموم الخليج العربي.
ثم تحدث الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط فرأى أن حال العالم العربي، على ما فيه من مشكلات وما يمر به من أزمات، ما زالت كلمته مجتمعة على قضايا لا تقبل مساومة، أو تحتمل تجميلاً أو مُداهنة وأكد أن العرب يرفضون أن يسمى الاحتلال بغير اسمه، وشدد على رفضهم أن «يسمح أو أن يُمنح المحتل شرعية لاحتلاله». وأضاف: «نقول بصوت واضح إن الجولان أرض سورية عربية محتلة بواقع القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن التي رفضت الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان». وتابع: «لقد اجتمعت كلمة العرب أيضاً على دعم الفلسطينيين في نضالهم من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية… قمتنا الأخيرة بالرياض اتخذت من القدس عنواناً لها في رسالة لا ينبغي أن يخطئ أحد فهم دلالتها أو يتغافل عن رمزيتها… ولا قضية تجمع العرب قدر قضية القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة… ويخطئ من يظن أن أزمات المنطقة صرفت الانتباه عن هذه القضية الجوهرية.
المصدر: الشرق الأوسط