أحمد مظهر سعدو
في وقت ما يزال فيه القتل مستمرًا، وحرب الإبادة والمحرقة الأسدية الروسية متواصلة على أهلنا في ادلب وما حولها، وسط صمت دولي غير مبرر وغير مفهوم، ومع استمرار سياسة القضم والتصعيد المتتابعة، في منطقة يفترض أنها من مناطق خفض التصعيد، التي رعتها الدول الضامنة الثلاث، روسيا وتركيا وايران، والتي باتت مناطق للتصعيد، والقتل، وحرق الأخضر واليابس، والتهجير القسري (الجريمة)، حيث تجاوز عدد المهجرين منذ ثلاثة أشهر ونيف، في ادلب وريف حماة، رقم المليون مهجر يفترشون الأرض، بعد أن نفذت أشجار الزيتون، التي كانت (المأوى الدولي) لمن سبق وتم تهجيره قبلًا.
وسط كل ذلك مازالت أرواح الناس هناك، وأفكارهم معلقة بنتائج قمتين قريبتين، قد يعول عليهما بعض الامكانية لوقف هذه المقتلة، وكبح جماح العدوان الأسدي الروسي المدعوم من ميليشيا حزب الله، ومن معها من ميليشيات طائفية لعراقيين أو أفغان أو ما شابه، فقمة بوتين/ أردوغان المزمعة في 27 آب / أغسطس الحالي، والقمة الثانية للضامنين الثلاثة، المقررة في إسطنبول يوم 16 أيلول / سبتمبر القادم، حيث يتوقع المراقبون أن تنتج القمة الأولى وقفًا لإطلاق النار، بات ضرورة، ليس سياسية فقط، بل ضرورة إنسانية، حتى لا تستمر مسألة كشف عورات الدول الإقليمية والكبرى، التي انكشفت عوراتها، وهي ترى ما يجري لأهالي ادلب، من حرب إبادة فاقت كل تصور، بينما يشيح الغرب والشرق بناظريه، عمدًا عن كل ما يجري. وإذا كان اتفاق سوتشي الموقع بيتن تركيا وروسيا في أيلول / سيبتمبر عام 2018، قد أضحى آيلاً للسقوط كلية، إن لم يكن قد سقط فعلًا، على الأرض، جراء كل هذا الخرق المتواصل له، حيث يشير المراقبون إلى احتمالية إعادة صياغة جديدة لبنود اتفاق سوتشي الخاص بإدلب، الذي كاد أن ينهار بعمومه، في وقت تصر فيه الدولتين الموقعتين عليه، على القول بأنه مازال حيًا، وهو لم يعد كذلك، إلا في أروقة الخارجيتين الروسية والتركية.
اتفاق سوتشي اليوم يحتاج إلى الكثير من التوقف عنده، وهو الذي لم يتمكن من وقف سيلان أنهار الدماء الزكية التي تراق من الشعب السوري، ولم يستطع إيقاف تلك الجريمة الانسانية / جريمة العصر التهجيرية، التي يسميها أدعياء التبخير للنظام السوري وإيران عسفًا ( الهندسة الديمغرافية) ، ويسميها المجرم بشار الأسد (تجانسًا سكانيًا)، في عملية تغطية فاجرة لكل أنواع الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، الذي فاق عدد شهدائه جراء الحرب الأسدية عليه المليون شهيد و 400 ألف معتقل، لكن اتفاق سوتشي سيء الذكر، الذي آل إلى ما آل اليه، مازال يصر راعييه على فتح طريقين استراتيجيين واقتصاديين هما 5 m و 4 mوهما طريقان يربطان حلب بدمشق، وحلب باللاذقية، ويبدو أن الروس مازالوا يصرون عاجلًا أم آجلاً على فتح هذين الطريقين سلمًا أم حربًا ، وما زال اتفاق سوتشي يتم الاستناد إليه في هذه المسألة ، يضاف إلى ذلك إخلاء طرفي الطريقين من كل الفصائل السورية المعارضة المسلحة، التي يقلق وجودها الضامنين الروسي والإيراني على حد سواء.
ضمن هذه السياقات ماتزال مصائر ادلب غامضة، ومازال التخوف من استمرار المقتلة وعملية القضم الأسدي للأراضي متواصلة بعد خان شيخون وريف حماة الشمالي، في ظل منع المعارضة من امتلاك أسلحة مضادة للطيران، وهو قرار أميركي بامتياز، وفي ظل تعويق وصول أسلحة حديثة وميدانية للثوار، بينما يمتلك الطرف الآخر كل أنواع وأصناف الأسلحة الروسية الحديثة، والتي أعلن الرئيس الروسي بوتين غير مرة أنه يقوم بتجريبها على الشعب السوري، وسط صمت مريب وشريك من العالم أجمع.
واذا كانت هذه الحرب العدوانية المجنونة على الشعب السوري، ماتزال متواصلة، ولا تحرك ساكنًا لدى النظام العربي الرسمي، وهو الذي يدعي الوقوف إلى جانب الشعب السوري ضد جلاديه، من نظام أسدي فاجر، ودولة احتلال إيراني فارسي، وآخر روسي بوتيني، إلا أن الوقائع على الأرض لا تشير إلى أية عملية تفاؤل جدية، بالنسبة للعرب أو الدول الكبرى، وما يزال العدوان مستمرًا، وماتزال الدماء السورية تروي أرض سورية الحرة باتساع الجغرافيا السورية، أو التي أرادت أن تكون حرة وكريمة، فكان ما كان من حرب للمغول والتتار الأسدي الإيراني الروسي لم يشهدها العصر الحديث، ضد الشعب السوري، الذي لا يمتلك إلا إيمانه الذي لا يتزعزع بثورته، وحريته التي ما يزال مستمرًا بها، في الوصول الى مبتغاه، رغم كل حالات التخلي والخذلان العربي والإسلامي والدولي.
المصدر: المدار نت