سليم النحاس
علمت “المدن” من مصادر خاصة، أن رامي مخلوف، رجل الأعمال السوري وابن خال الرئيس بشار الأسد، افتتح مؤخراً شركة للشحن البري بين سوريا ولبنان.
وتتنوع البضائع التي ستشحنها الشركة بين الألبسة والأجهزة الإلكترونية والغذاء والأدوية وأدوات التجميل والمياه المعدنية، والكثير من المواد المفقودة في الأسواق السورية بعد توقف مئات المعامل، وإيقاف الاستيراد الخارجي. وبحسب الوعود التي قدمها مخلوف لكبار التجار الدمشقيين، فإن ادخال البضائع من لبنان سيكون سريعاً ومنتظماً، من دون أي مشاكل، ما يعني تدفقاً للبضائع وتوفيراً للسلع وانعاشاً للاقتصاد السوري.
إلا أن لمخلوف هدفاً أخر، أكثر أهمية؛ احتكار سوق البضائع المُهرّبة. إذ يأتي افتتاح الشركة، بعد حملة شنتها إدارة الجمارك في الأسواق السورية؛ لسحب البضائع المُهربة واعتقال بعض التجار القائمين على إدخالها إلى سوريا، وإرهاب الآخرين الذين يرغبون بإدخال بضائع مهربة إلى الأسواق.
مصادر “المدن” قالت إن ضباطاً في إدارة الجمارك و”الفرقة الرابعة”، عقدوا اتفاقاً مع رامي مخلوف، لتدبير تلك الحملة بغرض تفريغ الأسواق السورية من البضائع الأجنبية المُهرّبة. وساهمت الحملة بتهيئة المناخ لبدء عمل شركة مخلوف الجديدة في الشحن البري، من دون وجود أي منافس لها. وتزامن ذلك مع إغلاق طرق التهريب من لبنان والشمال السوري، والتشديد على دوريات الجمارك، وتفتيش السيارات القادمة باتجاه دمشق بشكل دقيق، ومصادرة بضائع بعشرات ملايين الليرات السورية.
ولشركة الشحن البري التي أطلقها مخلوف؛ فرعان؛ الأول في بيروت والثاني في دمشق. ولم يُعرف بعد اسمها إذ لم يتم تسجيلها كشركة شحن رسمية في دمشق.
وبدأت الأنباء عن افتتاح شركة الشحن بالانتشار في الأوساط المقربة من مخلوف، وسط أنباء عن قيامها باحتكار تجارة البضائع الأجنبية المُهربة إلى الأسواق السورية، وتأمين الحماية اللازمة للتجار المتعاملين معها وإبعاد الضابطة الجمركية والمكتب السري الجمركي عنهم.
وبحسب مصادر “المدن”، فقد اشترت الشركة مؤخراً أكثر من 10 سيارات شحن كبيرة، لنقل البضائع من لبنان إلى سوريا، فضلاً عن التنسيق مع إحدى الشركات الأمنية الخاصة في سوريا لحماية القوافل بعد عبورها من نقطة المصنع وصولاً للتجار مروراً بحواجز “الفرقة الرابعة” التي تعتبر الأكبر على طريق بيروت–دمشق.
النظام الداخلي للشركة حدد أسعار النقل، ونسبة أرباحه من ثمن البضائع. وبدأت الشركة فعلياً باستيراد الألبسة الجديدة والبالة من بيروت، تزامناً مع ملاحقة كبار تجار البالة السوريين ومنعهم من إدخال أي بضائع من لبنان.
وتتقاضى الشركة مبلغ 60 الف ليرة سورية (الدولار بحدود 570 ليرة)، لكل رزمة بالة، والتي تتراوح قيمتها بين 700 إلى 1000 دولار أميركي، كأجور نقل من لبنان إلى سوريا، مع تأمين الحماية اللازمة للتاجر.
وكنوع من الإغراء للتجار، ستنقل الشركة أي كمية يريدها الزبون مهما كانت كبيرة، وستسلم البضائع للتجار المتعاقدين معها أمام محالهم التجارية في دمشق علناً. وذلك، خلافاً للمهربين القدامى الذين كانوا يشترطون تهريب البضائع على دفعات صغيرة، وتسليمها في مدخل دمشق كبلدات الديماس والصبورة.
ورفعت شركة مخلوف تكاليف نقل الالكترونيات إلى 15% من قيمة الفاتورة، بعدما كانت تتراوح بين 8 إلى 12% عبر المُهرّبين السابقين. والفارق هنا، أن شركة مخلوف تؤمن الحماية للبضائع، وتمنع الجمارك من التدخل، مهما كانت الكمية.
تكاليف نقل المواد الغذائية التي تعتبر أساس العمل، وأكثر المواد تداولاً نظراً لارتفاع استهلاكها وانحدار جودة المنتجات المحلية السورية، شهدت تخفيضاً في شركة الشحن؛ إذ ستتراوح النسبة بين 8 إلى 10% من قيمة الفاتورة، بعدما كان التاجر يدفع قرابة 15% من قيمتها. هذا عدا عن تقديم عروض مميزة لأصحاب الكميات الكبيرة بتخفيض النسبة أكثر من ذلك.
وبدأت الشركة تجربتها مع لبنان، كونها الأقرب والأكثر استقراراً من حيث الحدود والطرقات إلى دمشق، على أن يتم افتتاح فروع أخرى في العراق والأردن، في حال استقر الوضع الأمني أكثر على حدود تلك البلدان.
وبحسب مصادر “المدن”، فإن مخلوف يسعى لابتلاع سوق التهريب من الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة، والذي تدخل عبره البضائع التركية. لكن التأجيل جاء نظراً لوضع المعابر مع المعارضة وتواجد أكثر من قوة عسكرية تتبع لروسيا وإيران في الشمال السوري، فضلاً عن وجود مليشيات كثيرة يمكن أن تحول دون إمكانية تمرير البضائع بسهولة.
افتتاح الفرع القريب من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، يرتبط كلياً بمصير المنطقة والاتفاق الروسي–التركي بخصوص إدلب، وتمكين أطراف السيطرة بشكل واضح.
المصدر: المدن