هبة محمد
تجاوزت فصائل المعارضة المسلحة شمال غربي سوريا مرحلة الصدمة، واستدرجت قوات النظام السوري والميليشيات المحلية والأجنبية الموالية لها، إلى مواجهات داخل مواقعها في معارك استنزاف يحضر لها الطرفان وسط سخونة المشهد الميداني، بينما يحشد النظام السوري مزيداً من قواته لاستعادة المناطق التي خسرها على جبهات ريف حماة، والعمل الحثيث على تأمين الاوتوستراد القريب من نقطة المراقبة الروسية في سقيلبية في ريف المدينة الشمالي الغربي.
وقالت صحيفة «الوطن» القريبة من النظام إن قواته دفعت بأرتال عسكرية أمس تعزيزاً لقواته المنتشرة على محاور ريف حماة الشمالي الغربي، بهدف ترسيخ نقاطها التي تنتشر على تخوم القرى لتأمين أوتوستراد محردة – سقيلبية.
القيادي لدى الجيش الحر المقرب من أنقرة مصطفى سيجري تحدث حول الواقع الميداني مؤكداً أن فصائل المعارضة نقلت «قوات العدو إلى معارك استنزاف» معتبراً في حديث مع «القدس العربي» ان عامل الوقت يصب في صالح المعارضة المسلحة بسبب «عدم قدرة الاحتلال الروسي على تحمل الفاتورة الطويلة، كما انه يعيش حالة من التخبط والارتباك بعدما اعتبر دخول المنطقة نزهة».
ومع تقدم المعارضة يرى القيادي السوري ان موسكو ادركت «حجم الخطأ الذي أوقعها فيه الأسد عندما أقنعها بقدرته على احتلال إدلب والوصول إلى باب الهوى، والواقع الآن يقول بأن النظام ومن خلفه روسيا وإيران وقعت جميعاً في ورطة».
على الصعيد السياسي، مازالت المفاوضات بين كل من تركيا وروسيا متعثرة، وهو ما يعكسه الواقع الميداني الذي يوضح مدى الخلاف القائم، حسب سيجري، الذي أضاف ان روسيا تخشى من أي تقارب تركي – أمريكي، وعليه رفعت سقف المطالب، وتحاول الضغط على تركيا من خلال ملف إدلب والتصعيد الأخير.
وكانت كتبت صحيفة «سيفوبودنايا بريسا» الروسية تقريراً حول ادلب، تحت عنوان «جيش الاسد هُزم في إدلب»، وتحدث المصدر عن خسارة للنظام خلال اليومين الأخيرين تجاوزت 100 مقاتل، وحسب ما ترجم مركز نوس للدراسات فقد عزا التقرير هذه الخسائر «إلى بدء هجوم مضاد كبير من المسلحين، كانت نتيجته اكبر الخسائر للجيش السوري منذ مدة طويلة» مشيراً إلى تطوير الأساليب القتالية لدى فصائل المعارضة التي نجحت في «استعادة السيطرة على عدد من القرى، منها جبين وتل ملح من خلال تكثيف المسلحين لجهودهم في إدلب… التي يوجد فيها في الوقت الحالي أكثر من 30 ألف مقاتل مسلح».
واعتقد الخبير العسكري الروسي أليكسي ليونكوف، «أن الإخفاقات الأخيرة لدمشق ترتبط بعدم كفاية الانضباط في جيش الأسد لاعتماده على تشكيلات المتطوعين». وأضاف «أعتقد ان تصعيد الأعمال القتالية سيستمر في ادلب. فإدلب قنبلة موقوتة ستنفجر عاجلاً أم آجلاً. لقد حاولت جميع الأطراف ان تتفق، لكن اتضح أنه من الصعب ان الاتفاق».
المتحدث باسم جيش العزة – أحد التشكيلات العسكرية المشاركة بقوة في معارك إدلب وحماة – النقيب مصطفى المعراتي قال لـ»القدس العربي» ان المعارك مستمرة دون تراجع، واهم سماتها انها انتزاعت زمام المبادرة وتحول مقاتلو المعارضة خلالها من الدفاع إلى الهجوم بعدما نقلوا المعركة إلى ارض النظام ومواقعه العسكرية الحساسة.
ميدانياً، فشلت قوات النظام مجدداً في التقدم على محور كبانة في ريف اللاذقية على الرغم من الدعم الجوي والبري وخسرت 5 من عناصرها خلال معارك مع فصائل المعارضة، وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان منطقة «خفض التصعيد» شهدت ضربات جوية متواصلة من قبل طيران النظام الحربي وسط غياب طائرات الجانب الروسي عن سماء المنطقة، إذ ارتفع عدد الغارات التي نفذتها طائرات النظام الحربية على أرياف حماة وإدلب واللاذقية إلى 62 يوم الثلاثاء، مستهدفة مناطق في حصرايا والأربعين ومورك والزكاة وكفرزيتا ولطمين والصياد شمال حماة، وتل ملح والجبين شمال غرب حماة والسرمانية بسهل الغاب، وخان شيخون ومحطيها وأطرافها وتل عاس وأرينبة ومعرة النعمان وأطرافها بريف ادلب الجنوبي، بالإضافة لمحور كبانة بريف اللاذقية الشمالي. كما استهدف النظام المنطقة بـ33 برميلاً متفجراً ألقاها الطيران المروحي على محور كبانة في جبل الأكراد، بالتزامن مع قصف المنطقة بنحو 570 قذيفة على محاور القتال في تل ملح والجبين شمال غربي حماة.
ووثق الدفاع المدني السوري مقتل 27 مدنياً بينهم 8 أطفال و6 نساء وأصيب 43 آخرون، من بينهم 12 طفلاً و6 نساء، و3 متطوعين من الدفاع المدني، خلال الأربع وعشرين ساعة الفائتة، جراء تصعيد جديد لقوات النظامين السوري والروسي على أغلبية مناطق الشمال.
والتصعيد الأكبر كان في قرية جبالا في ريف إدلب، حسب فريق الخوذ البيضاء الذي وثق مقتل 12 مدنياً بينهم خمسة أطفال وثلاث نساء، جراء غارة للطيران الحربي بثلاثة صواريخ، كما قتل 3 مدنيين في خان شيخون، و3 آخرون من بينهم طفل وامراة في بلدة معرشورين، وقتلت امرأة وطفلها وأصيب أطفالها الثلاثة في بلدة كفربطيخ، كما قتل رجلان في بلدة معرتحرمة، وطفل في مدينة اريحا. وأصيب ثلاثة من متطوعي الدفاع المدني السوري بجروح، جراء تعرضهم لحادث سير أثناء عملهم على تفقد المواقع المستهدفة بالقصف الجوي في بلدة التمانعة في ريف إدلب، والمزارع المحيطة.
المصدر: القدس العربي