أحمد مظهر سعدو
بعد اتفاقات وتوافقات سوتشي الأخيرة، بشأن (المنطقة الآمنة) شمال سورية، ومصائر عملية (نبع السلام) التي شارك فيها الجيش التركي مع الجيش الوطني السوري المعارض، وبعد مقتل زعيم تنظيم (الدولة الإسلامية/ داعش) أبو بكر البغدادي في (باريشا) شمال إدلب، تتبدى على السطح الكثير من التخوفات في إدلب وما حولها، ويستشعر أهالي المحافظة أن هناك الكثير مما يدبر في ليل، للانقضاض على إدلب، تحت دعوى القضاء على الإرهاب، وقد بدأت كما يبدو عمليات القصف الروسي الأسدي على إدلب، ومن ثم نحو مزيد من القتل والتهجير، لما هو موجود من مدنيين داخل أسوار المحافظة الخضراء، التي باتت تضم بين ظهرانيها ما يزيد عن 3 ملايين إنسان سوري، جاء بهم رأس النظام السوري المجرم بشار الأسد تهجيرًا قسريًا من كل أصقاع وجغرافيا سورية المكلومة.
السؤال جدي والمتداول بقوة في أوساط السوريين اليوم. ماهي مآلات الوضع في إدلب وإلى أين؟ إلى أين تمضي ضمن نتائج سوتشي، وفي سياق استمرار العدوان الروسي الأسدي الإيراني على أهلنا في إدلب وما حولها؟ وهل ستشهد إدلب اجتياحًا روسيا أسديًا جديدًا؟ وما هو موقف الدول الإقليمية من ذلك؟ وكذلك الدول الكبرى التي تدعي حماية حقوق الانسان، ونصرة المظلومين؟ أسئلة برسم المستقبل القريب جدًا. وكذلك أجاب عليها بعض الباحثين والسياسيين السوريين المعنيين بالوضع في ادلب والسوري بشكل عام.
المعارض السوري السيد محمد عمر كرداس أكد للمدار نت بقوله ” أُهمل موضوع إدلب في محادثات سوتشي الأخيرة بين الرئيسين أردوغان وبوتين، مع أن الرئيس التركي نوه في تصريحاته إلى أن الوضع باق كما هو. ولا شك أن الوضع في إدلب خطير جدًا من حيث أنها منطقة محاصرة ومحرومة من الخدمات الأساسية، وتخضع لعمليات قصف يومية وقضم أجزاء منها، مما يعيد نزوح النازحين، ولجوء اللاجئين، وتشريد سكانها وحرمانهم من أدنى متطلبات الحياة، وكل الاتفاقات القديمة لم تجد طريقًا للتنفيذ، فالروس مازالوا يمارسون قصف البنية التحتية وتدميرها، والمسلحين من عناصر النصرة وغيرهم من المتشددين مازالوا رافضين تسليم أسلحتهم الثقيلة.” ثم قال ” في إدلب اكتظاظ سكاني كبير، لاستقبالها أعدادًا كبيرة من المدنيين والمسلحين من مختلف المحافظات، ويجب استبعاد الحل العسكري لمشكلة ادلب لكون هذا الحسم سيشكل كارثة بكل المقاييس. يجب أن يكون الحل سلميًا، وبتصوري أن الأطراف الفاعلة على الأرض قادرة على مثل هذا الحل، ولا أفهم لماذا تبقى مشكلة إدلب بدون حل”. لكنه تابع يقول ” إن الحل العسكري في سورية لن يكون حلًا بل سيُعقِّد المشكلة، وعندما جاء بوتن بتدخله العسكري وعد بإنهاء المشكلة خلال أشهر وهي التي امتدت إلى سنوات، وليس من حل في الأفق إلا إذا كان هناك تصد من بعض الأطراف لاستمرار المسألة لفرض حلول غير منطقية وغير ناجعة كما حدث في جميع المحافظات.
إدلب بملايينها الثلاثة أو يزيد ستكون عارًا جديدًا على رعاة الحل إذا بقيت بدون حل، وبتصوري ستستمر لمدى بعيد، لأن كل الفاعلين على الأرض غير متأثرين باستمرار المسألة ماعدا شعبنا هناك، الذي تزداد معاناته يومًا بعد يوم”.
أما الباحث السوري حسن الشاغل فقال للمدار نت ” بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من شمال سورية، وتثبيت مواقعها في مناطق النفط وعلى الحدود العراقية السورية، حيث تعمل أميركا على عدم ترك الحدود الجغرافية فارغة بين إيران وشرق المتوسط، حيث أصبح التواجد الأميركي على الحدود السورية العراقية بالإضافة إلى منطقة (التنف) منطقة مراقبة أميركية على المنطقة ومجالها الجوي، بالإضافة لحرمان النظام من البترول الموجود في محافظة دير الزور.
وأصبحت روسيا هي الدولة الأكثر تأثيرًا على الأرض السورية من خلال تواجدها العسكري الكبير وتحكمها بقرارات النظام السوري. ويبدو أن روسيا تسعى للسيطرة على كامل الأراضي السورية من خلال العمليات العسكرية أو من خلال اتفاقات على غرار الاتفاق مع قسد وتركيا في منطقة شرق الفرات “. ثم أردف قائلًا ” أظهرت الأحداث الأخيرة أنه يوجد اتفاق دولي على تصفية كافة أشكال المليشيات في سورية. وتسعى روسيا الآن ومن ورائها قوات النظام والمليشيات الإيرانية إلى القيام بعمليات عسكرية محدودة، تقوم على قضم بعض المناطق في إدلب وخاصة على الطريق الدولي. وسوف تستغل روسيا مخاوف تركيا من تواجد قوات (قسد) على الحدود وعقد اتفاقات معها، من أجل طرد قوات (قس)د مقابل القيام بعمليات عسكرية في إدلب، بالإضافة إلى السيطرة على أجزاء من مناطق شرق الفرات، وقد كانت هناك رسالة روسية لتركيا عند الاجتماع في سوتشي، وزيارة المجرم الأسد إلى ريف ادلب. تركيا لن تستطيع تحقيق مكاسب كبيرة في ادلب، وأكبر مكسب يمكن أن تحققه هو تأجيل العملية العسكرية على إدلب، بسبب أن تركيا الآن تواجه ضغوطات كبيرة من دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأميركية.”
من جهته قال المحامي السوري أحمد الجراح للمدار نت ” الحقيقة أن مصالح الدول اللاعبة في القضية السورية تأتي أولاً وتباعًا. الهاجس الأساسي لتركيا هو وجود المكون الكردي على حدودها. ويلتقي ذلك بهدف سيطرة روسيا والنظام على ما تبقى من الأرض السورية وهي إدلب والحجة متوفرة لدى كل الدول بقناعات مختلفة وهو وجود (هيئة تحرير الشام) في تلك البقعة الجغرافية، وهذا لا يستطيع أحد إنكاره، ولا تستطيع أي دولة (بما فيها تركيا) منع وحماية بقعة جغرافية تواجدت بها جماعات مصنفه إرهابيًا. حتى أهالي المنطقة تململوا من وجدود ايديولوجيات مختلفة كليًا عنهم، لذلك لا نستبعد اجتياح المنطقة وحرقها بحجة وجود جماعات إرهابية فيها. حمى الله إدلب وأهلنا في سورية.”
المصدر: المدار نت