أحمد مظهر سعدو
إذا كان هناك من مصفوفة للإرهاب العالمي (المعولم)، باتت تلف الإقليم بل العالم برمته، وإذا كان هناك من عمل (عصبوي) يمتح من معين الإرهاب كل حاجياته وامكانياته، فإن إرهاب الدولة الأسدية المنظم، بات وبكل فداحة وفجور أعلى مراحل الإرهاب وأشنعه، وهو بهذا المعنى يطاول في حيثياته وممارسته للإرهاب كل ما جرى، وجل ما تغير في واقعنا السوري، من منطلق أنه الإرهاب المنظم، القائم على نظام طائفي فاسد ومجرم، والذي يتكئ على مشروع ملالي إيراني غدا وبكل وضوح، قاب قوسين أو أدنى من التحقق والانجاز، وهو الذي ما برح يقوم على سياسة القتل والحرق والاعتداء على إنسانية الانسان، وهدر كرامته، ومحو الحضارة الإنسانية المتجمعة عبر الزمن، ضمن أتون المعطى (المؤنسن)، وداخل أنساق المجتمعات العربية برمتها، التي تتماهى مع حضارة وفكر حضاري إنساني إسلامي، ما انفك ينشر نثراته الحضارية على العالم بأسره، وذلك منذ بزوغ فجر الرسالة الإسلامية المحمدية، وحتى يومنا هذا.
ولعل السياسة الأسدية التي جاءت ضمن بواعث التغول الإرهابي الذي بني على سياقات سرقة السلطة، واختطافها، وإلغاء السياسة المدنية الديمقراطية من المجتمع السوري، وحرمان الشعب السوري من كل منتجات العصر الحداثي، عبر اعتداءات متواصلة منذ حكم الأسد/ الأب، على العقل الجمعي السوري، وعلى كل ما هو قيمي وأخلاقي في ثنايا المجتمع السوري، بدعوى تحرير فلسطين تارة، وادعاء مناهضة (الامبريالية) تارة أخرى، وتحت ذريعة محاربة التطرف تارات وتارات، حتى بات الواقع السوري، يعيش ما يعيشه اليوم من قتل أسدي يومي بالبراميل، والصواريخ، والكيماوي، وتهجير قسري لأكثر من نصف الشعب السوري، ليصبح في العراء وعلى قارعة الطريق، ولتأتي كل عصابات العالم الطائفية، وتشارك بهذه المقتلة الشنيعة، مع دولة الملالي الإيرانية، وبمؤازرة فاضحة وكاشفة من دول كبرى كالاتحاد الروسي، لتسقط معهم كل دعاوى الحضارة والمدنية، وليدرك العالم الصامت، والصامت شريك، أن نظام الأسد كان وما زال هو الإرهاب بعينه، إذ لا يستقيم الحديث عن الإرهاب الداعشي أو سواه، ويبقى المجرم الأسدي صانع الإرهاب الداعشي، ومخترع الكيماوي، طليقًا، حيث لم يحصل بالتاريخ الحديث للشعوب في العالم، أن قتل نظام سياسي شعبه الذي (يُفترض أنه يقود شعبه إلى بر الأمان )، بالكيماوي أو صواريخ الكروز، أو البراميل، حيث يُجيَّر كل السلاح الروسي الحديث الذي تم شراؤه يومًا، من أجل تحرير الجولان وفلسطين، وإذ به يكدس ليوم مشهود، هو يوم قتل الشعب السوري، وحرقه بأصناف من الأسلحة، فاقت كل ماهيات الحداثة التقنية والتكنولوجية.
بكل تأكيد فإنه لا غرابة كبيرة فيما آلت إليه الأمور على يد المجرم بشار الأسد، وهو ابن أبيه، في القتل والإجرام، بينما مازالت رائحة الأجساد المحروقة في حماة تزكم الأنوف، مما جرى على يديه عام 1982، ومازالت مجازر معرة النعمان، وجسر الشغور، ومقبرة هنانو في حلب، وجل المناطق التي تحركت ضده، ومجازر سجن تدمر، تفقأ كل عين، فقد بني هذا النظام على الإجرام، والأحقاد التي مازالت تنخر في الواقع الاجتماعي السوري، وسوف تترك آثارها المستقبلية على مدى عقود وعقود من الزمن، في وقت نجد فيه أننا كشعب سوري، بكل تلوينات الطيف، وكل أثنياته، يحتاج إلى مزيد من العمل لبناء عقد اجتماعي جديد ومتجدد، يستوعب الجميع، ويعيد بناء ما تم تخريبه داخل البنية المجتمعية السورية، يعيد صقل الهوية الوطنية الجامعة، التي تعتمد على جماع الكتلة التاريخية برمتها، دون اقصاء أحد، لأنه لا مخرج من هذا العثار الكبير الذي نعيشه في واقعنا السوري إلا من خلال الابتعاد عن كل ما اعترى آننا السوري من عسف وقتل وممارسة فاجرة للأحقاد، التي يبدو أنها جاءت من أفكار، ليست منبثقة من بنياننا السوري، ومن ثم ضرورة تجاوز إرهاب السلطة / العصابة الأسدية، ليتجمع كل السوريين وجميعًا، على أسس جديدة ، وقيم عصرية ديمقراطية حداثية عصرية، تتمكن من كنس كل أنواع الضيم والعسف الأسدي وسواه، وصولًا إلى سورية الوطن الحر الكريم، بلا آل الأسد، وبدون سجون القهر وآلة بطشه، لتعيش سورية الحديثة هذه مع محيطها العربي والإسلامي بود وحضارة واخترام متبادل، ولتساهم في حمل مشعل الحضارة من جديد وهو الذي لا ينضب أبدًا.
المصدر: صحيفة اشراق